الزواج بالفاتحة والطلاق بالفاتحة وقف، ذات يوم، أحد المواطنين أمام القاضي الفقيه محمد الكثيري المعروف في الأوساط القضائية بأكادير سنوات السبعينيات والثمانينيات، وسأله القاضي: ماذا تريد؟ فأجابه الرجل: أريد تطليق زوجتي، فرد عليه القاضي: ولماذا؟ فقال: لقد استحالت العشرة بيننا وأريد أن أطلقها لأرتاح، فسأله القاضي: هل أحضرت عقد الزواج؟ فأجابه الرجل: لا، فطلب منه القاضي أن ينصرف إلى أن يحضر عقد الزواج. لكن الرجل بادره بأنه لا يتوفر على عقد زواج، فسأله القاضي: وبماذا تزوجت؟ فأجابه الرجل ب«الفاتحة نعم أس» فقال القاضي: إذن فلتطلق بالفاتحة، وفهم الرجل برفع كفيه من أجل قراءة الفاتحة، فانتفض القاضي من مكانه وصرخ في وجه الرجل «لعنة الله عليك» هل يوجد طلاق بالفاتحة؟ القاضي يبحث عن كاتب الضبط صباح يوم الأحد حدث ذات يوم، في بداية الثمانينيات بمدينة أكادير، أن ارتطمت سيارة أحد الشبان بعمود كهرباء عمومي فحضرت الشرطة ,اعتقلت الشاب الذي كان يقود السيارة وتم اقتياده بتهمة إلحاق الضرر بملك الغير وكان الشاب قاصرا لكن هيأته الجسمانية كانت توحي بأنه بالغ، ولما علمت والدة الشاب باختفاء ابنها سارعت إلى الاتصال بكل الجهات، فانتشر الخبر بكون الشاب المعتقل من أسرة نافذة بمدينة الرباط بين سائر الأجهزة الأمنية، وكان لزاما عقد جلسة للمحاكمة من أجل إطلاق سراح الشاب. ومن أجل عقد الجلسة قام القاضي في حدود الساعة التاسعة من صباح يوم الأحد بالبحث عن كاتب ضبط من أجل عقد جلسة محاكمة فمر بالأول لكنه رفض أن يذهب معه إلى الجلسة، ومر بالثاني فطلب من القاضي أن يمهله إلى حين ارتداء معطفه، لكن القاضي بادره بالقول «خذ معطفي أنا «وطلقنا خلاص»» فخرج كاتب الضبط بالملابس التي كانت عليه وتم عقد الجلسة وتمت تبرئة ساحة الشاب. القاضي يتداول في الأحكام أمام المتهمين كان ذلك نهاية سنة 1975، عندما اعتقلت السلطات عددا كبيرا من التلاميذ، وكانت قاعة المحكمة غاصة برجال الأمن والتلاميذ والجميع يتابع أطوار المحاكمة، وعندما اطلع القاضي على المحاضر التي أنجزتها الشرطة مع التلاميذ المعتقلين رأى أنها فارغة وتتضمن تهم الشغب وتوزيع مناشير وأغلبية المتهمين مجرد تلاميذ في الإعداديات والثانويات بمدينة أكادير، فبدأ ينطق بأحكام البراءة من على كرسي المحكمة دون الدخول في مرحلة التداول، وعندما بلغ إلى علم السلطات ما يقوم به القاضي أمرت رئيس المحكمة بتوقيف المحاكمات وأمر رئيس المحكمة بدوره أحد أعوانه بأن يطلب من القاضي رفع الجلسة، إلا أن القاضي لم يمتثل لطلب رئيس المحكمة وعاد هذا الأخير وأرسل طلبا مكتوبا إلى القاضي إلا أن القاضي لم يرفع الجلسة إلا بعد أن أطلق سراح الجميع، وبعد ذلك أعطيت الأوامر من أجل إعادة الاعتقال وإعادة محاكمة المتهمين بعد تغيير القاضي الذي قدم استقالته من القضاء فيما بعد وامتهن المحاماة. الحكم الذي تغير قبل خروج المدعى عليه من القاعة وقف شخصان أمام القاضي،أحدهما من أصدقاء الأخير، وكانت الدعوى المعروضة هي أن المدعي صديق القاضي يطالب المدعى عليه بأن يسدد له واجبات كراء البيت التي تراكمت على المدعى عليه والذي كان سائقا لدى مندوبية الأشغال العمومية. سأل القاضي المدعى عليه لماذا لم تسدد لصاحب البيت المبالغ المالية المستحقة عليك، فأجابه السائق: لأنني لم أتوصل براتبي منذ مدة وأنا مستعد لأدائها فور التوصل براتبي، فنطق القاضي وقال: يحكم عليه بالأداء. وخرج الطرفان من باب القاعة وقبل خروجهما خاطب المدعي المدعى عليه لماذا أقررت أمام القاضي بعدما كنت تنكر أصلا أنك مدين لي؟ فأجابه المدعى عليه و«أنا لازلت متشبثا بأنك لست مدينا لي بأي شيء». فسمع القاضي بما دار بين الطرفين فنادى على المدعى عليه وقال: لقد حكمت عليك بالأداء مع النفاذ المعجل. فصاح المدعى عليه سأقوم بالاستئناف فهذا حكم جائر، فبادره القاضي لقد غيرت الحكم في حقك وأصبح الإفراغ مع النفاذ المعجل في الأداء.