بعد ملف أحداث سيدي إفني، الذي دخل إلى البرلمان في شكل سؤال شفوي موجه إلى وزير الداخلية وخرج بلجنة تقصي الحقائق أعطي لها الضوء الأخضر من فوق، هناك ملف آخر، لا تقل حرارته عن ملف سيدي إفني، يدور في كواليس البرلمان، ويتعلق الأمر بتحرك عدد من البرلمانيين في المعارضة كما في الأغلبية للدعوة إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول القنبلة التي فجرها ميلود الشعبي قبل أسابيع في البرلمان، والتي اتهم فيها الدولة بالمسؤولية عن ضياع الخزينة العامة في 2000 مليار سنتيم نتيجة تفويت أراض بأقل من السعر الحقيقي لها، في محاولة لإعطاء هدايا لبعض المنعشين العقاريين، وفي مقدمتهم مجموعة الضحى التي يديرها أنس الصفريوي، والتي تعد ثاني أكبر مجموعة عقارية بعد مجموعة الشعبي للإسكان... «المساء» باشرت تحقيقا في الموضوع، واتصلت بكل أطرافه، ونقبت في وثائقه السرية والعلنية، وخرجت بالتحقيق التالي، والذي هم ثلاث مدن فوتت فيها مشاريع ضخمة إلى مجموعة الضحى، ويتعلق الأمر بالرباط وأكادير ومراكش. والبداية من حديقة الحيوان في الرباط البالغة مساحتها 53 هكتارا، والتي فوتت إلى مجموعة الضحى سنة 2006 ب800 درهم للمتر المربع. هذه الصفقة الغامضة، التي يعلق عليها بعض من اتصلنا به بأنها «صفقة سياسية ولا داعي للبحث عن تفسير اقتصادي لها»، تطرح ثلاثة أسئلة أو بالأحرى ثلاث مشاكل عويصة. أولا: هل الثمن الذي فوتت به ثمن حقيقي؟ ثانيا: لماذا لم تخضع هذه الصفقة لطلب عروض مفتوح يشارك فيه كل المعنيين بالأمر؟ ثم ثالثا: لماذا تم استثناء مشروع الضحى فوق الحديقة من قوانين التعمير التي تمنع في الرباط بناء أبراج تصل إلى 17 طابقا، كما تنوي المجموعة القيام به؟ الثمن الحقيقي للأرض يطرح إشكالا حقيقيا. ميلود الشعبي، صاحب التجربة والخبرة وأحد خصوم الصفريوي في هذا المجال، يقدر ثمن هذه الأرض في اتصال معه «ب20 ألف درهم للمتر»، ويزيد: «أنا مستعد أن أشتري 50 هكتارا في الرباط من الدولة ب20 ألف درهم للمتر إذا كانوا سيسمحون لي ببناء أبراج من 17 طابقا كما فعلوا مع الضحى»، في هذه الحالة الدولة خسرت في 53 هكتارا أكثر من ألف مليار سنتيم. أنس الصفريوي، وبعد أن تردد كثيرا في الرد على هذه الاتهامات قبل أن يبعث إلى «المساء» توضيحاته مكتوبة، يقول: «لقد اشترينا المتر المربع ب800 درهم، لكن ما لا يعرفه الناس أن نصف المساحة التي أدينا ثمنها، أي 26.5 هكتارا، لن نبني فوقها أي شيء، وستخصص للطرقات والمساحات الخضراء، ثم بالإضافة إلى ثمن الأرض فإن مجموعة الضحى ستؤدي مصاريف التهيئة قبل أن تشرع في البيع». الشعبي: الدولة ضاعت في 1000 مليار سنتيم أنا مستعد لأن أشتري 50 هكتارا في الرباط بسعر 20 ألف درهم للمتر المربع وليس 800 درهم الذي باعت به الدولة حديقة الحيوان لمجموعة الضحى، إذا سمح لي ببناء أبراج من 17 طابقا. وهكذا فالدولة ضاعت في 1000 مليار سنتيم. الصفريوي: منتقد و الضحى يحسدونها مجموعة الضحى اشترت حديقة الحيوان ب800 درهم للمتر المربع لكنها لن تبني شققا ومكاتب سوى في نصف المساحة، علاوة على مصاريف التهيئة المرتفعة... الذين ينتقدون صفقة الحديقة يحسدون الضحى على نجاحها. التفاصيل في النافذة السياسية