تطرح كل الأفلام المعروضة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته التاسعة، التي تختتم اليوم السبت 12 دجنبر الجاري، قضايا إنسانية عميقة جدا، لا تترك الجمهور سلبيابل تدفعه إلى البحث في أعماقه، مسجلة بذلك عودة السينما العالمية إلى ما هو إنساني، وانشغالها بهموم الإنسان والذات والنفس وميولاتها المعقدة. ربما يعتقد البعض أن الأمر مقصود من طرف المنظمين لإدراج أفلام من تيمة موحدة، لكن بالعودة إلى فيلموغرافيا المخرجين، وإلى تواريخ إنتاج أفلامهم، يتبين أن تلك الأفلام كلها أنتجت سنة 2009، وأن ثمانية من الأشرطة المقدمة في المسابقة الرسمية للمهرجان، في إطار المسابقة الرسمية، هي الأفلام الطويلة الأولى لمخرجيها، وهي دليل على أن الاتجاه الجديد في السينما العالمية هو اتجاه إنساني بامتياز. كثيرون رأوا في تلك الأفلام أنها غير صالحة للمسابقة الرسمية، خاصة أنها أفلام طويلة أولى لمخرجين شباب، لكن النظرة السينمائية القوية، والبعد الإنساني المحمل فيها، دفعهم لتغيير رأيهم، بعد مرور يومين على برمجة المهرجان، لأن تلك الأفلام شدتهم، بصدقها، وشفافيتها الكبيرة، وبالروح التي تمنحها، رغم الاقتصاد الكبير في أدواتها السينمائية، فهناك أفلام لم تخرج من الغرفة الواحدة، لكنها لم تجعل الجمهور يمل أو يقنط من الصمت، والعتمة، والتيه أحيانا. إنها سينما إنسانية سطرها مخرجون ومخرجات من إسبانيا، ورومانيا، واليابان، وإيسلاندا، وفرنسا، والمكسيك، والدانمارك، وإيطاليا، وبلجيكا، والأوروغواي، وماليزيا، وتادجيكستان، ومصر، والمغرب، ليس هم مخرجيها الحصول على جوائز المهرجان، بل التعرف على انطباع الآخر على تلك الأفلام، الذي هو انطباع إيجابي بشكل عام، يؤكده الإقبال الكبير، الذي تعرفه تلك الأفلام، التي تغص القاعات، التي تعرض فيها بالجماهير. فمن يقول إن الجمهور المغربي يقبل أي شيء، فليأت بنفسه إلى مراكش، وليعاين بنفسه حسه الفني الرفيع، وقدرته على التمييز بين الصالح والطالح. فكفى استغباء للجمهور، وكفى من الأحكام المسبقة.