يوم 15 مارس 2005، وقع في الرباط على ميثاق وطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام المغربي، والكف عن التعامل معها كسلعة، أو شيء دون هوية.وجاء الميثاق كإطار للعمل على تعبئة مختلف الفاعلين، الإعلاميين، والسياسيين، والاجتماعيين، والاقتصاديين، للانخراط في تكريس ثقافة المساواة بين الجنسين، واحترام كرامة الإنسان في الإعلام، بمختلف أشكالها، من صحافة مكتوبة وسمعية بصرية، وفي الإشهار والسينما، في أفق بلورة استراتيجية إعلامية، تعتمد مقاربة النوع الاجتماعي، بهدف الارتقاء بصورة النساء في مختلف وسائل الإعلام ووسائط الاتصال، والنهوض بوضعية الإعلاميات، واشراكهن في صناعة القرار. واستندت فلسفة الميثاق إلى كون الصورة المقدمة عن المرأة في غالبية وسائل الإعلام المغربية، هي صورة نمطية، تنحصر في نماذج محددة، هي المرأة التقليدية، والمرأة الجسد، والمرأة السطحية، وتظهر صورة المرأة من خلال هذه النماذج كائنا سلبيا مستهلكا، وغير منتج. واعتمد الميثاق، الذي وقع من طرف كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة، آنذاك، ووزارتي الثقافة والاتصال، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، واتحاد وكالات الإشهار، وجمعية مهنيي الإشهار، على مبادئ ومرجعيات، من أحكام الشريعة الإسلامية، والدستور المغربي، والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومحاربة أشكال التمييز ضد المرأة. وتعني «صورة النساء في الإعلام»، حسب الميثاق، كل التمثلات الذهنية والحسية المتداولة في كل الخطابات الإعلامية، سواء كانت إخبارية، أو إعلانية، أو فنية أو تجارية، تتناول موضوع المرأة، وتستعملها. ودعا الميثاق قطاع الإعلان (الإشهار) إلى عدم استغلال جسد المرأة في الدعاية التجارية، من خلال استعماله إيحاءات، أو صور، أو رموز تسيء إلى صورة النساء، أو تمس كرامتهن. كما دعا المهنيين في قطاعي السينما والمسرح إلى إنتاج أعمال تحترم صورة المرأة، وتشجع النساء العاملات في مختلف المجالات الفنية لدعم حضورهن، وإبراز مؤهلاتهن، وتطويرها. ويتضمن الميثاق آليات للتتبع والتقييم، يفترض أن تخصص بمقتضاها جائزة للوصلات الإعلانية التي تحترم صورة المرأة، وجوائز للمقالات الصحافية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والعروض المسرحية والأفلام السينمائية، التي تعالج قضايا المرأة بجدية وموضوعية، بالإضافة إلى تقديم دعم مالي لمختلف الإنتاجات الفنية والأنشطة الثقافية، التي تساهم في تغيير الصورة النمطية السائدة عن النساء في المغرب. وبموجب الميثاق، يتعين على القنوات التلفزية والإذاعية والصحافة المكتوبة والإلكترونية، فتح المجال للإبداعات المهتمة بالنساء، وإبراز تنوع وأهمية الأدوار التي تضطلع بها النساء في كل ميادين التنمية، واعتماد المعالجة الصحفية الجدية لمختلف القضايا المتعلقة بالنساء، وتسليط الأضواء على كل تجارب النساء، خصوصا الإيجابية منها. وحسب الميثاق، على القنوات التلفزية والإذاعية، والصحافة المكتوبة والإلكترونية، أن تعمل على تنويع موادها وبرامجها الموجهة للنساء، وعدم اختزال عالم المرأة واهتماماتها في مواضيع الصحة والطبخ، وعالم التجميل والموضة. كما أصبحت القنوات التلفزية والإذاعية، والصحافة المكتوبة والإلكترونية، مطالبة بالاهتمام بشكل أكبر بقضايا النساء ربات البيوت، و إبراز قيمة أدوارهن الاجتماعية والاقتصادية، وعدم الاقتصار على إظهارهن في صور دونية. وعلى القنوات التلفزية والإذاعية، والصحافة المكتوبة والإلكترونية أن تراعي في موادها وبرامجها التنوع الثقافي واللغوي للمرأة المغربية، مع استحضار البعد الجهوي، وتقديم مواد إعلامية تعنى بقضايا الأسرة، وتتوجه للجنسين، من مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية، وتجنب القنوات التلفزية والإذاعية برمجة مسلسلات، وأفلام، ومسرحيات، وسلسلات فكاهية، وفقرات فنية مختلفة، ومنوعات، لا تحترم صورة النساء أو تمس بكرامتهن. ويدعو الميثاق المؤسسات الإعلامية إلى استحضار مقاربة النوع الاجتماعي عند إعداد المقالات الصحفية، وإنتاج، أو استيراد، البرامج و المواد التلفزية والإذاعية، تفاديا لكل ما يمكن أن يرسخ مفهومي تبعية ودونية المرأة، والعمل على تشجيع البرامج والمواد المهتمة بالثقافة الحقوقية، وكذا تشجيع مساهمة النساء الإعلاميات في صياغة الاستراتيجية الإعلامية للقنوات التلفزية والإذاعية، والصحافة المكتوبة والإلكترونية، مع تقديم كامل الدعم لمبادراتهن في مجال الإنتاج الإعلامي. ومن أجل ضمان تحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام، دعا الميثاق المؤسسات الإعلامية إلى تبني مواثيق تحرير، تتضمن مقتضيات تنص على احترام مبادئ حقوق الإنسان، وتجنب المس بكرامة المرأة، من خلال خطابات، أو صور، أو أفكار تسيء إليها. وموازاة مع كل هذه الإجراءات، يلزم الميثاق القطاعات الحكومية المعنية بقضايا المرأة والاتصال والثقافة بتنظيم حملات توعية، ودورات تكوينية في موضوع مقاربة النوع الاجتماعي، بتنسيق مع مختلف الأطراف الموقعة على الميثاق.