في ظروف أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها غامضة ومتسمة بالكثير من التكتم والسرية، فاجأت حتى بعض المسؤولين القريبين من الملف، أقدمت مؤسسة «العمران» على تفويت أراضي تجزئة «بادس» التي اشترتها ب80 درهما للمتر مربع بالنسبة إلى الأراضي غير المحفظة و100 درهم للمتر المربع بالنسبة إلى الأراضي المحفظة، وذلك بعد ممارسة الكثير من الضغوطات على أصحاب الأرض، وفق ما أكده بعضهم في اتصالهم بالجريدة، خاصة بعدما تجندت عدة جهات لإقناعهم بأهمية المشروع الذي ستشرف عليه مؤسسة «العمران» خدمة للصالح العام، من أجل التخفيف من أزمة السكن وتوفير منتوج في متناول الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، في إطار مقاربة اجتماعية وتضامنية. وتضيف مصادر «المساء» أن بعض المسؤولين كانوا يلوحون بإشهار ورقة «نزع الملكية من أجل المنفعة العامة»، كحل أخير إذا لم يستجيبوا للتدخلات التي قدمت على أساس أنها حبية في الموضوع، مما مهد للشركة الاستفادة من الأرض بأثمان تفضيلية، إن لم تكن أثمانا بخسة لا تعادل بأي حال من الأحوال الثمن الحقيقي الذي تساويه، قبل أن يتفاجأ أصحاب الأرض الأصليون ببيع مؤسسة «العمران» لأراضيهم للشركة العامة العقارية ب2000 درهم، وفق ما أوردته بعض المصادر، دون أن يتسنى لنا التحقق من صحة المبلغ، بعدما تهرب مسؤول مؤسسة «العمران» في الحسيمة من لقاء الجريدة، فيما ظل هاتفه يرن دون رد. وقد شرعت الشركة العامة العقارية بدورها في عرض أثمنتها للخواص والتي تزيد عن 8000 درهم للمتر المربع، وهو ما يعني تضاعف ثمنها بأزيد من 100 مرة في ظرف جد وجيز، وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول مسار ومآل المضاربات العقارية التي باتت المدينة مسرحا لها على أكثر من صعيد وبلبوسات مختلفة، يقول فاعل جمعوي في المنطقة، متسائلا عن استراتيجية مؤسسة «العمران»، التي من المفترض أن تقدم الإجابة على أزمة السكن وليس تعميقها وترسيخ منطق المضاربة وحرمان فئات مهمة كانت تعقد الأمل على تجزئة «بادس» لتمتلك «قبر الحياة»، قبل أن تفاجأ بهذه السلوكات التي تنطوي على قدر كبير من التحقير للمواطنين والتنكر السافر للوعود التي أطلقها عدة مسؤولون، قبل أن يتواروا وعن الأنظار، كأن شيئا لم يقع. ويؤكد المصدر ذاته، والذي حضر لقاء موسعا سابقا قبل سنتين في مقر ولاية الحسيمة مع توفيق احجيرة، وزير الإسكان والتعمير والتنمية المجالية، أن هذا الأخير وعد الساكنة بأن أغلبية منتوج تجزئة «بادس» ستستفيد منها الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل، وذلك بتنويع المنتوج وملائمته لخصوصيات المنطقة، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع.