ترتبط «دراما رمضان»، من جهة، ب«نجوم» صاروا «ماركاتٍ مسجَّلةً» حيث «تتهافت» على الظفر بفرصة عرض أحد أعمالهم خلال رمضانَ جلّ القنوات العربية، بشكل يلامس حدود المبالغة والإسفاف.. ومن جهة أخرى، ترتبط هذه الأعمال «الرمضانية» باستحواذ شركات الإعلان (الإشهار) على حصص زمنية متفاوتة من مساحة هذه المسلسلات و«السّيتْكومات» وهلُمَّ «دْراما»!... في هذا الإطار، وفي أول أيام رمضان، والذي صادف يومَ الخميس، 12 غشت، خصّصتْ إذاعة «بي. بي. سّي. إكسترا أرابيكْ» حلقةَ اليوم من برنامج «حديث الساعة»، التي قدّمتْها الإعلامية حنان مسلّم، والتي أعيد بثُّها على أثير «كازا إف. إم.» مساءَ اليوم نفسه، لمقاربة موضوع الإقبال المحموم للقنوات التلفزيونية العربية على عرض «دراما رمضان»، في ظل تزايد «استحواذ» الشركات المعلِنة على مساحات ما فتئت تتسع من مدة العرض، لتسيء إلى جمالية العمل وإلى تسلسل أحداثه... جمال سليمان، الفنان السوري المعروف، قال في تدخُّله إن مسألة «طغيان» الممثلين «النجوم» على فكرة العمل «أمر غير محمود، للعمل نفسه، للنجم وللجمهور أيضا». كما أن «تناسل» الأعمال الفنية في رمضان، في رأي سليمان، يعود إلى «كون المحطات العربية تدفع مقابلا زهيدا جدا في مواسمَ خارج هذا الشهر».. كما لم تَفُتْهُ الإشارة إلى أن «أعمالاً بسيطة، وأحيانا، «سطحية»، بكل المقاييس، قد تحظى بنِسَب تتبُّعٍ مرتفعة، ما دامت تُوفِّر قدرا من التسلية يساير مزاج الجهور».. وإنْ كانت الأعمالُ الجادّة وذات الحمولات الثقافية والفكرية هي التي تبقى للتاريخ وتَرسُخ في ذهن المُشاهدين»... أما الناقد اللبناني إبراهيم العريس فاعتبر أن «هيمنة» شركات الإعلانات (الإشهارات) على دراما رمضان شيء عادي، في نظره، ما دام أن الأمرَ يتعلق برأسمال يوظِّفه أصحابه في هذه الأعمال ويجب أن يربحوا من وراء ذلك الاستثمار».. وبما أنه ليس هناك رأسمال «غبيّ»، يتابع العريس، «فإنه لا مجال للخسارة في حسابات هؤلاء المستثمرين، لأنهم عند أول خسارة سوف يتوقّفون»!... كما أشار العريس إلى أن «المسلسلات التي حقّقتْ أكبرَ قدر مم النجاح هي التي حظيت بأكبر قَدْر من اهتمامات النُّقّاد».. وذكر الناقدَ الفني أنه إذا كان علينا أن نكُفَّ عن «اتهام» المنتِجين، لأن هؤلاء لا يمكنهم أن يقدِّموا لنا «هدايا»، فإن «تقطيع» هذه المسلسلات يبقى خاضعاً لرغبات أشخاص «فهلوِيّين»، بتعبير العريس، «يفعلون» ما يريدون بهذه الأعمال، بعشوائية، عكسَ ما هو معمول به في الغرب، حيث هناك اختصاصيون يكلَّفون بمهمة «توزيع» الإعلانات على فقرات العمل المعروض... الممثل المصري هاني رمزي، ذكر في تدخله أنه «يستحيل على المُشاهد العربيّ، أن يتابعَ هذا الكم الهائل مما يُعرَض خلال رمضان، مهما كانت «قدُراتُه» أو فراغ وقته».. ليخلُصَ إلى أن «في مراكمة الأعمال الفنية بهذا الشكل في رمضان بالتحديد هي إهدار لقُدرات الفنانين والاستثمارات، كما تنطوي على «خداع كبير» للمعلِنين (المستشهرين)»... وإذا كان وجود الإشهار مُهمّاً، يقول رمزي، «فإن «المبالغةَ» فيه تدفع بعضَ نجوم الدراما إلى رفضه، لأنه، في رأيهم، يقطع التسلسلَ الطبيعيَّ لأحداث العمل».. لكنّ هؤلاء «النجوم» يضطرون، في الغالب، للاستسلام «للأمر الواقع»، ما دام أنه، في غياب هؤلاء المعلنين (في الأعمال المصرية نموذجا)، سيُطرَح مشكل غياب بديل باستطاعته تمويلَ هذه الأعمال وإخراجَها إلى الوجود... من جهته، ذهب عبد المعطي بيومي، عضو مجمَّع البحوث الإسلامية في الأزهر، إلى أن «التسلية» قديمة، إلا أنها كانت تحرص على «الاعتدال»، وذهب إلى أنه «يجب برمجة هذه الأعمال في أوقاتٍ غيرِ وقت إحدى الشعائر الدينية».. كما قال «إن بعض المعلِنين يعملون على مخاطبة غرائز المشاهدين، من خلال اللعب على وتر الجنس».. كما أن بعض المسلسلات، حسب قوله «تستغلّ الدينَ من أجل التّكسُّب، إذ يكون المسلسل ذا مسحة دينية، بينما يلجأ إلى الإعلانات، بشكل «يفضح» غرض منتِجه الحقيقي»، الذي هو الربح المادي ولا شيءَ غيرُه... وإذا كان «من غير الممكن الإلغاءُ الكُلّيُّ للإعلانات، فعلى الأقلّ يجب الرُّقِيُّ بمستوى هذه الأعمال»، يقوم بيومي، الذي ناشدَ المنتِجين، في نهاية تدخُّله، «بألاّ ينسَوا رسالتَهم الثقافيةَ وبألاّ «يُضحُّوا» بها من أجل مصالحهم المادية»!...