توجت الدورة التاسعة لمهرجان الدولي للفيلم بمراكش التي اختتمت مساء السبت 12 دجنبر الجاري فيلم «شمالا» للمخرج المكسيكي ريكوبيرطو بيريزكانو بالنجمة الذهبية للمهرجان (الجائزة الكبرى). ومنحت جائزة لجنة التحكيم للمهرجان مناصفة لفيلم «البارونات» للمخرج البلجيكي نبيل بن يادير، وفيلم «ابنتي» للمخرجة الماليزية شارلوت ليم لاي كيون . أما جائزة أحسن دور رجالي فعادت للممثل سيرون ميلفيل عن دوره في فيلم «حب وغضب» للمخرج الدانماركي مورتن جييز . وفازت بجائزة أحسن دور نسائي الممثلة لوت فيربيك عن دورها في فيلم «لا شيء شخصي» للمخرجة أنطولا أورزو أونطونياك . وذهب اختيار لجنة التحكيم لصالح سينما المؤلف التي تقوم على اقتراح قصة من خلال رؤية فنية وجمالية خاصة . و ذلك ما عكسه الشريط المكسيكي الفائز بالجائزة الكبرى لينضاف إلى السجل الذهبي لهذه التظاهرة الدولية، والذي يتعامل مع حالة إنسانية تجتاز تجربة كونية هي الحلم بالهجرة الممتزجة بالحنين . اختيار لجنة التحكيم التي يرأسها المخرج والسيناريست والمنتج الإيراني عباس كيارو ستامي لم يكن مفاجئا للنقاد والمتتبعين الذين كانوا يرجحون احتمال فوز الفيلم المكسيكي أو الشريط الدانماركي حب و غضب أو الشريط الهولندي لا شئ شخصي . مع العلم أن أغلب الأفلام المتنافسة في مسابقة هذه الدورة كشفت قوة خاصة في السرد السينمائي و في السيناريو و من أبرزها الشريط الإيطالي «أنا الحب «والشريط الياباني «طوكيو تاكسي «والفيلم الأمريكي «القلب الجيد «التي تركت بصمات خاصة في إحساس الجمهور وتفاعله الإنساني مع مضامينها. ومرة أخرى ، لم يستطع الشريط المغربي المشارك في المسابقة «الرجل الذي باع العالم» للأخوين سهيل وعماد النوري انتزاع أية جائزة ، مخلفا مواقف متناقضة منه. ففي الوقت الذي اعتبره بعض النقاد محاولة جدية وشجاعة لتجديد الرؤية السنيمائية بالمغرب ، اعتبره آخرون خطوة جديدة في اتجاه فصل هذه السينما التي هي أصلا ليست في حاجة إلى مزيد من المشاكل، عن جمهورها . وقد شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان إلى جانب الشريط المغربي 14 فيلما آخر من مصر وإيطاليا وأوروغواي وبلجيكا والدانمارك وماليزيا والمكسيك وفرنسا وبولونيا واليابان وكوريا الجنوبية وإيسلندا وتادجيكستان. مع العلم أن الفائز الحقيقي في هذه الدورة هو جمهور السينما بمراكش الذي منحه المهرجان تأشيرة السفر والمغامرة الحالمة عبر عوالم مختلفة وتجارب متضاربة تستكشف مخيالا خصبا ومتنوعا يستوعب احتمالات مفاجئة ومغرية للحياة و الحب والأمل، كما عبرت عن ذلك مديرة المهرجان ميليتا توسكان قائلة : «هكذا إذن يمكن لجمهور المهرجان أن يسافر إلى مختلف القارات وإلى أزيد من من خمسة وعشرين بلدا من خلال مشاهدة أفلام أتى مختلف هؤلاء الفنانين لتقديمها بنفس التعبير الكوني الذي تعتبر السينما أداته الوحيدة ..» وسواء بقصر المؤتمرات أو ساحة جامع الفنا او سينما كوليزي أو ميكاراما، فقد تمكن مهرجان مراكش من تحويل المدينة إلى مشتل كبير للاحتفاء بالفن السابع وبقوة المخيال البشري و طاقته في الحلم والأمل . وكما قال المدير الفني برينو بارد «إن الأفلام المختارة في هذه الدورة تعرفنا على سينمائيين متبصرين يسعون بإبداعاتهم إلى تطوير العالم، وهم بذلك يجددون فينا روح الأمل ويؤكدون من خلال أعمالهم أن الحياة ليست معطى يؤخذ أو يترك بل هي واجب ينجز ، وهم بذلك يخلقون في حديقة الزمن إبداعات توافقية . فالضجيج لا يصدر عنه شيء جميل والشيء الجميل لا يصدر عنه ضجيج.»