اشتغل التوجيه في المغرب منذ بدايته دون أهداف واضحة ولا اعتماد مرجعيات نظرية معلنة تحدد رؤيتها للإنسان . كيف تنشأ وتتحدد الشخصية والهوية المهنية لدى الأفراد؟ وكيف تتشكل الرغبات والميولات والاهتمامات ؟ وهل هي قابلة للإنماء والإعداد والتربية ؟ ما هي العوامل الذاتية والموضوعية المرتبطة بالاختيار واتخاذ القرار في التوجيه ؟ كيف يبني الفرد تمثلاته لذاته ولمحيطه ولمستقبله ؟ أية علاقة يجب أن يقيمها المتعلم(ة) مع محيطه الدراسي والعائلي والمهني والاجتماعي لكي يستطيع إعداد مشروعه في التوجيه؟ كيف يمكن إرساء مقاربة تربوية في التوجيه في نظامنا التربوي تهدف إلى التربية على الاختيار في التوجيه وإنضاج الاهتمامات والاتجاهات لدى الأفراد؟ لكي نتمكن من تأطير ممارساتنا في التوجيه لابد من اعتماد مرجعيات نظرية تمكننا من الإجابة عن هذه الأسئلة وأخرى تتعلق بالتهيئ للاختيار في التوجيه ، كونه تعبيرا عن هوية وأذواق وقيم واهتمامات واتجاهات. ويقتضي إنضاج هذا التعبير العناية والاهتمام ورعاية تربوية . إذا كان الاختيار في التوجيه ناضجا سيمكن الفرد من التوجه نحو المجالات الدراسية والمهنية التي تلائم شخصيته ، حيث تتفتح وتتفتق إمكانياته وطاقاته ومواهبه ، وتتحقق متعة المشاركة والانتماء والنجاح ولذة الإبداع والاكتشاف . وهكذا يساهم التوجيه التربوي في تنمية الموارد البشرية كغاية في حد ذاتها من جهة وترشيد هذه الموارد لتساهم بفعالية في الارتقاء بالمجتمع من جهة أخرى . إن الإقدام عن إصلاح منظومة التوجيه يقتضي الانطلاق من القناعة والاعتقاد الفعلي في أهمية التوجيه والوعي بانعكاساته على الفرد والمجتمع. وأعتقد أن التوجيه السليم أساس ومفتاح النجاح ، وأن التوجيه الخاطئ يشكل أكبر هدر ممكن للموارد البشرية ، ويكفي إلقاء إطلالة على مردودية كثير من الناس وجدوا صدفة في مهنة لا تلائمهم ، إذ أضحت وبالا عليهم عوض أن تشكل فضاء للإبداع والتعبير والمتعة وعشق العمل والحياة. من هذا المنطلق نتناول الإصلاح التي اعتمده المخطط الاستعجالي المتعلق بما سماه « بنظام الإعلام والتوجيه» . ما هو منظوره للتوجيه ؟ ما هي الأهداف والتدابير التي اعتمدها لإرساء نظام ناجع للإعلام والمساعدة على التوجيه؟ كيف يمكن تعبئة كل الأطراف المعنية بالتوجيه باعتباره ورشا جماعيا؟ التوجيه من خلال الميثاق الوطني اعتبر المخطط الاستعجالي الميثاق الوطني للتربية والتكوين مرجعا أساسيا لمنظوره للتوجيه ومنطلقا للإجراءات التي اعتمدها لإرساء «نظام ناجع للإعلام والتوجيه». وقد اعتبر الميثاق أن التوجيه التربوي والمهني دعامة من دعامات التغيير وصرح بأنه» جزء لا يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين ، بوصفه وظيفة للمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية « (المادة 99) . فضلا عن ذلك ، حدد الميثاق أهدافا تتمثل في» تعيين مستشار واحد في التوجيه على الأقل على صعيد كل شبكة محلية للتربية والتكوين (...) ، وفي مرحلة لاحقة على صعيد كل مؤسسة للتعليم الثانوي. ويتوافر المستشار على مكان للعمل