في لحظة من ليلة الأربعاء الخميس، تحول الهدوء إلى صراخ، والطمأنينة إلى خوف وهلع شديدين، ففي هذه الليلة عاش سكان مدن الدارالبيضاء، والمحمدية، والرباط، والقنيطرة، وطنجة، وتطوان، أجواء مفزعة، بسبب الهزة الأرضية، التي ضربت هذه المدن، وغيرها. هلع بين سكان الدارالبيضاء بعد الهزة الأرضية (آيس بريس) واضطر عدد من المواطنين، شعروا بخطورة هذه الهزة، إلى الخروج من منازلهم، معتقدين، في البداية، أن الأمر مجرد كابوس مفزع، لكنهم تيقنوا في ما بعد أنها هزة أرضية، كادت أن تسبب في كارثة إنسانية. يقول عبد الحليم (موظف) "شعرت بهذه الهزة، لأنني لم أكن استسلمت للنوم بعد، ولا أخفي أن خوفا شديدا تملكني، وشعرت، في لحظة، أن كل شيء انتهى، وكانت الهزة قوية جدا، لكن، الحمد لله، أنه لم يقع أي مكروه". في بوركون، ودرب السلطان، والبرنوصي، وعين السبع، والمدينة القديمة بالدارالبيضاء، غادر عدد من المواطنين منازلهم، خوفا من سقوطها فوق رؤوسهم. يقول أحدهم "لم أجد بدا من مغادرة المنزل، كانت الهزة قوية جدا، لم أمتلك أعصابي. إنها ليلة مرعبة". هذه الشهادة لسائق طاكسي بالدارالبيضاء، الذي يضيف أن عددا من سكان حي بوركون، بمقاطعة أنفا، اتجهوا نحو البحر، هربا من احتمال انهيار جدران المنازل "تركنا منازلنا، واتجهنا صوب البحر، لأننا كنا نشعر بخوف كبير". وبالنسبة إلى عزيزة، فهي تتذكر كل التفاصيل الصغرى عن هذا الحدث، وتقول "كنت نائمة، مستسلمة للأحلام، لكن، في لحظة، شعرت بالسرير يتحرك، وسمعت حركات غريبة في الدولاب، حينها، أدركت أن الأمر يتعلق بهزة أرضية غير عادية، فأيقظت زوجي، ولم أبد أي حركة". وهل خرجت من المنزل؟ أبدا، ترد عزيزة، "اكتفيت بالبقاء في المنزل، لأنه لا هروب من قدر الله". ولزميلتها خديجة الموقف ذاته، فأوضحت أنها، رغم شعورها بالخوف الشديد، ظلت في شقتها، بعين السبع، لأنها "تؤمن بقضاء الله وقضائه، والموت أمر لا مفر منه". وتضيف"شعرت بالهزة الأرضية، التي ضربت الدارالبيضاء، لكنني بقيت في المنزل، لأنه، في الحقيقة، لم تكن الهزة قوية جدا". في الواحدة وأربعين دقيقة من هذه الليلة المرعبة، تحركت الهواتف المحمولة لمعرفة تفاصيل الحادث،"ألو، واش سمعتي أشنو جرا؟ أش غادي نديروا دابا؟ شوف أخويا، راه الله اللي غادي يدير، حنا ما عندنا ما نديروا". كانت هذه العبارات نموذجا من مكالمات جرت بين عدد من المواطنين للاطمئنان على بعضهم. ويؤكد محمد، أحد سكان لاجيروند بالدارالبيضاء، أنه، بمجرد شعوره بالهزة، اتصل بزوجته، التي كانت في منزل أسرتها، فأكدت له الخبر، والأمر نفسه فعله يوسف، من سكان المعاريف، الذي اتصل بصديقه في حي الألفة، فظل هاتفه يرن دون رد، ليدرك يوسف أن جل المواطنين لم يحسوا بالهزة، ويستسلم بعد ذلك للنوم، ويسلم أمره إلى الخالق، بعد دقائق من الرعب، والخوف، والهلع الشديد.