لم تخيب النتائج المعلن عنها، في اختتام الدورة التاسعة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مساء يوم 12 دجنبر، آمال ولا توقعات متتبعي المهرجان، منذ انطلاقه في 4 دجنبر الجاري، لأن الجوائز جاءت موضوعية ومستحقة للأعمال المتوجة بشهادة الجميع. تصوير كرتوش وكانت لجنة التحكيم مهنية جدا، برئاسة فيلسوف السينما العالمية، المخرج الإيراني، عباس كياروستامي، وبعضوية كل من الممثلة والمخرجة الفرنسية، فاني أردان، والممثلة والمخرجة الهندية، نانديتا داس، والممثلة الايطالية، إزابيلا فيراري، والمخرج البريطاني، مايك فيكيس، والمخرج الفرنسي كريستوف هونور، والممثلة الإبانية ماريسا باريديس، والمخرج الفلسطيني، إيليا سليمان، والمخرج الأرجنتيني بابلو طرابيرو، والمخرج والكوريغراف المغربي، لحسن زينون. وفاز بالجائزة الكبرى للمهرجان، النجمة الذهبية، فيلم "شمالا"، للمخرج المكسيكي، ريكوبيرطو بيريزكانو، وهو فيلم مشوق يحكي قصة مواطن مكسيكي، يدعى أوندريس، يحل بالحدود الشمالية للمكسيك، من أجل العبور إلى الولاياتالمتحدة الأميركية. وفازت بجائزة أحسن دور نسائي الممثلة لوت فيربيك، عن فيلم "لا شيء خصوصي"، للمخرجة البولونية أورزولا أو نطونياك، وهو من إنتاج هولندي ايرلندي، ويحكي عن العزلة القاتلة لامرأة وجدت مأواها في جزيرة معزولة، استضافها رجل أرمل وحيد، شريطة ألا يتحدثا في ما هو خصوصي، لكن الفيلم نضح بكل ما هو خصوصي. وعادت جائزة أحسن دور ذكوري للمثل سيرون ميلفيل، عن فيلم "حب وغضب"، للمخرج الدانماركي مورتن جييز، الذي يتناول موضوع الغيرة العمياء، التي أدت ببطل الفيلم إلى ارتكاب جريمة قتل. أما جائزتا لجنة التحكيم، فمنحتا لفيلم "البارونات"، للمخرج البلجيكي، من أصل مغربي، نبيل بن يادير، الذي يتحدث عن المهاجرين المغاربيين ببلجيكا، ونال إقبالا كبيرا، هناك، ومن المتوقع أن يحصل على الإقبال نفسه حين يعرض في القاعات السينمائية المغربية، ولفيلم "ابنتي"، للمخرجة الماليزية شارلوت ليم لاي كيون، الذي يسلط الضوء على معاناة ابنة وأم، تعيشان ظروفا قاسية وقهرا من طرف الرجل. ونال هذان الفيلمان إعجاب الجمهور، ما حذا بلجنة التحكيم إلى منحهما الجائزتين، لأن منح الجائزة مناصفة، لم يكن مقنعا لرئيس لجنة التحكيم عباس كيروستامي، ولا للأعضاء الآخرين، الذين انقسموا إلى صفين بخصوص هذه الجائزة، وكان المخرج هو منح جائزتين، ليصبح عدد الجوائز الممنوحة خلال هذه الدورة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، 5 جوائز، بدل 4 في الدورات السابقة، و4 جوائز من ضمن خمسة منحت لأفلام أولى لمخرجين. وكانت النتائج، بشكل عام، مقنعة، وحتى الأفلام المتوجة كانت قوية ببعدها الإنساني، ورؤيتها السينمائية الواضحة، رغم تعبير رئيس لجنة التحكيم، في كلمته قبل الإعلان عن النتائج، عن تخوفه من أن يخيب أمل الكثيرين من هذا الاختيار، على عكس الفيلم المغربي "الرجل الذي باع العالم"، للأخوين نوري، الذي لم يقنع العديدين، رغم اقتباسه قصة للكاتب الروسي دوستويفسكي، وإيمان البعض بتقنيته العالية. مرة أخرى، يخرج المغرب خاوي الوفاض من مهرجان الفيلم الدولي بمراكش، ليطرح السؤال من جديد بخصوص المستوى، الذي يظهر به الإنتاج السينمائي المغربي في هذه التظاهرة السينمائية الكبيرة، وكذلك المعايير المعتمدة في مؤسسة المهرجان لاختيار الفيلم المغربي للمشاركة في المسابقة الرسمية، خاصة أن تسعة أفلام مغربية كانت جاهزة للعرض في المهرجان. وحول الأفلام المتوجة، صرح الناقد السينمائي، حسن نرايس، ل "المغربية"، أنها "نتائج متوقعة، نظرا لقيمة الأفلام المتنافسة، وقوة لجنة التحكيم ذات الرؤية المشتركة، رغم انتماء أعضائها لدول متباعدة. وكنت، أيضا، أرشح إما الفيلم المكسيكي أو الدانماركي للفوز بالجائزة الكبرى، مع تحفظ بسيط على فيلم"البارونات"، لأنه فيلم كوميدي رائع، لكنه ليس بالقوة نفسها للأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية". أما المخرجة فريدة بليزيد، فاعتبرت أن "اختيار الأفلام المتوجة كان موضوعيا، كما أن انتقاء الأفلام كان جيدا، لأنه قدم تجارب مختلفة، تتقاطع في اشتعالها على مواضيع إنسانية". وبخصوص الفيلم المغربي "الرجل الذي باع العالم"، قالت بليزيد إن "اختياره في المسابقة الرسمية أمر مهم، لأن مخرجيه موهوبين، لكنهما غير ناضجين". بالمقابل، تأسفت المخرجة زكية الطاهري على الأخوين نوري، اللذين لم يحصلا ولو على التفاتة من طرف لجنة التحكيم، وقالت " كنت أعتقد أن إحدى جائزتي لجنة التحكيم ستذهب إليهما، لأنهما مخرجان موهوبان وشجاعان، وأتمنى ألا يحد هذا من طموحيهما. أما بالنسبة لفيلم "البارونات" فهو كوميديا ذكية، عميقة بإخراج جيد". واعتبر الناقد محمد الدهان النتائج موضوعية ومتوقعة، لكنه كان يفضل أن يحصل فيلم "البارونات"، على جائزة لجنة التحكيم لوحده، لأنه "جيد من حيث الموضوع والأداء، ولأن مخرجه مغربي، ولو أن الفيلم بلجيكي". وأضاف أن "الجائزة الكبرى، لا نقاش فيها، ففيلم "شمالا" هو الذي يستحقها، لأن الموضوع يتطرق للهجرة السرية، وأداء كل الممثلين فيه جيد، وهو أحسن درس في السوسيولوجيا بالنسبة للمهاجرين، والفيلم يغني عن الكثير من المقالات والدراسات". وسلمت الجوائز، مساء أول أمس السبت، في حفل كبير بقصر المِؤتمرات بمراكش، حضرته العديد من الوجوه السينمائية والثقافية والفنية بالمغرب، وأسدل الستار على هذه الدورة التاسعة، وأعلن عن تاريخ تنظيم الدورة العاشرة من مهرجان الفيلم الدولي لمراكش، بين 3 و11 دجنبر 2010.