لم تكن الحامة المعدنية بجماعة أباينو القروية سوى منبعا تتدفق منه مياه تصل حرارتها إلى 38 درجة مائوية، قبل الالتفات إليها لتصبح من المواقع السياحية المتنوعة التي تزخر بها جهة كلميم- السمارة، والتي من شأن حسن استغلالها أن يجعل منها وجهة سياحية بامتياز. وحسب الشهادات المتداولة بين ساكنة هذه الجماعة القروية، فإن شهرة الحامة الواقعة على بعد 15 كلم جنوب غرب مدينة كلميم، بدأت منذ ستينيات القرن الماضي عندما قدم أحد الزوار إلى المنطقة رفقة ابنه الذي كان يعاني من بعض الأمراض الجلدية حيث تماثل هذا الأخير للشفاء بعد الاستحمام المتكرر بمياه هذه العين. وتفيد وثيقة علمية لوزارة الصحة أن التحليلات الفيزيوكيماوية لمياه حامة أباينو تثبت الفعالية الصحية لهذه المياه لتوفرها على خصائص استشفائية في علاج بعض التعفنات الجلدية، وكذا بعض الأمراض الروماتيزمية، وذلك بفضل تركيبتها الغنية المتكونة من "الكالسيوم" و"المغنيزيوم" و"الصوديوم" و"البوتاسيوم" و"الكلورور" و"النترات" و"السولفات" و"ثاني الكربونات". والحامة في وضعيتها الحالية تتكون من مسبحين متجاورين أحدهما مخصص للنساء وآخر للرجال يتوفر على منشآت للاستحمام وبعض مرافق الاستقبال وفندق، مما يساهم في استقطاب عدد لا بأس به من السياح المحليين والأجانب. وتجمع الشهادات المستقاة من المنطقة أن التوافد السياحي على هذه الحامة ساهم بقدر كبير في ظهور بعض البنيات السياحية التي تعززت بإحداث مأوى سياحي مجاور للحامة ومخيم سياحي يتوفر على بعض الخدمات السياحية والتنشيطية. ولعل ما يميز هذا العين كونها توجد وسط واحة للنخيل ومساحات متفرقة تغطيها أشجار الزيتون على مقربة من سلسلة جبال الأطلس الصغير، وهي مؤهلات طبيعية من شأنها تعزيز التنشيط السياحي بالمنطقة والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الجماعة القروية، وجعلها وجهة مفضلة لعدد كبير من الزوار الباحثين عن الراحة والاستمتاع بهذا السخاء الطبيعي والاستشفاء من مياهه الدافئة. ويؤكد عدد من الفاعلين بالمنطقة أن الفضل يرجع إلى هذه الحامة في المساهمة في تنشيط الحركة السياحية بالجماعة وذلك من خلال الإقبال المكثف للزوار الذين يأتي أغلبهم من مدن أخرى ومن بلدان المهجر في رحلات استجمامية أو قصد الاستشفاء بمياهها التي أثبتت قدرتها على شفاء العديد من الأمراض الجلدية. ولم يخف معظم الفاعلين أن البنية السياحية لهذه الحامة التي تعتبر المتنفس الوحيد لمدينة كلميم في غياب مرافق ترفيهية ومناطق خضراء بالمدينة، لا ترقى إلى المستوى المطلوب في الوقت الذي تتوفر فيه على مؤهلات وإمكانيات من شأن استغلالها بشكل أفضل أن يستجيب لمختلف الحاجيات والأذواق ،و تحقق بالتالي نهضة سياحية تنموية وإنتعاشة للحركة الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة. كما سجلوا وجود صعوبات تعيق تطور هذا النوع من السياحة الإستشفائية بالمنطقة وذلك في غياب التجهيزات الأساسية والبنيات التحتية السياحية خاصة وأن الطريق الوحيدة المؤدية إلى الجماعة القروية لأباينو ،ضيقة ومهترئة ،فضلا عن قلة المبادرات المحلية للاستثمار في هذا المجال. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد المندوب الجهوي للسياحة بجهة كلميم- السمارة السيد محمد الخلوفي المنا أن حامة أباينو، التي تعتبر من أهم المواقع السياحية بكلميم المدرجة في صنف الحامات المعدنية، تشكل منتجا سياحيا مكملا لباقي المنتجات السياحية بالمنطقة، وخاصة القصور والواحات والشواطئ وغيرها. وأبرز أن الأهمية السياحية لهذه الحامة، المعروفة بديمومة حرارتها، جعلتها تدرج ضمن السياحة الإيكولوجية الثقافية التي تبنتها "اليونسكو"، مشيرا إلى الإقبال المهم الذي تعرفه هذه الحامة لاسيما من لدن السياح الفرنسيين المعروفين بولعهم وإعجابهم بهذا الصنف السياحي . وأضاف أن حامة أباينو سيتم تطويرها وتأهيلها لتصبح محطة استشفائية بامتياز حتى تصبح الخدمات السياحية المقدمة ملائمة وتستجيب لرغبات وطلبات السياح. ويؤكد المهتمون بالقطاع السياحي بالمنطقة أن النهوض بالقطاع يستدعي بالإضافة إلى تأهيل حامة أباينو وتجهيزها بمختلف المرافق، الاهتمام أيضا بمواقع سياحية أخرى لا تقل أهمية عنها ، من بينها عين للاملوكة بجماعة أداي التابعة لدائرة بويزكارن وحامة أوجو بجماعة تزغت بإقليم طاطا والواحات المنتشرة بالإقليم والمواقع الأثرية المتعددة والمتنوعة.