قبل الايغال في موضوعة المقال يجب ان نعرف ما المقصود ب"الدفاع الشرعي " يعرفه البعض بأنه (حق عام يعطى صاحبه حق استعمال القوة الضرورية لدفع كل عدوان على النفس او المال) اما من وجهة نظر القانون فيعرف بأنه ( لجوء المرء إلى القوة لكي يدفع بها اعتداءا (أي جريمة).لم تقع فعلا في صورة تامة نافذة ، ولكنها وشيكة الوقوع في هذه الصورة ، لأن هناك خطرا حالاّ يهدد بوقوعها وشيكا ، أو انها في مجرى نفاذها فعلا دون ان يتم هذا النفاذ ، وفي كلا الحالين لا يتسع الوقت لمن يتهدده الاعتداء للاحتماء بالسلطة العامة ، فلا يجد مناصا او مهربا من أن يدرأ الخطر بالقوة. والدفاع الشرعي بهذا المعنى هو ما أباحه القانون المصري ، شأنه شأن كافة الشرائع قديمها وحديثها.) والتعريف الثاني مقتبس من القانون المصري. اما من وجهة النظر الفقه الإسلامي فيعرف بانه (واجب الإنسان في حماية نفسه أو نفس غيره ، وحقه في حماية ماله أو مال غيره من كل اعتداء حال غير مشروع و بالقوة اللازمة لدفع هذا الاعتداء) . و لذلك فان "حق الدفاع الشرعي" يعني إمكانية اللجوء الى العنف بأشكاله المختلفة واستخدامها و التي لا يسمح بها القانون والعرف في الضر وف الاعتيادية في حالة الدفاع عن النفس او دفع ضرر محدق . نعم ان حق الدفاع الشرعي هو ا حق مكفول لكل إفراد المعمورة وسكانها بما فيهم الحشرات والحيوان . بل ان "النحل " ربما هي من يضرب لنا اروع مثل حول موضوع الدفاع الشرعي . ولغرض إعطاء صوره واضحة حول هذا الموضوع . استعنا ببعض المعلومات العلمية حول التنشئة وأصولها ومدى أهمية المجتمع في البناء النفسي والسلوكي للأفراد وخصوصا الأطفال . فنحن لا نستطيع ان نحدد الشخصية او نعرفها تعريفا شاملا مانعا وذلك بسبب ان شخصية الإنسان هي ليست عضو كباقي أعضاء الجسم كالقلب والكبد واليد و انما هي دراسة في امور مبهمة غالبا ما تكون مجهولة الهوية ليس لها مكان محدد ولذلك فان الدكتور "على الوردي" مثلا حاول تعريفها قائلا (هي تلك المجموعة المنظمة من الأفكار والسجايا والميول والعادات التي يتميز بها شخص ما عن غيره) بينما عرفها "كلوكهولن" بانها (تكوين حركي ومحاولة مستمرة في سبيل التوفيق بين رغبات الإنسان الطبيعية و قواعد المجتمع المفروضة عليه ) . ولذل فهي صراع دائم بين قوتين متعاكستين الأولى بهيمية لا تفهم قيدا ولا تدرك معنى و الأخرى اجتماعية تحاول ان تسيطر على تلك القوة الغاشمة وتسكبها في قوالب حضارية مقبولة . هكذا وصفها الوردي في كتابه "شخصية الفرد العراقي" اما "فرويد" فيقول (انها نزاع بين الذات السفلى والذات العليا ). في حين ان اغلب العلماء ومنهم علماء الاجتماع يفصلون بين الروح وبين النفس وإنا اعتقد بان "الروح" هي التي تحدد بوجودها داخل الجسم صفة الحياة من عدمها لا اكثر ولا اقل . اما "النفس" هي نفسها ( الذات او الأنا ) وهي قابلة لأن تتقولب وتتطبع بالمهارات الي يكتسبها الإنسان حتى مماته ومركزها العقل و ما تصرفات وسلوك الكائن الا انعكاس لتلك المهارات التي اكتسبها منه أي ان الإنسان هوا حبس مهاراته التي اكتسبها على مدى حياته. أي ان سلوك الفرد الإنساني لا يتعدى الإطار العام للمهارات المكتسبة ولذلك فان النفس او الذات هي ليست موهبة طبيعية يرثها الإنسان في مجملها لكن الروح كذلك وهي غير قابلة للتطور او التغير . لذلك فان شخصية الإنسان المكتمل البلوغ تعتمد شخصيته