مزود بالأدوات الملائمة « (المادة 101 ). كما جعل من مرامي التعليم الإعدادي : « إنضاج الوعي بالملكات الذاتية والتهيئ لاختيار التوجيه، وتصور وتكيف المشاريع الشخصية سواء قصد الاستمرار في الدراسة أو الالتحاق بالحياة المهنية « (المادة 68) . وفي نفس السياق أوصى الميثاق في المادة 102 بتعميم مراكز الاستشارة والتوجيه ، حيث قال «يتم خلال خمس سنوات ، تعميم مراكز الاستشارة والتوجيه ذات التأطير اللازم ، المزودة بالتجهيزات والمعطيات وخزانات الروائز وأدوات التقويم الأخرى المناسبة والموصولة بالشبكات المعلوماتية ، على نحو يؤهلها للاضطلاع بمهام التوجيه المنصوص عليها في المادتين 100و101 أعلاه، بأقصى ما يمكن من الفعالية والنجاعة». كما أوصى في الأخير في المادة 103 بخلق وكالة وطنية للتقويم والتوجيه ، حيث صرح «تحدث وكالة وطنية للتقويم والتوجيه تتمتع بالاستقلال التقني والمالي والإداري ، وبالشخصية المعنوية . ويناط بها بالخصوص : البحث التنموي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية واللسانية المطبقة على التربية وطرق الامتحان والتوجيه التربوي والمهني. الإشراف على مستشاري التوجيه وعلى مراكز الاستشارة والتوجيه، وتزويدها المنتظم بالمعطيات ووسائل العمل (...)»( المادة 103) . حصيلة العشرية الماضية إذا كانت تلك هي أهداف و طموحات الميثاق في إصلاح منظومة الاستشارة والتوجيه ، خلال العشرية الماضية ، غير أن ما تحقق في الواقع لا يرقى إلى تلك الطموحات ، حيث لم تستطع السلطات التربوية ترجمة تلك الاختيارات إلى فعل تربوي في الحياة المدرسية . أي لم تتمكن من بلورة إجابات عن الأسئلة الجوهرية التي يطرحها الميثاق المتعلقة بالتوجيه ، أي كيف يمكن إنضاج الوعي بالملكات الذاتية ؟ وكيف يمكن تهيئ التلاميذ لاختيار التوجيه وجعل التلميذ يمتلك مشروعا شخصيا ؟ ذلك أن السلطات التربوية ظلت منشغلة بتحسين مؤشرات كمية . ويبدو أن الحاجة إلى التوجيه وعي لم يحصل بعد لدى صانعي القرار، حيث أن التوجيه مثله مثل جودة التعلم يندرج ضمن الاختيارات النوعية التي تتطلب رؤية جديدة لوظيفة المدرسة وغايات جديدة لبرامج ومناهج منظومة التربية والتكوين . اقتصرت السلطات التربوية إذن أثناء عشرية الإصلاح الماضية على اتخاذ إجراءات ذات بعد كمي ومادي ، حيث أحدثت بعض بنيات الاستشارة والتوجيه على المستوى الجهوي (6 خلايا لإنتاج وثائق إعلامية) ، وعلى المستوى الإقليمي (52 مركز للاستشارة والتوجيه) وعلى المستوى المحلي (728 قطاع مدرسي للاستشارة والتوجيه ). إلا أن فعالية هذه البنيات، حسب التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتعليم، ظلت محدودة نظرا لأن وظائفها لم تتحدد بشكل واضح كما أن الموارد المخصصة لها غير كافية . فضلا على أنها تعاني من غياب التنسيق سواء على المستوى الأفقي أي بين مختلف عناصر بنيات الاستشارة والتوجيه أو بين أطراف أخرى معنية بالتوجيه (التعليم العالي والتكوين المهني وعالم الشغل ) أو على المستوى العمودي أي بين المركز والجهة والإقليم والمؤسسة التعليمية . إضافة