دعا عبد الكبير العلوي المدغري، المدير العام لوكالة بيت مال القدس، الدول العربية والإسلامية إلى الالتزام بالقرارات المتخذة بشأن دعم القدس الشريف، موضحا أنه وجه العديد من الرسائل وعقد الكثير من اللقاءات مع مسؤولين في الدول العربية والإسلامية دون نتيجة. وذكر المدغري، خلال ندوة صحافية نظمت أول أمس في الرباط، بمناسبة إطلاق الحملة السنوية لجمع التبرعات لفائدة القدس الشريف رمضان 1431، أن التبرعات، من فاتح يناير إلى نهاية يونيو من سنة 2010، كانت مغربية صرفة، وبلغ حجمها 64.5 مليون درهم، منها 58.5 مليون درهم من الحكومة المغربية و4.5 ملايين درهم تبرعات من المؤسسات المغربية والعربية و1.7 درهم تبرعات الأفراد المغاربة. وحول دواعي عدم إقدام الدول العربية والإسلامية على منح تبرعات للوكالة خلال هذه السنة، قال المدغري: «قد يكون هناك تقصير من طرفنا في التعريف بمنجزات الوكالة، وهذا ما يقوله لنا كل من زرناهم، لكن تبين أن الأمر لا يتعلق بالتقصير بل بموقف، لأنهم عندما تعرفهم بالمنجزات لا يصلنا منهم أي شيء، وعليهم أن يدركوا ما تجتازه مدينة القدس في الظرف الحالي، من أزمة خطيرة، وما تتعرض له من تهويد وتهديد في وجودها، ولا نريد أن يسجل التاريخ أي تخاذل أو إهمال على أمتنا العربية والإسلامية». وقدم المدغري مثالا على تقاعس الدول العربية في الدعم، قائلا: «زرت الرئيس الليبي معمر القذافي وقدمت له عرضا حول منجزات الوكالة في القدس، وأبدى حماسه، واعتبر أن هذا العمل يستحق الدعم وقال لي: سأدعمك، ولما شكرته، رد علي أنه لا داعي لذلك، فهذا واجب... ومنذ ذلك اللقاء، لم أتوصل منه ولو بدرهم واحد». وتطرق المدغري لسياسة الوكالة المدنية التي تعمل على مقاومة التهويد بطرق سلمية وغير مباشرة، عبر تنفيذ مشاريع اجتماعية وثقافية لفائدة المقدسيين. وستقوم الوكالة بتأسيس مجموعة الدعم والنصرة التابعة لها والتي تتشكل من شخصيات عربية وإسلامية ودولية معروفة، من أجل حشد الدعم الرسمي والشعبي للوكالة، بعد تشكيل مجموعات عمل رسمية. وبخصوص أسباب ضعف قيمة تبرعات الأفراد مقارنة مع الحكومة والمؤسسات، قال المدغري: «هناك حملات تحسيسية تنظم لأجل جمع التبرعات، ولكن لا ينبغي أن ننكر أن الظروف السياسية العربية والإسلامية والانقسام الفلسطيني له تأثير سلبي على نفسية الشعب المغربي». ومن جهة أخرى، تواصل الوكالة اقتناء العقارات في إطار مشروع إحياء أوقاف المغاربة، إذ أبرز مديرها العام أن العديد من أوقاف المغاربة اغتصبت من لدن الاحتلال الإسرائيلي، وسيتم بناء حي جديد للمغاربة في القدس الشريف. وتأمل الوكالة رفع رقم الاستثمارات إلى ما يقارب 30 مليون دولار سنة 2011. ويحتل قطاع الصحة الرتبة الأولى بالنسبة إلى المشاريع قيد الإنجاز لسنة 2010، بنسبة 38 في المائة من المجموع، يليها قطاع التعليم، بنسبة 20 في المائة، ثم قطاع الإسكان وشراء الأراضي والعقارات، بنسبة 17 في المائة، أما قطاع الشباب والرياضة والثقافة فيمثل نسبة 14 في المائة، إضافة إلى قطاع الأعمال الاجتماعية، بنسبة 11 في المائة. ومنح الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، خلال شهر أبريل الماضي، الوكالة شيكا عبارة عن مساهمة إضافية من المغرب في حسابات الوكالة، بمبلغ 50 مليون درهم. كما وافق الملك على برنامج كفالة اليتيم، والذي سيسهم خلال المرحلة الأولى في التكفل ب500، يتيم بمبلغ إجمالي يقارب 500 ألف دولار سنويا. وأكد عبد الحميد بربر، ممثل الوكالة في القدس، الذي تابع الندوة الصحافية عبر الأقمار الاصطناعية، رفقة فلسطينيين مسؤولين عن مواكبة المشاريع هناك، أنه تم حصر لائحة اليتامى الذين سيستفيدون من هذا البرنامج، وسيُفْتَح لكل واحد منهم حسابه الخاص في البنك، لتلقي المبلغ المحدد مباشرة دون حاجة إلى وسيط. يذكر أن سنة 2009 عرفت تبرعات دول عربية على عكس سنة 2010، بلغ حجمها 3.1 ملايين دولار، موزعة على السعودية ب1.1 مليون دولار، والبحرين ب1.9 مليون دولار. وستنظم الوكالة الجائزة الدوليةَ لأحسن لوحة زيتية حول القدس الشريف، خلال سنة 2010، على أن يتم تخصيص مسابقة 2011 لأحسن أغنية عن القدس. جدير بالذكر أيضا أن الوكالة التي يحتضنها المغرب، تواجه تحديات كبيرة في المدينة المقدسة، على خلفية الانتهاكات الإسرائيلية للتراث المقدسي الإسلامي، ولذا، فقد أقدمت على شراء عدة قطع أرضية ومنازل لفلسطينيين في القدس، مهدَّدين بالطرد من قِبَل القوات الإسرائيلية. وفي سياق متصل، واصلت إسرائيل، في اليومين الماضيين، جرف عشرات القبور في مقبرة «مأمن الله» الإسلامية في القدس، من أجل إكمال بناء مشروع إسرائيلي ترفيهي. وقد جرفت ليلة الأربعاء الماضي عشرات القبور، في ظل منع الصحافيين والمصورين من تصوير الهدم والتجريف، علما أن عشرات القبور التي تم جرفها، والتي يعود تاريخها إلى مئات السنين، تضم رفات أكثر من 70 ألفا، بينهم صحابة وتابعون وشهداء معارك ضد الصليبيين. وقد نبشت إسرائيل، حتى الآن، حوالي 95 % من القبور، وتقدر المساحة المتبقية من المقبرة ب19 دونما، من أصل 200 دونم.