سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى الغضبان: البرنامج الاستعجالي يهدف إلى إعادة بناء نظام ناجع لوظيفة الإعلام والتوجيه قال إن المستشار في التوجيه يعمل على التعريف بالآفاق الدراسية والمهنية لفائدة التلاميذ
يرى مصطفى الغضبان، مستشار التوجيه التربوي في نيابة تيزنيت، أنه مع إحداث المراكز الجهوية للإعلام والمساعدة على التوجيه، فإن الحاجة أضحت ملحة إلى فنيين وتقنين في التصميم والتوثيق والإعلام، مضيفا أن التلميذ هو من يختار المسلك التعليمي أو المهني الذي يناسبه، بمساعدة المستشار التربوي الذي يصحح ويحدد ويدقق معه معايير وطرق هذا الاختيار. - يتدوال بعض أهل التربية والتكوين صورا عن كون المستشار في التوجيه هو «موظف شبح» أي لا يشتغل، هل لكم أن توضحوا حقيقة هذه الصورة، وما هو -باقتضاب- عمل المستشار في التوجيه التربوي؟ تختلف مهمة المستشار في التوجيه التربوي عن باقي مهام الأطر الأخرى العاملة في مجال التربية والتعليم، فهي لا تشبه تماما مهمة الأستاذ أو المدير أو أي إطار آخر، حيث تتمثل مهمته في قيامه بعدة أنشطة هدف بعضها هو التعريف بالآفاق الدراسية والمهنية لفائدة التلاميذ وأوليائهم، وهدف بعضها الآخر هو تمكين التلميذ من معرفة قدراته ومؤهلاته وميولاته ومساعدته على تجاوز التعثرات والصعوبات التي قد تعترضه في حياته الدراسية.. إلى جانب ذلك، يقوم المستشار بأعمال إدارية أخرى منها، على سبيل المثال، القيام بدراسات إحصائية لمعطيات ميدانية، قصد استثمارها، فهو مجبَر إذن على تجميع المعلومات حول الدراسة والمهن والمباريات التي تستجد وبشكل مستمر من وقت إلى آخر، وتنظيمها والتأكد من صلاحيتها وصحتها وتزويد التلميذ بها، في الوقت المناسب، بمعنى أن المستشار في التوجيه التربوي يتحرك ويشتغل داخل أماكن ومصالح متعددة وليس فقط القطاع المدرسي وحده هو مكان اشتغاله. وحتى القطاع المدرسي غالبا ما يتكون من ثلاث مؤسسات تعليمية أو من مؤسستين، في أحسن الأحوال.. وفي بعض المناطق تكون هذه المؤسسات متباعدة جغرافيا، أضف إلى ذلك أن عدد التلاميذ يفوق معدل 1200 تلميذ لكل مستشار، وحتى طبيعة بعض الأنشطة الإعلامية داخل مؤسسة غالبا ما تفرض على المستشار تخصيص فترة زمنية مستمرة قد لا تترك له الوقت الكافي لزيارة المؤسسات الأخرى للقطاع. كما أن هناك بنيات أخرى للاستشارة والتوجيه غير القطاع المدرسي يعمل فيها المستشارون في التوجيه التربوبي، والتي شُرِع في إدماجها، مؤخرا، في بنية واحدة سُمِّيت بالمراكز الجهوية للإعلام والمساعدة على التوجيه.. وبالعودة إلى الصورة الواردة في سؤالكم، فهي تصدر من بعض أفراد يفتقدون، بهذا القدر أو ذاك، الموضوعيةَ اللازمة، لأنهم غير ملمين بطبيعة وظروف اشتغال المستشار في التوجيه التربوي. −جاء البرنامج الاستعجالي بمشروع يحمل اسم E3 P7، وهو مشروع خاص بالتوجيه التربوي، هل لكم أن تعرفوا القارئ بمضامينه وأهدافه؟ يهدف هذا المشروع إلى إعادة بناء نظام ناجع للإعلام والتوجيه. ولتحقيق هذا الهدف، سيعمل على جعل هذا النظام تحت إشراف سلطة وطنية واحدة هي الوكالة الوطنية للإعلام والتوجيه، ستتولى تقنين وتقويم وتطوير هذه المنظومة. وقد شُرِع فعلا في دمج بنيات الإعلام والتوجيه الإقليمية والجهوية في بنية واحدة وهي المراكز الجهوية للإعلام والمساعَدة على التوجيه، كخطوة أولى ربما في هذا الاتجاه.. وسيتم تهيئ وتجهيز فضاءات للإعلام والتوجيه داخل الإعداديات والثانويات، وستُحدَث جسور بين مختلف المسالك الدراسية، لتمكين التلاميذ من إعادة التوجيه بفرص أكثر، للحد من فشلهم الدراسي، كما يهدف المشروع إلى تعبئة جميع الأطراف المعنية بالتوجيه والتي بإمكانها أن تعطي نفَساً وآفاقا جديدة لمنظومة الإعلام والتوجيه. − بموجب المادتين 10 و11 من المرسوم رقم 2.08.371 الصادر في 30 أكتوبر 2008 بخصوص تحديد شروط وكيفيات التوظيف والتعيين بصفة انتقالية في بعض الدرجات المنصوص عليها في النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية 2003، يمكن أن يوظَّف ويعيَّن المستشارون في التوجيه التربوي أو التخطيط التربوي تعيينا مباشرا، ما هي سلبيات هذا الإجراء على عمل هيئة التوجيه التربوي؟ سبق لكل المستشارين في التوجيه التربوي العاملين في الميدان الآن أن كانوا أساتذة زاولوا عمل التدريس، وكانوا قريبين من التلميذ ويعرفون حاجاته وانتظاراته ويعرفون طريقة اشتغال المؤسسات التربوية ونوع العلاقات السائدة داخلها، بمعنى أنهم راكموا خبراتٍ ميدانيةً وتمكنوا من قدرات تواصلية.. إلى جانب تكوينهم لمدة سنتين درسوا خلالها موادا متعددة، كعلم النفس والاجتماع والاقتصاد والتواصل والإعلام والتوجيه إلخ... على يد أساتذة جامعيين وباحثين أكفاء، وتُوِّج تكوينهم هذا ببحث ميداني.. فالمفروض أنه عندما يتم توظيف أفراد جدد لمزاولة نفس المهنة لا بد أن يكونوا بنفس هذه الخبرة المعرفية والميدانية في هذا المجال أو يفوقونها، للرفع من الأداء المهني وليس العكس. أما أن يُستنجد بالحلول الترقيعية فإن ذلك غالبا ما يُبعدنا عن الهدف ويزيد في تعقيد الوضع، فالتكوين الأساس لا غنى عنه في هذا الميدان الذي يتفاعل داخله ما هو تربوي بما هو نفسي واجتماعي واقتصادي. وأعتقد أنه مع إحداث المراكز الجهوية للإعلام والمساعدة على التوجيه، فإن الحاجة ملحة إلى فنيين وتقنيين في التصميم والتوثيق والإعلام، بمعنى أفراد ذوي تخصصات تقنية وفنية دقيقة، مثل خرِّيجي المعاهد التقنية، حيث إن هذه المراكز فيها شبابيك وأقسام للتصميم وإنتاج الوثائق والتوثيق والإرشاد، وهي من سيرفع العبء عن المستشارين، خصوصا وأن هؤلاء وإلى جانب قيامهم بمهام الاستشارة والتوجيه، يقومون بهذه المهام التي تحتاج إلى تقنين من هذا النوع. − سجل أطر التوجيه التربوي مجموعة من الملاحظات حول مذكرة إطار طرحت للنقاش من طرف الوزارة، ما هي أهم هذه الملاحظات؟ نعم هذا صحيح، وحتى نضع القارئ غير المختص في الصورة، فإن أهم هذه الملاحظات هي أن المذكرة 91 التي كانت قبل هذه المذكرة والمنظمة لمجال الاستشارة والتوجيه قد انبثقت من أشغال المناظرة الوطنية للاستشارة والتوجيه، بمعنى أن مجموعة من أصحاب الميدان، والذين خبروا إكراهاته ومتطلباته شاركوا في وضعها، وكان هناك شبه إجماع حولها، بينما المذكرة -الإطار المشار إليها في سؤالكم أُنزِلتْ وصِيغت بكيفية بدا وكأن هناك هاجسا يتحكم في واضعيها، وهو تقييد حرية عمل المستشار، عبر وضعه تحت سلط إدارية متعددة ومتداخلة، أحيانا، وهو الأمر الذي يتنافى مع روح وطبيعة عمله.. لا شك أن الانضباط للعمل مطلب ضروري، لكنْ شرط ألا يتحول إلى هاجس يضرب صميم العمل وروحَه، حيث إن هذه الروح تغذيها بواعث النفس ويغذيها كذلك الوازع الأخلاقي والمهني، فالانضباط لا يعني العمل، والعمل لا يعني فقط الانضباط، بل يعني العمل تحقيقَ الأهداف. وهذه نقطة تحتاج لوحدها إلى تحليل وافٍ لو كان الحيز يسمح بذلك. − يتم اليوم الحديث عما يسمى «التربية على الاختيار»، وهو مفهوم وسَّع عمل المستشار في التوجيه، من دور الوسيط بين المدرسة والمحيط إلى دور الفاعل في ترسيخ كفاية الاختيار لدى المتعلم، من خلال إدماج مادة بهذا الاسم في مناهج الدراسة، وأثار هذا التحول بعضَ ردود الفعل من طرف أطر هيئة التوجيه، ما أهم أَوْجُه هذه الاعتراضات؟ لا علم لي بأي اعتراضات في هذا الصدد، لكن الذي أعرفه هو أن الأنشطة أو الاستشارات التي يقدمها المستشار تُبنى على هذا الأساس، أي التربية على الاختيار، بمعنى أن التلميذ هو من يختار المسلك التعليمي أو المهني الذي يناسبه، بمساعدة المستشار الذي يصحح ويحدد ويدقق معه معايير وطرق هذا الاختيار.. أما إدماج مادة بهذا الاسم في مناهج التربية فهو مطلب ما زال ربما بعيد المنال، نظرا إلى قلة الموارد البشرية التي نعاني من خصاصها في كثير من المواد الأخرى، فضلا عن إحداث مواد جديدة. لربما يكمن علاج ذلك في إعادة النضر في الطريقة التي تدرس بها المواد، حيث يتم ذلك تحت إكراهات مجموعة من الظروف (كالاكتظاظ داخل الفصول) إعطاء الأولية للكم المعرفي على حساب الجانب المنهجي والطريقة التي يجب أن يتعلم بها التلميذ كيف يتعلم ويفكر ويتعامل مع مواقف الحياة في جميع تجلياتها. − تنظَّم كل سنة، عبر أهم مدن المملكة، «ملتقيات الطالب».. أين ينتهي «التجاري» ويبدأ «التربوي» في هذه الملتقيات، خصوصا وأن عددا كبيرا من المدارس الخاصة التي تعرض خدماتها لا تخفي مقاصدها الاقتصادية؟ أعتقد أن ملتقيات الطالب تشكل فرصة لنا من أجل عرض خدماتنا واستشاراتنا على التلاميذ وأوليائهم، إلى جانب الأبواب المفتوحة التي يسهر على تنظيمها أطر الاستشارة والتوجيه في كل جهة. أما في ما يخص المدارس الخاصة التي تُعرَض فيها فلا شك أن الهدف الأول لأصحابها هو الربح، ولا عيب في ذلك، مادام مشروعا، خصوصا إذا كان يتحكم في هذا الربح عامل الجودة، حيث لا يتأتى ذلك إلا بوعي الزبون بالطريقة التي يجب أن يختار بها المدرسة (هل الدبلوم معترف به؟ ما هي إمكانات العمل التي تؤهله لها؟ وهل يراعي التكوين المواصفات المطلوبة؟... إلخ) وأن يتحقق من جهات متعددة من صحة المعلومات التي تعرضها هذه المدارس في مثل هذه المناسبات أو غيرها.