إلى أنه لم يتم «تزويد [مستشاري التوجيه ومراكز الاستشارة والتوجيه ] المنتظم بالمعطيات ووسائل العمل « (الميثاق) . إذ تم التخلي عن إحداث الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه التي أناط بها الميثاق القيام بهذا الإشراف ، وبالتالي لم تعد أي بنية مركزية تشرف وتقود منظومة التوجيه والإعلام ، مما جعل تلك البنيات عرضة للإهمال والنسيان والارتجال. ونتيجة لذلك ظلت خدمات الاستشارة والتوجيه على مستوى المؤسسات محدودة بل محصورة في القيام ببعض المقابلات الفردية للاستشارة والتوجيه وخدمات إعلامية مبنية على الخطابة في غياب توفير وثائق إعلامية رسمية متوفرة لكل متعلم(ة) ووليه ، كما أن قرارات التوجيه ظلت تتخذ بناء على نتائج التلميذ وملاحظة الأستاذ فقط ، وذلك لعدم توفير أدوات الاشتغال الواردة في مهام الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه السالفة الذكر (المادة 103 ) . وينضاف إلى ذلك النقص الحاصل في تغطية المؤسسات بالقطاعات المدرسية للاستشارة والتوجيه، حيث أن عدد التلاميذ لكل مستشار يتجاوز1200 تلميذ في المعدل . وبذلك يتعذر على التلاميذ الاستفادة من مقاربة مشخصنة للإعلام والتوجيه تعتبر التلميذ كائنا فريدا يستلزم احترام أصالته وفردانيته وتاريخه الشخصي وحاجاته الخاصة التي يتطلبها بناء مشروعه الشخصي . كما أن خدمات الاستشارة والتوجيه ظلت محصورة في الخدمات التي يقدمها المستشار في التوجيه ، في حين ظلت المؤسسات التربوية تعتبر نفسها غير معنية بالتوجيه والإعلام لأن السلطات التربوية لم تعمل على تفعيل ما جاء به الميثاق حول مرامي التعليم الإعدادي الواردة في المادة 68 السالفة الذكر ، والتي تدعو المدرسة إلى مساعدة التلميذ على التهيئ للاختيار في التوجيه ، حيث لم تبلور هذه السلطات تصورا واضحا يمكن المدرسة من أجرأة هذا الهدف الطموح. في إطار تدارك هذه الاختلالات يندرج البرنامج الاستعجالي الذي سيستمر طيلة الموسم 2009 / 2012 . ويهدف في مجمله إلى تصحيح وتدارك ما اعترى تطبيق مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين من تعثرات واختلالات بما في ذلك منظومة الإعلام والتوجيه. ما هو إذن هدف هذا المخطط المتعلق بالتوجيه ؟ وما هي الإجراءات التي سيعتمدها لإرساء «نظام ناجع للإعلام والتوجيه» ؟ وهل سترقى اختيارات المخطط إلى اختيارات نوعية في تجاه إرساء ممارسة في التوجيه ذات بعد تربوي ؟ التدابير المعتمدة في المخطط الاستعجالي يهدف المخطط الاستعجالي إلى إعادة بناء نظام الإعلام والتوجيه من أجل الرفع من قدرة نظام التربية والتكوين على منح كل تلميذ الوسائل التي تمكنه من أن يتوجه نحو التكوين الملائم لإمكانياته ويمنحه إمكانيات تفتح له آفاق مستقبلية واسعة للاندماج في سوق الشغل. حدد المخطط الاستعجالي أربع دعامات إضافية ستمكن من تحقيق هذا الهدف وإرساء نظام ناجع للإعلام والتوجيه : ° توفير المادة الإعلامية ووضعها رهن إشارة التلاميذ والطلبة من خلال نظام موحد للإعلام والتوجيه تشرف عليه سلطة وطنية للتوجيه . ° إرساء دعائم «التوجيه النشيط «ووضع آليات تمكن التلاميذ من إجراء اختيارات مستنيرة ° تعبئة كل الأطراف المعنية بالتوجيه . ° تقوية الموارد البشرية العاملة بالتوجيه سواء على المستوى العددي أو على مستوى التأهيل والتكوين . ° إحداث وكالة وطنية للتوجيه ° خلق جسور بين مختلف المساك الدراسية لتمكين التلاميذ والطلبة من إعادة التوجيه والحد من الفشل الدراسي. 