يحتفل العالم، وخاصة ألمانيا، هذه الأيام، بعيد ميلاد الموسيقار الألماني روبرت شومان، الذي يعد واحداّ من أبرز موسيقيِِي الفترة الرومانسية الذين تركوا بصماتهم على عالم الإبداع الموسيقي، بأشكاله المختلفة. وبهذه المناسبة، كتبت غودرون شتيغين مقالا يرصد حياة هذا الكاتب، قام بترجمته عباس الخشالي، جاء فيه: «فَكَر روبرت شومان كثيراً قبل أن يقرر التوجه إلى مجال الموسيقى، فقد كان عليه الاختيار بينها وبين الأدب. وفي سن مبكرة، حصل على أول دروس تعلّم العزف على البيانو، ليكتب بعدها قطعاً موسيقية صغيرة. وبعد أن وصل شومان إلى سن الشباب، كان عليه أن يغادر مسقط رأسه، مدينة «تسفيكاو»، إلى «لايبزغ»، ليدرس المحاماة. بيد أن مجرى حياته ما فتئ أن تغير من جديد، ليدرس التأليف الموسيقي ويؤسس مع مدرّسهِ في البيانو، فريدريش فييك، «مجلة الموسيقى» التي ما زالت تصدر حتى اليوم. حينها تعرّف شومان على ابنة فييك «كلارا»، ليتزوجا في عام 1840، رغم كل محاولات الأب منع هذا الزواج. عاشت العائلة الشابة أربع سنوات في لايبزغ، ساهم خلالها زواجه من «كلارا»، الموسيقية وعازفة البيانو المشهورة، في إبداع قطع موسيقية مميزة مثل «رباعيات وترية» وأول سمفونياته وكونشرتو البيانو «أمول» والموسيقى الكنسية «الجنة والحورية» و»حب الشاعر»، إضافة إلى معزوفات للأطفال. بعد ذلك، حصل شومان على الدكتوراه الفخرية من جامعة يينا/ Jena لتتسع بعد ذلك شهرته كموسيقار مرموق. وفي مدينة لايبزغ، التقى شومان بالموسيقار فيليكس ميندلسون –بارثولدي، الذي فتح له الباب ليصبح مدرّسا في مدرسة الموسيقى هناك. غير أن موسيقى شومان لم تستطع تغيير الذوق الموسيقي العام في ذلك الوقت، والذي كان متأثرا بموسيقى بيتهوفن وميندلسون –بارثولدي وشوبان. إلا أن الأمل أشرق، من جديد، في حياة شومان، حين ُدعي لتقلد منصب مدير شؤون الموسيقي في مدينة ديسلدورف، وقد كان توقيت الدعوة ملائما، إذ جاء في وقت زاد عدد أفراد أسرته، ما استدعى توفير دخل أكبر للعائلة. كان حماس شومان لمنطقة الراين شديداً، مما دفعه إلى كتابة «سمفونية الراين». ولكن هذا الحماس ما لبث أن تلاشى سريعاً، إذ إن عمله كمدير لم يثمر. وقد ساءت حالته الصحية وأصيب بنوبات اكتئاب دفعته عام 1854 إلى إلقاء نفسه في نهر الراين، محاولاً الانتحار، إلا انه أُنقِذ، ليقضي العامين الأخيرين من حياته في مصحة في مدينة بون. وبعد 200 عام على ولادة هذا الموسيقار، يحتفل الكثيرون بميلاده من خلال عزف موسيقاه. فمعهد «هاينريش هاين» في دوسلدورف يعرض بعضاً مما ألفّه شومان، إذ تقول أورسولا روث، أمينة المعهد: «كتب شومان «سمفونية الراين» هنا، بالإضافة إلى «كونشرتو التشيلو»، و»كونشرتو الكمان»، كما كتب هنا بعضاً من الموسيقى الكنسية. هذا بالتأكيد له قيمة كبيرة، ما يدفعنا إلى الاحتفال به وتقديره». اسم روبرت شومان معروف في عالم الموسيقى الكلاسيكية، إلا أن القليل من مؤلفاته الموسيقية اشتهرت مقارنة بالموسيقيين الألمان الآخرين، إذ يوضح عازف التشيلو «يان فولكر»، أحد المعجبين بموسيقى شومان: «أظن أن علينا في هذه السنة أن نستغل الفرصة للتعريف به أكثر، لأنه لم يحظ بالشهرة التي يستحقها مقارنة بآخرين، أمثال برامس وشتراوس».