تافوغالت أو افران المنطقة الشرقية، قرية تؤهلها بنيتها الطبيعية كي تحجز مكانها بين أهم المنتجعات الطبيعية الجبلية بالمغرب، فهي عبارة عن منطقة استراتيجية هامة، مازالت تحتفظ بذكراها الخالدة في تاريخ المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم، ذكرى 17 غشت 1953، وتحتل موقعا جغرافيا هاما، حيث توجد وسط مرتفعات جبال بني يزناسن، بعيدا عن مدينة بركان ب 28 كلم، وعن وجدة ب 59 كلم... وتمتاز بكونها منطقة سياحية بالدرجة الأولى، نظرا لما تزخر به من مواقع سياحية رائعة ومن تراث حضاري عريق كغارة الحمام وكف الجمل بزكزل.. وتتميز بمناخ جد رطب تحيط بها أشجار وارفة الظلال من كل ناحية، مشكلة بذلك غابة أغلبها شجر العرعار والكريش الذي أصبح مهددا بالانقراض...كما يؤهلها كل ذلك لاستقطاب أفواج كثيرة من السياح على المستوى الداخلي والخارجي... ************* التهميش والجفاف عاملان ساهما في تأزم الوضعية: رغم الثقل السياسي الذي كانت تفرضه المنطقة الهامة باعتبارها منطقة عريقة، إلا أنها لم ترق إلى مستوى بعض المراكز السياحية المغربية التي تحظى بالأهمية، وذلك راجع إلى العديد من الأسباب. وتتكون تافوغالت من عدة دواوير إضافة إلى مركزها الرئيسي، وعدد سكانها يبلغ 3200 نسمة حاليا، فيما كان يناهز خلال الثمانينيات ال 25 ألف نسمة، هجروا كلهم بعد أن عانوا الأمرين مع مشاكل مزمنة لم يفكر يوما ما مجلسها القروي لا السابق ولا الحالي في البحث عن حلول ترقى إلى الواقع المرغوب فيه... وهذه الدواوير هي: 1 دوار أولاد امعمر يبعد عن المركز بحوالي 6 كلم وبه حوالي 350 نسمة... 2 دوار أولاد علي ابن ياسين حوالي 9 كلم عن المركز وبه قرابة 160 نسمة. 3 دوار ايحامدن (10 كلم عن تافوغالت) حوالي 20 أسرة، 4 دوار بني حماد (10 كلم) 5 أسرة، دوار بويعلي حوالي 100 نسمة، دوار تغاسروت ودوار اونوت وبهما قرابة 500 اسرة، دوار لحوافا، وأخيرا مركز تافوغالت والذي به قرابة 1000 نسمة.. ومن معاناة هذه الدواوير انعدام الماء الشروب في غالب الأحيان والعزلة شبه التامة لانعدام المسالك الطرقية، وكذا انعدام التجهيزات التحتية من كهربائي وتطبيب وتعليم وعناية بالشباب وشيوخ المنطقة ككل...! ولاتزال تافوغالت اليوم تحتفظ بثرواتها الطبيعية التي تؤهلها لأن تكون مركزا سياحيا يغري العديد من الزوار، وكانت القرية احتضنت أول عملية جراحية أجريت على الرأس، كما أنها اليوم تشكل إحدى الوصفات الطبية التي ينصح بها بعض الأطباء المختصين في أمراض الجهاز التنفسي مرضاهم الذين يعانون الأمراض الصدرية المزمنة كالربو... لكن مركز القرية ومع الأسف الشديد ظل يتميز بسمات تعاقبت من مجلس إلى آخر ويسير على منوالها المجلس الحالي، ومن بين هذه السمات العجز عن تبني أي اتجاه يعود بالنفع على هذه المعلمة السياحية، فباستثناء واجهة المركز، جنب الطريق الرئيسية تافوغالت وجدة وتافوغالت بركان والممتدة على مسافة بضعة أمتار، فإن باقي الاحياء والمداشر المكونة للجماعة تعاني الإهمال، الطامة الكبرى تكمن في تلويث الفضاء البيئي الغابوي حيث يعمل المجلس على جمع نفايات المركز ويحملها على متن جرار ليطرحها وسط غابة «تازموت» محدثا هناك مزابل عمومية وسط غابة شجر الكريش، الذي أصبح مطلوبا جدا بالعالم، وهو في طريقه إلى الانقراض. فيما يقبع دوار البرابر وسط مستنقع خطير من النفايات ومجاري الواد الحار والتعفنات والأوحال، وهكذا يتحول الموقع السياحي « تازمورت» الذي كان يقصده غالبية السياح للاستجمام وسط الجبال وأشجار العرعر والكريش إلى مجمع للأزبال، أما في مجال الطرق فلم تمتد يد الإصلاح إلى أي مسلك طرقي يربط مناطق الجماعة ببعضها البعض.. وخاصة الطريق الرابط بين المركز وزكزل السياحية التي تآكلت سنة بعد سنة دون أن تحرك الجماعة ساكنا. وبمركز الجماعة نجد دوار «بام» الذي يقطن به عدد كبير من المواطنين لايزال يتخبط في العديد من المشاكل كانعدام بنية طرقية، فتكثر الأتربة ومجاري الوادي والمستنقعات وأكوام النفايات... إجهاض أكبر مشروع سياحي أقيم بمركز تافوغالت: بتاريخ 02 ماي 1995 أبرم المهاجر العائد إلى أرض الوطن (محمود بزاي) بعد 30 سنة من العمل، مكتسبا خلالها أفكارا هامة وأموالا معتبرة عقد كراء مع الجماعة القروية لتافوغالت، واكترى بموجب كناش تحملات مقهى ومطعم ومسبح ومرآب للسيارات وفضاء لألعاب الأطفال، فقرر استثمار أمواله بوطنه مساهمة منه في تنمية المنطقة السياحية الجبلية بها، وشرع في العمل بعدما أنفق 800 مليون سنتيم في التجهيز والإصلاح والصيانة، مع العلم أن هذه القطعة موضع المشروع مسجلة بالرسم العقاري عدد 41626/02 بالمحافظة العقارية ببركان... بعد انطلاق المشروع في استقبال السياح المغاربة والمهاجرين والأجانب، ظهر أحد قدماء العسكريين برتبة كولونيل والذي وحسب ما لدينا من وثائق ادعى شراءه للقطعة المخصصة لحراسة السيارات بالنادي الذي استغله المستثمر ونازعه قضائيا لأجل الإفراغ، وانتهت القضية ابتدائيا برفض طلبه، وتقدم في نفس الوقت بدعوى جنحة من أجل انتزاع عقار من حيازة الغير أمام نفس المحكمة بابركان فأدين بالحبس والتعويض وبرفض الحكم الاستعجالي وبمحكمة الاستئناف بوجدة حكمت بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد بالإفراغ حكم عدد 04 غشت 2003 أبريل 2003 ملف 2168/02 مع العلم أن القطعة التي يدعي الشخص الآخر تملكها هي في ملك الجماعة ومثبتة بكناش التحملات وتثبت الوثائق التي يظهر عليها التزوير أن القطعة المذكورة تم اقتناؤها مرتين من طرفه وبعقدين للشراء، الأول بتاريخ 23 ابريل 1997مساحتها 2300م2 رسمها العقاري 2086/2... الثانية بتاريخ يونيو 1998 نفس القطعة ونفس المساحة لكن برسم عقاري آخر وهو 11954/40 بيعت له من طرف وكالة السكن والتجهيز العسكري.. وعلى العموم فقد تأكد وبناء على الوثائق والرسوم المتوفرة أنهم يريدون إجهاض أهم مشروع سياحي بالجهة الشرقية ومضايقة كل مهاجر مغربي أراد استثمار أفكاره وأمواله لتنمية المنطقة والجهة سياحيا واقتصاديا.. هذا ورغم الحجج والأحكام السابقة لصالح المشروع، فقد تم انتهاك حرمة المشروع باستعمال القوة (رجال الدرك والقوات المساعدة) بناء على آخر حكم وهو الإفراغ، وذلك يوم 17 يوليوز 2003 وقام المهاجر بإغلاق المقهى والمسبح وخيم الصمت والحزن على أبناء الجماعة الذين احتجوا بقوة، كما تم إبعاد عدة تجهيزات وآلات وجرار وسيارات في ملك صاحب المشروع وتركها عرضة للإتلاف في العراء.. شباب القرية بدوره يواجه التهميش يعاني شباب قرية تافوغالت الذي يمثل 70 في المائة من سكان الجماعة، من كل مظاهر الإهمال والتهميش نظرا لتفاقم المشاكل السابق ذكرها ونظرا لعدم وجود مؤسسات اجتماعية تملأ أوقات فراغه.. وكثير من شباب القرية أصبح يجتر الفراغ القاتل لانعدام فرص الشغل فيمضي نهاره وبعض لياليه قابعا تحت الجدران وبجنبات الطريق.. تدمير البيئة مسؤولية من؟: لا حديث للسكان في جماعة تافوغالت إلا عما تتعرض له البيئة من إتلاف ونهب لخشب الأشجار تساهم فيه بالدرجة الأولى أيادي خفية مما شوه الفضاء البيئي، وبين الفينة والأخرى يلجأ الساهرون على تسيير الشأن الجماعي إلى بعض الترقيعات والإصلاحات الموسمية، وهي تزويقات لاتنفع السكان في شيء، في حين يجد فيها المشرفون على الشأن المحلي منافذ وأبواب لإهدار المال العام دون الاقتراب من الأمور الأساسية في تنمية الجماعة والمرتبطة عن قرب بالمواطن م ن قبيل تشجيع الاستثمار لا إجهاضه وكهربة الدواوير وإيصال الماء الشروب إلى السكان. وهكذا يمكن القول لهؤلاء أن التنمية الحقيقية تتحقق بالاهتمام بالجوهر لا بالمظاهر.