من القصص العالمية ك«سندريلا» والحكايات الشعبية المروية ك «هينة»، مرورا بالأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، وانتهاء بحوادث تتناولها وسائل الإعلام المرئية منها والسمعية والمكتوبة ترتسم في مخيلتنا دائما صورة سلبية عن زوجة الأب قاسية القلب, التي تتفنن في ابتكار أبشع الأساليب في حق أبناء زوجها. فهل زوجة الأب دائما شيطان في ثوب إنسان أم أن هناك زوجات أب يستحققن لقب ملاك؟ هناك زوجات أب يضربن أسوأ المثل، ويعززن بذلك الصورة السلبية المرسخة عنهن في الأذهان. ففي كثير من الأحيان تطالعنا أخبار عن زوجة أب قاسية القلب قامت بدس السم لربيبتها وأرغمتها على تناوله ولم تنفع الإسعافات الأولية لإنقاذ حياة المسكينة التي لفظت أنفاسها الأخيرة وتحال زوجة الأب على القضاء ليقول كلمته فيها. وحادثة أخرى أكثر بشاعة حين قامت زوجة أب بصب مادة كيميائية على عيني ابنة زوجها الرضيعة مما أفقدها بصرها بشكل نهائي ليكشف الكشف الطبي أيضا أن الرضيعة مصابة بكسر على مستوى رجلها اليمنى والفاعل دائما زوجة الأب قاسية القلب. وحادثة أخرى لا تقل بشاعة حين قامت زوجة بضرب ابن زوجها ذي الخمس سنوات ضربا مبرحا واقتلاع أظافره وتكسير عظامه، ولم يتخلص الطفل من عذابه إلا حين اكتشف جده لوالده الأمر، و بادر إلى وضع شكاية ضدها حيث تم اعتقالها والتحقيق معها. في المقابل هناك زوجات أب يضرب بهن المثل في لعب دور الأم بعطفها وحنانها. مريم التي تنادي زوجة والدها ب«ماما» تفند بشهادتها الصورة السلبية عن زوجة الأب، وتؤكد قائلة: «تزوج والدي بماما بعد وفاة والدتي وعمري لا يتجاوز الثلاث سنوات فأحسنت إلي وعوضتني عن حنان أمي المفقود، وبالرغم من أنها رزقت من والدي بثلاثة أطفال آخرين أشقاء لي إلا أن معاملتها لي لم تتغير وكان تحرص على مشاعري أكثر من حرصها على مشاعر أبنائها». أما خديجة فتعتبر زوجة أبيها صديقتها وكاتمة أسرارها، تلجأ إليها لأخذ المشورة والنصيحة. تقول خديجة: «أصيبت والدتي بمرض نادر أصابها بشلل كامل، وبعد أربع سنوات، وأمام إلحاح العائلة، قرر والدي أن يتزوج مرة أخرى، وكان اختياره والحمد لله صائبا، وكانت سيدة ذات دين وعلى خلق عظيم، استطاعت أن تكون لي ولأخوتي الأربعة أما وأختا لوالدتنا التي توفيت بعد 5 سنوات من زواج والدي، حيث كانت تسهر على خدمتنا وخدمة والدتنا رحمها الله». وتروي فاطمة الزهراء قصة إحدى صديقاتها خلال المرحلة الابتدائية والتي كانت دائما تصطحبها بين الفينة والأخرى سيدة اعتقدت لفترة طويلة أنها والدتها. تقول فاطمة الزهراء:«كثيرا ما كانت تلك السيدة تأتي رفقة صديقتي لتسأل عن مستواها الدراسي، كما كانت صديقتي دوما أنيقة ونظيفة، لأكتشف بعد سنوات، وبعد أن حصلت صديقتي على شهادة الباكلوريا ومغادرتها أرض الوطن لإكمال دراستها بالديار الأوربية، بالصدفة أنها زوجة والدها، التي كان لها أربعة أطفال آخرون أصغر من صديقتي وكانت تعامل الجميع بالمثل لا فرق بين أبنائها الطبيعيين وابنة زوجها التي كانت في كل مرة تردد أنها مدينة بكل ما وصلت إليه لزوجة أبيها». رأي علم النفس يجب أن تكون العلاقة بين زوج الأم أو زوجة الأب مبنية على الاحترام المتبادل ترى أمينة بوستة، أخصائية في علم النفس والتربية، أن انضمام زوجة أب أو زوج أم إلى الأسرة ليس بالأمر السهل، حيث يقابلون برفض شديد من طرف الأبناء، خاصة إذا كانوا كبارا في السن، سواء أكانت الأم مطلقة أو متوفاة. وتضيف بأن المرأة أو الرجل اللذين ينضمان إلى أسرة كانت قائمة بالفعل، سيجدان صعوبة كبيرة في تقبلهما من طرف الأطفال، لأن هؤلاء يرسمون دائما في مخيلتهم صورة تواجد والدته أو والدهم البيولوجي إلى جانب الأم أو الأب ، وليس إلى جانب رجل آخر أو امرأة أخرى يعتبرونهما «دخلاء» عليهم. وتوضح بوستة ردود فعل الأطفال تجاه زوجة أبيهم (أو زوج الأم) التي تكون عدوانية وتصفها بالطبيعية قائلة: «بالنسبة للأطفال الذين لازالت والدتهم على قيد الحياة، ولكنها مطلقة فوجود زوجة الأب من شأنه أن يقف حجر عثرة أمام عودة أمهم إلى البيت. وفي حالة قدوم زوجة الأب بعد وفاة الأم، فإنهم يرون فيها امرأة تريد أن تحل محل أمهم المتوفاة، ويغضبون لأن والدهم نسي والدتهم واستبدلها بأخرى. وعلى زوجة الأب أو زوج الأم أن لا يطالبا بحب الأطفال لهما، فقط أن تكون علاقة الطرفين مبنية على الاحترام المتبادل»، موضحة أن الوصول إلى الاحترام يتطلب وقتا وصبرا لأن قبول شخص جديد ليس بالأمر السهل، كما يجب على الأب أو الأم إعداد الأطفال قبل الزواج وتعريفهم على زوجة الأب أو زوج الأم حتى يسهل التقارب بينهما».