ما يقارب المئة وخمسين من الأعمال الدرامية والفكاهية وغيرها تقدمها القنوات العربية، أرضية وفضائية في شهر رمضان، مما يجعل المتفرج حائرا أي الانتاجات تستحق المتابعة، وهو ما أثار العديد من الانتقادات، حيث اعتبر النقاد والمتتبعون، أن تركيز القنوات العربية على شهر رمضان بالتحديد لتقديم هذا الكم الهائل من المسلسلات مع ما يستتبع ذلك من تكاليف باهظة، اختيار غير صائب لأن السنة قوامها احد عشر شهرا، وليس شهر واحد فقط، كما أن اصطفاف العشرات من النجوم وسط هذه الزحمة الرمضانية لتقديم أعمالهم، يعتبر محرقة لهؤلاء، ومغامرة نتائجها غير مضمونة. لكن خلف هذا المعطى، هناك حقائق أخرى غالبا ما يتم تجاهلها، فرمضان يعتبر بالنسبة لمختلف القنوات التلفزية طبق دسم، يدر أرباحا قد توازي، إن لم تكن تفوق، ما تجنيه من أرباح في الشهور الأحد عشر الأخرى. وتكفي إطلالة على الفضائيات العربية بمختلف انتماءاتها ، ليلاحظ المشاهد الكم الهائل من الإعلانات التي تبث خصوصا في فترة الذروة ، للوقوف على كم الأرباح التي تجنيها. فالمسلسلات والسيتكومات التي تعرضها القنوات العربية ، بما فيها المغربية، تتجاوز الحيز الزمني المألوف والقانوني ، الشيئ الذي جعل عدد من المتتبعين يعتبرون أن ما تقدمه هذه القنوات في الواقع، عبارة عن وصلات إشهارية متواصلة ، تتخللها مقاطع من هذا المسلسل أو ذاك البرنامج. فالمشاهد المغربي أو المصري أو اللبناني، عندما يجلس قبيل الإفطار وبعده ليشاهد قناته المفضلة، يشعر بكثير من الملل أمام كثرة الإعلانات التي تفسد عليه متابعة مسلسل أو سلسلة ما، مما يضطره إلى تغيير القناة مرارا وتكرارا في انتظار انتهاء الوصلات الإعلانية الطويلة. وإذا كان من الصعب تبرير هذا الكم الزائد عن اللزوم من الوصلات الإعلانية، فإنه يمكن تفسيرها، بتسابق المعلنين خلال هذا الشهر لاقتناء مساحات واسعة من هذه القناة أو تلك، معرفة منهم أن نسبة المشاهدة في رمضان ترتفع بشكل ملحوظ. والحقيقة فإن القنوات التلفزية لا يهمها رأي المشاهد وإحساسه، بل ما يهمها في ذلك، الربح ولا شيئ غير الربح ، حتى لو تجاوزت في ذلك كل الضوابط. ليست الإعلانات وحدها التي تسيل لعاب القنوات التلفزية في رمضان وتفسح لها المجال الكامل على حساب قيمة وجدوى ما تقدمه للمشاهد من أعمال، فهناك أيضا برامج المسابقات، التي تعتبر نافذة أخرى للربح الوفير في هذا الشهر الكريم. فالمسلسلات والبرامج التي تقدمها ، تتخلل أغلبها «مسابقات» موجهة للمشاهد ، وإغرائه بربح تلفاز، سيارة أو مبلغ مالي ...فما عليه سوى بعث رسالة قصيرة عبر الsms أو الاتصال برقم هاتفي، غالبا ما تكون تسعيرة الاتصال به جد مرتفعة، وبالتالي فإنها تربح من عرض منتوجها مرتين، المرة الأولى عبر الإعلانات التي تتخللها والثانية عبر المسابقات الموازية له، كما تفعل القناة الثانية دوزيم، مع السلسلة التافهة المسماة «نسيب الحاج عزوز» مثلا. وهكذا يتضح أن رمضان مورد لا ينضب للربح، ولذلك نرى هذا التدافع والتسابق لعرض هذا الكم الهائل من الأعمال، ليس لمصلحة المشاهد وإنما لجنى الأموال الطائلة، حتى لو كان ما تقدمه عبارة عن أعمال مرتجلة بلا قيمة كما هو حال قناة لبريهي وعين السبع.