1 وضع الإعلام رهن إشارة التلاميذ من خلال الإجراءات التالية : إحداث وكالة وطنية للإعلام والتوجيه كمؤسسة عمومية تتولى الإشراف وتقنين وتقويم وتطوير منظومة الإعلام والتوجيه. إحداث مراكز جهوية وإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه (شبابيك وحيدة ) من خلال دمج البنيات العاملة حاليا في هذا المجال (مراكز إرشاد الطالب ومراكز الاستشارة والتوجيه ومراكز إنتاج الإعلام ) . وتشكل هذه المراكز بنيات جهوية وإقليمية مكلفة بالإعلام (المدرسي والجامعي والمهني) والمساعدة على التوجيه لفائدة تلاميذ وطلبة الجهة والإقليم وغيرهم من الراغبين في الاستفادة من الخدمات والاستشارة التي تقدمها. إحداث بوابة وطنية للإعلام والتوجيه باعتبارها بنية رقمية رسمية تمكن الفئات المستهدفة من الولوج بسهولة إلى معلومات شاملة ومحينة وذات مصداقية وإلى أدوات ملائمة للمساعدة على التوجيه . إنتاج وتوزيع دعائم الإعلام والمساعدة على التوجيه ، ويتعلق الأمر بدلائل ومطويات ووسائط رقمية وسمعية بصرية ومجزوءات التربية على الاختيار والتوجيه لفائدة التعليم الثانوي الإعدادي. حيث سيتم الإدماج التدريجي لمجزوءة خاصة بالتربية على الاختيار وبناء المشاريع الشخصية بهدف تنمية الحس المقاولاتي للمتعلمين ضمن أنشطة التفتح بالتعليم الثانوي الإعدادي. 2 تعزيز التوجيه النشيط . اعتمد المخطط الاستعجالي ما سماه « بالتوجيه النشيط « الذي ينبني على التدابير التالية: إرساء وتفعيل مسطرة خاصة بالتوجيه النشيط باعتبارها آلية للمواكبة الفردية لتلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا الراغبين في متابعة دراستهم العليا بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح (الكليات) وتهدف هذه المسطرة إلى مساعدة هؤلاء التلاميذ على اختيار الشعب التي تلائم قدراتهم وميولاتهم واستعداداتهم لضمان أكبر نسبة نجاح ممكنة .وتتمثل هذه المسطرة في دراسة رغبات التلاميذ من طرف مجلس القسم ابتداء من الدورة الأولى من السنة الثانية من سلك البكالوريا بناء على رغباتهم ونتائجهم الدراسية، وتقوم الجامعة/ الكلية المعنية بنفس الشيء بناء على دراسة ملفات التلاميذ أو مقابلة فردية بالتلميذ وتقدم رأيها بالقبول أو بالتحفظ. غير أن هذه الآراء (الصادرة عن مجلس القسم أو عن الكلية ) لا تشكل بأي حال من الأحوال قبولا أو رفضا لتسجيل التلاميذ في الشعب الدراسية الجامعية المرغوب فيها، وإنما يعتبر مجرد رأي يساعد التلاميذ على اتخاذ القرار الملائم. تعميم العمل بالمشروع الشخصي للتوجيه باعتباره مقاربة للتوجيه الذاتي تلائم حاجات المتعلمين وتسهل اكتشاف مجالات الحياة المهنية والحياة الدراسية والإمكانيات والاهتمامات الذاتية . وبذلك يصبح التلميذ ، من خلال إعداد مشروعه الشخصي ، المسؤول والفاعل والقائد الرئيسي لصيرورة الاختيار واتخاذ القرار في التوجيه. 