«رغم أن هذه المنطقة تزخر بعدة مؤهلات طبيعية تتمثل في مواقع سياحية وأركيولوجية وجبال سامقة وغابات وارفة وواحة بديعة وعيون لا تنضب تؤهلها لاحتلال مكانة جد مهمة على الصعيد الوطني في المجال السياحي، خاصة السياحة القروية والجبلية، فإنها لم ترق بعد إلى مصاف الجهات التي تستقطب السياح الأجانب وحتى المغاربة من أبناء الجهة أو من الوطن»، يوضح (مصطفى ن.) أحد الأساتذة الباحثين في الجغرافيا المغربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بمدينة وجدة. يقع منتجع كفايت على بعد 24 كلم من مدينة جرادة و82 كلم من مدينة وجدة ويعتبر من المنتجعات الهامة والجميلة المشهورة بوفرة مياهها العذبة المتدفقة من عيون جبلية منعشة, إضافة إلى اختراق المنطقة من طرف «الواد الحي» الذي هو جزء من «وادي زا», الذي يعبر إقليم تاوريرت ويعد من الروافد الأساسية لنهر ملوية، يصطف على ضفافه المصطافون ويستحم البعض في مياهه المتدفقة. تحيط بكفايت غابات وارفة من الأشجار الكثيفة تحتضنها جبال سامقة، إضافة إلى مسبح جبلي تطعمه مياه طبيعية متجددة تخرج من جوف الجبال وتصنع شلالات تنعش مياهها السائحين المستمتعين بفترات استراحة بالمقاهي والمطاعم الشعبية التي تقدم وجبات، بدءا من الدجاج مرورا بالطاجين ثم الشواء، في متناول الجيوب وتراعي قدرة السائح, حيث نجد الأثمنة تتراوح بين 20 درهما و50 درهما إلى 100 درهم للفرد الواحد، في الوقت الذي تقدم أطباق عائلية بأثمان جدّ مناسبة، مطاعم ومقاه متواضعة هي استثمارات محلية لسكان المنطقة البسطاء. وتستقطب المنطقة أكثر من 70 ألف سائح خلال فترة الصيف، أي بمعدل 2500 سائح يوميا من الأسر المغربية من مختلف مناطق الجهة الشرقية وحتى من الغرب، إضافة إلى بعض السياح الأجانب خاصة من بلجيكا وفرنسا وبعض الجمعيات الأجنبية التي تزور المنطقة وتقدم أنشطة اجتماعية وفنية بحكم وجود علاقات مع جمعية گفايت للثقافة والتنمية. بعض عوائق التنمية يجد السائح المتوجه إلى منتجع كفايت صعوبات في الوصول إلى المنطقة بحكم وجود طريق رابط بينها وبين مدينة جرادة على طول حوالي 24 كلم، في حالة رديئة ومهترئة خطيرة الاستعمال نظرا للضغط عليها حيث لا تسمح بالتجاوز، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من وزارة التجهيز لتوسيعها وترميمها، كما تفتقر المنطقة إلى فضاءات للتخييم وبنية تحتية من فنادق ومطاعم تجلب عددا أكبر من السياح المغاربة والأجانب، وذلك بحل مشكل الأراضي السلالية التي لا تسمح بالتوسع العمراني خاصة تلك القريبة من المنتجع. لا بدّ من الإشارة إلى أن المنطقة في حاجة إلى توفير الأمن والحماية للمواطنين والزائرين من الاعتداءات التي قد يتعرضون إليها، كما يتطلب الأمر توفير الأمن لهم ضد الانهيارات المتكررة للأتربة والأحجار من الجبال، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالنظافة التي هي أول ما يمكن أن يلاحظه الزائر للمنطقة، كما على السلطات المحلية أن تسجل حضورها بالمنتجع خلال التظاهرات والزيارات والأنشطة، وتعبّر عن اهتمامها بالوافدين والزوار وتمنح قيمة مضافة. تنمية وسياحة لشدَّ السائح وتحفيزه على الإقامة طويلا في المنطقة، يجب توفير بنية تحتية مهمة من طرقات آمنة وتطوير وسائل النقل العمومية والخاصة وتشييد مركبات ومنتجعات وفنادق ذات مستوى مقبول ومطاعم ومراقبة تسييرها وتشجيع بناء منازل للإقامة والنزهة والترفيه وتجهيز المواقع بمرافق رياضية تميز كل منطقة عن الأخرى وفتح المجال للجمعيات وتدعيمها للتبادل السياحي بين مختلف الدول في الإطار التربوي والثقافي الجماعي، ودعوة الفاعلين في الحقول العلمية والثقافية والفنية للبحث والدراسة وتشجيع الاستثمارات السياحية باتخاذ إجراءات تحفيزية وإسناد المسؤولية إلى مختصين في مجال التدبير والتسيير والتسويق والترويج في عصر العولمة، لأن السياحة لا تعترف إلا بالأحسن والأجود. كما يلاحظ أن المنطقة تعيش على هامش المغرب السياحي رغم كل ما يقال، لأن الواقع يثبت عكس ذلك. والنهوض بهذه الجهة وتجسيد سياسة الاهتمام يبدأ باتخاذ إجراءات لحماية ما تتوفر عليه من موقع سياحي ومآثر تاريخية وصيانتها والتعريف بها داخل المغرب وخارجه عبر الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وتشجيع السياحة المحلية طول السنة وخلال العطل البينية للتلاميذ والطلبة, واستغلال داخليات المؤسسات التعليمية والمرافق السياحية للمؤسسات الاجتماعية التابعة للقطاعات العمومية وشبه العمومية على شاكلة المخيمات الصيفية، وإقامة مهرجانات متميزة تبرز خاصيات المنطقة على غرار ما يقام في المدن السياحية المغربية تحت إشراف الوزارات المعنية. منهجية تشاركية ميدانية تأسست في شهر يوليوز من سنة 2003 جمعية ثقافية وتنموية تحمل اسم «جمعية كفايت للثقافة والتنمية»، باعتبارها فضاء للقاء والعمل المشترك بين كل الغيورين على هذه المنطقة الجميلة، وقد حصرت الجمعية أهدافها في تنمية روح المواطنة وبث قيم التضامن والتكافل الاجتماعي والعمل الإنساني والتعاوني، من خلال تطوير الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتحسيس بأهميته في خدمة التنمية المحلية المستدامة، وإنجاز مشاريع تنموية وبيئية والتوعية بأهمية التنمية البشرية والحفاظ على البيئة، كما تهدف إلى الاهتمام بالفولكلور والأشكال الثقافية المحلية والعمل على ترقيتها، والعناية بقضايا وملفات الجالية المغربية في الخارج وتحفيزها على المساهمة في التنمية المحلية، والعمل على إدماج الشباب والنساء في الدورة الاقتصادية، وذلك من خلال إعداد وتنفيذ برامج ثقافية متنوعة، كالمحاضرات والندوات والملتقيات والمهرجانات والمسابقات وتنظيم معارض وحفلات فنية مختلفة، ورحلات سياحية ترفيهية وثقافية وحملات تطوعية، وتشجيع التجارب التضامنية في مجال التنمية القروية، والمساهمة في الأنشطة التحسيسية والتعبوية في مجالات التوعية الصحية والبيئية والحقوقية، وترقية الدراسات والأبحاث الهادفة إلى تطوير وتحديث الأساليب والوسائل والآليات في مجال الأنشطة الاقتصادية القروية، وإعداد وتنفيذ مشاريع تنموية وبرامج في محو الأمية والتكوين والتربية غير النظامية من أجل الإدماج في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.