السرطان مرض خبيث مازال الطب عاجزا عن الانتصار عليه بشكل حاسم ونهائي. هنالك حتى الآن العديد من طرق العلاج التقليدية ضد السرطان، لكنها تبقى غير كافية لاستئصال الأورام، والتخلص نهائيا من المرض خاصة إذا لم يكتشف هذا الأخير في الوقت المناسب. الطبيب دافيد سيرفان شرايبر عاش التجربة، وعانى الكثير من سرطان الدماغ قبل أن يشفى منه لبعض الوقت ويعود إليه من جديد، إلا أنه استطاع أن يتجاوز المحنة بواسطة طرق علاجية بديلة، أهمها التغذية المتوازنة والإنصات للجسد من خلال تعلم التأمل الروحاني. هذه فصول من تجربة الإصابة والشفاء من المرض الخبيث. غالبا ما يندهش المرضى من الاختلاف بين العلاجات، التي يقدمها الأطباء الذين يلتجئون إليهم. لكن الأمر طبيعي طالما أن السرطان متعدد الأشكال على نحو كبير، وهو ما جعل الطب يعدد زوايا علاجه. وأمام تعقد المرض، ينتهي كل طبيب باحث إلى التركيز، فقط، على المقاربات التي يجيد ممارستها أفضل من الأخريات. أمام هذا التعدد، لا يمكن لأي طبيب أن يكتفي بحل واحد، بل تجده يطلب الاستشارة ورأي اثنين أو ثلاثة من زملائه. في الولاياتالمتحدة، مثلا، ظل الطب لوقت طويل يعتبر أن سرطان الثدي يستدعي إجراء عملية كبيرة تقضي بإزالة ليس فقط الثدي المصابة، بل بتر جزء كبير من المنطقة المجاورة للثدي وجزء من عضلات الإبط. لكن، في الوقت الذي كانت هذه العملية هي السائدة عند الأمريكيين، كان البروفسور الفرنسي فرانسوا باكليس، من معهد كوري بباريس، قد بدأ تجريب طريقة أخرى تقضي ببتر الورم والإبقاء على بقية الثدي والجسم سليمين قبل إخضاع المريضة للعلاج الإشعاعي. كما جرت العادة في حالات السرطان، أوصاني الجراح بضرورة إجراء عملية جراحية، والطبيب المعالج بالأشعة بضرورة القضاء على الورم بالأشعة، والطبيب المتخصص في علاج السرطان بالعلاج الكيماوي. كما يمكن أن نتصور، كذلك، الجمع بين هذه الطرق العلاجية. إلا أن كل واحدة منها لها مضاعفاتها السلبية. فخطر الجراحة هو أنها تؤدي إلى بتر جزء من الخلايا السليمة في الدماغ، فضلا عن الورم المصاب للقضاء على أكبر عدد ممكن من الخلايا السرطانية، علما بأن عددا من هذه الخلايا تظل دائما مستقرة في الدماغ مثل حالة السرطان الذي كنت أعاني منه. أما العلاج بالأشعة، فيصاحبه احتمال الإصابة بعرض جانبي، إلا أنه محدود. يتعلق الأمر باحتمال الإصابة بمس من الجنون والحمق بعد 10 أو 15 سنة من العملية. أحد المختصين البارزين في دراسة الأعصاب سبق أن اشتغلت معه أصيب بالجنون سنوات قليلة بعد خضوعه للعلاج بالأشعة، رغم أن الورم الذي أصيب به في الدماغ لم يكن سرطانيا. صحيح أن احتمال الإصابة بالجنون ضعيف، إلا أن زميلي لم يكن محظوظا. وبالنسبة للعلاج الكيماوي، فهو قبل كل شيء نوع من السموم، الذي يقتل الخلايا التي تتكاثر بسرعة، أي الخلايا السرطانية، وكذلك خلايا المعي، وخلايا النظام المناعي، والشعر. كما أنه يضاعف احتمالات الإصابة بالعقم. في حالة سرطان الدماغ الذي كنت أعاني منه، لم تكن هناك أي ضمانة لنجاح العلاج الكيماوي لأن خلايا الدماغ لها قابلية كبيرة لتقوية مقاومتها للعلاج الكيماوي. وكما جميع المرضى، كلما حصلت على معلومات كثيرة، أحسست بالتيه. وكل ما قيل لي من نظريات أو ما قرأت في موضوع هذا السرطان كان يبدو لي هو عين الصواب. لكن أين الحسم؟ كيف لي أن أحسم بين كل هذه الحلول؟ إلا أن الحل الذي انتهيت إليه كان هو الحل الذي تمليه علي دواخلي ومشاعري العميقة. في أثناء ذلك، تخليت عن تقنية كانت تعتبر قمة في التكنولوجيا، حيث يتكلف الحاسوب بتوجيه حركة الجراح، والسبب هو أن الطبيب الذي قدمها إلي كان مهتما بآلته العجيبة بينما أهمل حالتي النفسية وآمالي في الشفاء. فضلت، إذن، جراحا ارتحت للطريقة التي تعامل معي بها. فقد كانت نظرته صافية، تحمل الكثير من الدفء. أحسست معه بالعلاج قبل حتى أن يبدأ. فالحسم يتوقف فقط على كلمة أو ابتسامة أو نظرة. لقد أحببت ما قاله لي: «لا نعرف أبدا ما يمكن أن نجد في الداخل، ولا يمكنني أن أعدك بشيء. الشيء المؤكد هو أنني سأبذل كل مجهودي في العملية». هذا التطمين الواقعي هو ما كنت أحتاج إليه أكثر من حاجتي إلى روبو يعمل بتقنية عالية. وفي النهاية، قررت أن أكمل العملية الجراحية بالخضوع للعلاج الكيماوي لمدة سنة من أجل القضاء على أكبر عدد ممكن من الخلايا السرطانية. تزامنت تلك اللحظة مع انكبابي على البحث في الكتابات العلمية لأعثر على أشياء أخرى غير تلك الإحصاءات التي كان الآخرون يضعونها بين يدي. فهذه المرة، بلغتني الرسالة: سأبدأ الاهتمام، شخصيا، بمرضي بطرق أخرى. إذ أن هناك الكثير من المواد الطبيعية التي تقي من الإصابة بالأمراض، والتي انتبه إليها خاصة أهل الشرق في آسيا. ومن الأمثلة على ذلك، الشاي الأخضر، الذي ينبت في المناطق الرطبة، ويحتوي على الكثير من المكونات التي تقاوم ميكانيزمات اجتياح الخلايا وتكون أوعية جديدة من قبل الخلايا السرطانية.