3 تعبئة كل الأطراف المعنية بالتوجيه يقتضي الرفع من نجاعة خدمات الاستشارة والتوجيه انخراط كل الأطراف المعنية بالتوجيه ، والكف عن الاعتقاد أن مسألة التوجيه تنحصر في الخدمات التي يقدمها المستشار في التوجيه. لذلك سيعمل المخطط الاستعجالي على تعبئة كل الفرقاء القادرين على المساعدة على التوجيه للانخراط في توفير فضاء مساعد على التوجيه في المدرسة ، وذلك من خلال الإجراءات التالية: تكوين أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي في مجال التوجيه ، حيث يتمكنون من اكتساب كفايات تساعدهم على مباشرة مهامهم في مساعدة ومصاحبة التلميذ و» إنضاج الوعي لديه بالملكات الذاتية والتهيئ للاختيار في التوجيه « (الميثاق) وتقريب العالم الخارجي إليه ، وربط المعرفة التي تروجها المدرسة بالحياة المعيشة بشكل عام وبالحياة المهنية بشكل خاص. مأسسة مبدأ «الأستاذ الرئيسي « التي تناط به مسؤولية التنسيق سواء على مستوى الفريق التربوي أو على مستوى أساتذة القسم ، كما يتم تكوين هؤلاء الأساتذة في مجال إعداد المشاريع الشخصية من أجل مصاحبة تلاميذهم بهدف تحقيق الهدف الذي حدده الميثاق والذي يتمثل في « تصور وتكييف المشاريع الشخصية سواء قصد الاستمرار في الدراسة أو الالتحاق بالحياة المهنية «( المادة 68) تشجيع انخراط الآباء والمهنيين في مجال المساعدة على التوجيه ، وذلك من خلال المساهمة في تنظيم زيارات لمؤسسات إنتاجية تمكن التلاميذ من اكتشاف محيطهم المهني والاحتكاك بعالم الشغل يوقظ ميولاتهم واهتماماتهم المهنية . كما يمكن أن ينظموا عروضا حول المهن وعالم الشغل سواء داخل المؤسسة أو خارجها . وتهدف هذه التدخلات إلى إنماء الحس المقاولاتي لدى التلاميذ الذي يعتبر المحرك لبناء مشاريع شخصية غنية وناضجة . 4 تقوية الموارد البشرية العاملة في مجال التوجيه سواء على مستوى توفيرها أو على مستوى تأهيلها وتكوينها . في إطار الرفع من نجاعة منظومة الإعلام والتوجيه ، يسعى المخطط الاستعجالي إلى تقوية أداء الموارد البشرية العاملة في مجال التوجيه التربوي ، وذلك من خلال اعتماد التدابير الأساسية التالية : تغطية كل المؤسسات التعليمية الثانوية والإعدادية بخدمات الاستشارة والتوجيه ، ويتطلب تحقيق هذا الهدف توظيف 1000 مستشارا جديدا في أفق 2012 ، مما يحتم على الوزارة اعتماد صيغ جديدة لتكوين وتعيين هذا العدد من المستشارين ، منها التوظيف المباشر لحاملي الشهادات العليا. وضع استراتيجية وطنية للتكوين المستمر لفائدة أطر التوجيه والأطر العاملة في مجال الإعلام والمساعدة على التوجيه لتطوير كفاياتهم والرفع من جودة ونجاعة تدخلاتهم. توفير إطار ملائم لاشتغال أطر التوجيه من خلال تهيئة وتجهيز فضاءات خاصة بالإعلام والمساعدة على التوجيه بالثانويات الإعدادية والتأهيلية . إلحاق المدارس الابتدائية المتواجدة بمنطقة عمل المستشار في التوجيه بالقطاع