رافد جديد آخر مهم يرى النور، ينضاف إلى عالم التكوين السينمائي المغربي خصوصا والسمعي البصري عموما، الذي شهد في السنوات الأخيرة حركية غير مسبوقة، على جميع المستويات الفنية والإنتاجية والمهنية .. مكان تفعيله يحمل رمزية جد معبرة في خريطة الوطن، هو حي سيدي مومن بالدار البيضاء، واختيار المبحرين فيه له دلالات جد معبرة، يستهدف الإسهام في انتشال شباب طموح من قوقعة الزمن الرتيب الخارج عن إطار الفعل والتفاعل وإشراكهم في دورة الحياة المنتجة بعيدا عن المركز، قريبا من الضاحية والهامش .. الرافد - المشروع ، كانت وراءه أياد جمعية إيطالية.. بداية فكرته كانت بسيطة - يقول الفنان والمخرج المغربي حميد باسكيط - تتمثل «في تعليم اللغة الإيطالية لمدة ثلاثة أشهر.. للشباب المغربي الراغب..» قبل أن يتبلور ويتحول، في المهد - من مبادرة شخصية - إلى وجهته التي هو عليها الآن، «مدرسة للمهن السينمائية.. » بعد إقناع الجهة الممولة وكل الجهات التي كانت لها بصمة «فن».. عليه» المدرسة، حاليا، حقيقة واقعة بهيكلها الجميل وفضائها الذي تُوَقِّع على ديكور مختلف أقسامه لمسة إبداعية سينمائية مميزة من حيث طلاء الجدران والأرضية، ومن حيث الصور التي تزين مختلف المعابر والردهات والمكاتب والقاعات، ومن حيث التنسيق والتناغم اللذان يحكمان جل فروعه .. يمكن أن نقول عنه، تجاوزا، ورشة ورشات في «استوديو» سينمائي صغير في رقعة رمزية ضيقة تعلو الطابق الثالث، حيث معهد لتكوين الممرضين والممرضات بمركز التنمية البشرية لسيدي مومن، استوديو بأقسامه وشعبه وطلابه الذين يبلغون حاليا الخمسة والسبعين يتكونون في مهن المونطاج والإنتاج والماكياج والصوت والتصوير والديكور .. «يشتغلون» بإمكانيات وأليات بسيطة لن تتوقف عن أن تتدعم، رويدا رويدا، بهبات من رجال الميدان القدامى (لي ڤيتران) كلطيف لحلو والعربي بناني وغيرهما .. هي بسيطة لكنها كبيرة من حيث قيمة نتائجها، وهي تعزيز أفواج جديدة من جنود الصورة والصوت الوطنيين في «معركة» فضاء السمعي البصري الوطني التي تقول هل من مزيد..!! فرغم البدايات، يبدو أن أمر التدريس في المدرسة الوليدة لا يقف عند حد التطبيقي - النظري، فيما يبدو، بل يراهن، مديره والمشرف عليه الفنان حميد باسكيط، على أن يتجاوزه إلى ما هو تثقيفي عام سينمائيا وتلفزيونيا ومسرحيا.. ، إلى ما هو احتكاك مباشر للطلاب بتجارب فنية رائدة وطنيا، من خلال أسماء أثرت الساحة المرئية السمعية بما دخل ويدخل في الحكم تراث الفن السابع.. في سياق لقاء شهري لمركز التنمية البشرية مؤطرة بنفحات تكريمية - على قيد الحياة طبعا - للرواد.. فبعد لقاءين شهريين سابقين مع كل من صاحبي«ألف يد ويد» و«حرب البترول لن تقع» و«أموك».. المخرج المغربي سهيل، وكذا صاحب «باديس»، «البحث عن زوج امراتي» و« جارات أبي موسى»، المخرج محمد عبد الرحمان التازي.. تجدد لقاء شهري ثالث يوم الجمعة الماضي (23 يناير) مع المنتج والمخرج المغربي، ابن مدينة الجديدة، لطيف لحلو، مبدع «سميرة في الضيعة»، الذي حصل في السنتين الأخيرتين على عدة جوائز في مهرجانات وطنية ودولية كثيرة.. كان اللقاء فرصة لإطلاع الحضور، من طلاب ونقاد وإعلاميين ومهنيين ومهتمين، عن قرب، على تجربة حية وثرية في الفعل السينمائي والتلفزيوني المغربي، يعبر عنه بالخصوص احتكاكه بسنمائيين عالميين جاورهم في عدة إنتاجات سينمائية صورت بالمغرب.. وشجرة فيلموغرافيته الخاصة التي تناهز 19 فيلما ما بين فيلم قصير وفيلم طويل، ما بين درامي ووثائقي.. التي أثمرت، بدءا، « cultivez la bettrave» سنة 1963، مرورا ب«بشمس الربيع» سنة 1970، «المغرب أرض الرجال» سنة 1972، «زراعة القمح بتادلة» ،«زراعة القطن بتادلة» (1980/1981).. وانتهاء ب«سميرة في الضيعة» سنة 2007، الذي كان محط نقاش واسع بين الحضور كشف فيه المخرج عن وجهة نظر، عن موقف/ مواقف(ه) من السينما .. من الحياة.