على نواة النفس الطيعة للطفل منذُ ولادته وحتى وفاته . وقد ذكر الدكتور"علي الأمير" في مقدمة كتابه "فسلجة النفس" ( النفس في مرحلة الطفولة خامات نقية تتكون بحسب تصميم المسئولين عن تنشئتها و تخطيطهم ان ان الطفل لوحة بيضاء تتشكل بحسب كفاءة الفنان الذي يستخدمها ) ان ربط الاضطرابات النفسية بالعوامل الوراثية هي نظرية باطلة و ذلك بسبب ان النفس البشرية او ما يمكننا ان نسميه "الذات" هي نتاج للمجتمع وانعكاس للدور الذي منحه لتلك الذات فردت الفعل التي يقوم بها أي إنسان و لأي مؤثر او مثير أنما هي في الحقيقة تجسيد لما اكتسبه العقل من معلومات حددت بموجبها ردت الفعل مسبقا و بحسب ما اكتسبه الإنسان سواء من المجتمع الأولي أي الاسره او المجتمع الأوسع أي المجتمع البشري في المدرسة او العمل والقرية والمدينة وهكذا .. نعم ان المرأة هي نتاج المجتمع أي ان شخصية المرأة وسلوكها تعبير صارخ للحدود التي سمح المجتمع للمرأة ان تتحرك ضمنها ليس لها الحق في تجاوزها او الخروج عنها او الإضافة عليها . ان الواقع الهزيل الذي تعيشه المرأة العربية بصورة عامه والعراقية بصورة خاصة هي نتاج للتنشئة النفسية الخاطئة التي دئب علها المجتمع في التعامل مع الإناث نهم ان مسؤولية تنشئة الطفل نفسيا لا تقل أهمية عن سلامة التنشئة الجسمية بل أنها أكثر أهمية وخطورة بالنسبة للأسرة والمجتمع . نعم يقول الدكتور "علي الأمير " من المهم ان يكون للإرشاد تأثير ايجابي على نفسية الطفل ومدى نجاح الإرشاد يعتمد على محورين أساسيين هما أسلوب الإرشاد ومحتوى الإرشاد مضامينه وهذين المحورين يعتمدان مباشرة على خلفية من المعرفة والخبرة النفسية وخصوصا المعلومات الأساسية عن نفسية الطفل وبعكس ذلك يكون الحديث عن التنشئة الصحيحة عبثا . كما ويجب فسح المجال اما الطفل وإعطاؤه الفرصة لتحويل معلوماته النظرية الى التطبيق الملي كحرية الاختيار واتخاذ القرار وعمليات الضبط الذاتي على ان يراقب خلال التطبيق ولو بصورة غير مباشر وتصحيح أخطائه ف6ي حينه . لذلك واعتمادا على ما ذكر ان الاضطهاد والتفرقة بين الأطفال بسبب الجنس او التعامل الخشن السلبي إمامهم في الحقيقة سوف يعطي الأطفال مهارات سلبية سوف تؤثر بصورة مباشرة على واقعهم السلوكي داخل المجتمع بل ان القمع المادي والمعنوي للأطفال بصورة عامة والإناث بصورة خاصة ممكن ان يسبب مشاكل نفسية في المستقبل وربما تؤدي الى عوق نفسي لا ياستهان به . وان العادات والتقاليد البالية والتي في مجملها تضطهد الإناث قد أنجبت و مع مرور الوقت و تقادم الزمن أجيال من المربين الغير كفوئين يحولون بناتهم باللاشعور الى جواري تحت الرحمة الذكورية المتغطرسة . فيجعلون من شخصية بناتهم في أطار الخنوع والخضوع والضعف والسلبية امام شخصية الرجل المهيمنة . السؤال الذي يطرح نفسه هل ان من سلبت حرية وصودرت إنسانية له الحق في الدفاع الشرعي عن ذاته المسلوبة الاراده . نعم ان الدكتور "على الوردي " في كتابة "شخصية الفرد العراقي" تكلم بصراحة عن ازدواج شخصية الفرد العراقي وضرب الأمثال نعم نحن نحب بناتنا لكننا نسلبهن إنسانيتهن و ننزع عنهن حريتهن في الحياة عنوة نعم أننا مجرمون قتلنا بناتنا بداعي الحب و استعبدناهن بداعي العرف واستبحنا مقدراتهن بداعي الدين .. فهل ان أجرمن بحقنا بداعي الحرية أ يكون ذلك" دفاعا شرعيا" ..؟ الا لعنة الله على القوم الظالمين .