الذي يشتغل فيه ، وذلك ليقدم دعمه لخلايا اليقظة المتواجدة بهذه المدارس وللجهود المبذولة لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبة التعلم ، وليساهم في مختلف أنشطة المصاحبة والمواكبة ذات الصلة بمجال الإعلام والمساعدة على التوجيه. بناء على ذلك يصبح للمستشار في التوجيه دورا مزدوجا ، فهو مستشار نفسي في التعليم الابتدائي ومرافق للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم والإدماج واختيار التوجيه في التعليم الثانوي . تقييم اعتبر المخطط الاستعجالي التوجيه التربوي شأنا جماعيا يهم أطرافا عديدة من داخل المؤسسة وخارجها ، ودعا هذه الأطراف إلى الانخراط في الرفع من نجاعة منظومة الإعلام والتوجيه ، وحدد مهام بعض هذه الأطراف دون أن يحدد إطارا ومنهجية تربوية واضحة وعملية تجعل التدخلات واضحة ومنسجمة ومندمجة وهادفة تسعى إلى تحقيق الأهداف الذي وضعها الميثاق : أي كيف يمكن إنضاج الوعي بالملكات الذاتية؟ وكيف يمكن تهيئ التلاميذ للاختيار في التوجيه وإعداد مشاريع شخصية ؟ وكيف يمكن جعل المدرسة تحقق هذا المرمى كما طالب بذلك الميثاق ؟ لم يقدم البرنامج الاستعجالي إجابات واضحة لهذه الأسئلة ومخططا إجرائيا لتصريفها في الواقع . لقد تحدث بالفعل عن الإدماج التدريجي للتربية على الاختيار وإنماء الحس المقاولاتي واعتماد المشروع الشخصي للتلميذ ، وأناط عدة أطراف القيام بهذه المهام ، لكن دون أن تتضح الصورة العملية التي تجعل كل هذه التدخلات منسجمة ومتكاملة . إضافة إلى ذلك ، قد عاد المخطط الاستعجالي إلى استعمال تسمية قديمة / جديدة لمنظومة التوجيه ، إذ تحدث عن الإعلام والتوجيه عوض الاستشارة والتوجيه التي وردت في الميثاق وفي المذكرة 91 التي انبثقت على إثر مناظرة وطنية حول تطوير وظائف وآليات الاستشارة والتوجيه التي انعقدت في 09 أبريل 2005 . ويدل هذا التراجع في التسمية عن تراجع في المنظور للتوجيه ، حيت يبدو أن التركيز انصب أكثر على الإعلام عوض الاستشارة ويتجلى ذلك من خلال الإجراءات المعتمدة سواء على مستوى وضع بنيات للإعلام والمساعدة على التوجيه أو على مستوى الخدمات التي ستقدمها هذه البنيات ومختلف المتدخلين . ويعني ذلك أن التوجيه سيظل ينبني على الإعلام ومؤهلات التلاميذ الدراسية ، دون اعتبار الاهتمامات والميولات ودون الاهتمام بإنضاجها وإنمائها داخل المدرسة من خلال برامجها ومناهجها ومن خلال خدمات التوجيه التربوية التي تقدمها مختلف المتدخلين في التوجيه. ومجمل القول ينبغي التأكيد على أنه إذا ظل منظور السلطات التربوية للتوجيه يختزل التوجيه في تلك الإجراءات المؤسساتية للانتقاء والإعلام ، دون الانتقال إلى اختيار نوعي تربوي يعتبر الاختيار واتخاذ القرار في التوجيه قابلان للإعداد والتربية وأن الميولات المهنية قابلة للتطور والنمو والنضج في تربة تربوية ترعى ذلك ، سنطل نزج بأبنائنا في مسارات دراسية ومهنية بناء على معطيات مبنية على أسس غير سليمة وغير معبرة عن حاجات التلاميذ العميقة ، مما سينعكس سلبا عليهم وعلى المجتمع . مفتش التوجيه التربوي