أبهرت الأشرطة الوثائقية الثلاثة، التي قدمت مساء يوم الجمعة الماضي، بقاعة الفن السابع بالرباط، في إطار مشروع "رؤى متقاطعة حول التراث المغربي" للحركة الشبابية لمنتدى بدائل المدعم من طرف الاتحاد الأوروبي، الحضور، لجدة وجدية الأعمال الوثائقية المقدمة.وإثباتها أن الشباب المغربي قادر على تقديم الجيد والممتع، إن توفرت له الإمكانيات اللازمة، كما دحضت القول السائد إن الشباب المغربي لا يلتفت لمجتمعه ولا لقضاياه. 11 شابا من ضمنهم تسع شابات: رشيد أوطاهر، ومحمد الناصري، ومحمد أمين أغربي، وسلاف السريعي، وحفيظ آيت محند، ومريم غوفلان، وكريمة أبو غنيم، ومحمد آيت القايد، وآخرون من مناطق مختلفة في المغرب، استفادوا من تدريب في التقنيات السينمائية لمدة شهرين فقط، وقدموا ثلاثة أشرطة وثائقية قوية، محملة برسائل شباب مهووسين ببلدهم وبقضاياه، بفضل مشروع "رؤى متقاطعة حول التراث المغربي"، الذي حظي بتمويل من الاتحاد الأوروبي، ودعم من المركز السينمائي المغربي، وشراكة مع "جمعية التبادل والشراكة" الفرنسية، وجمعية "معمار والتزام اجتماعي" الإسبانية. الشريط الأول "جيل تلقائي" يتناول توظيف الشباب التراث الموسيقي، والموجات الموسيقية التي اجتاحت المغرب في السنوات الأخيرة، عبر اعتماد رصد لتلك الظواهر الموسيقية، وتقديم تحليل الباحث السوسيولوجي، والموسيقيين أنفسهم، لهذه الحركة الموسيقية" نايضة" في المغرب، التي تعبر عن رغبة في التحرر، و في إثبات الوجود، من خلال الاعتماد على التراث الموسيقي المغربي، ومزجه بالأشكال الموسيقية الحداثية. ويختتم الشريط، الذي أعدت السيناريو الخاص به وقامت بحواراته، الشابة كريمة أبو غنيم، بالدعوة إلى أن تظل الشعلة متوقدة، وألا تخمد نار الإبداع لدى الشباب، الذين يحبون وطنهم حتى الموت "مغاربة تا الموت". الشريط الوثائقي الثاني "ظلال وضياء"، يتطرق لموضوع المآثر التاريخية، يعرض تجارب المجتمع المدني في إنقاذ قصبة المهدية بضواحي القنيطرة، التي فشلت جميع المحاولات في إنقاذها، وظلت عرضة للإهمال، ومطرحا للنفايات، في غياب أي اهتمام من طرف وزارة الثقافة، الوصية على المآثر التاريخية، التي تدرج تلك القصبة في المرتبة 16، وما زالت لحد الآن تنتظر من سيقوم بترميمها. ثم ينتقل الشريط إلى تجربة برج اللقلاق بالعرائش، الذي أصبح معلمة ثقافية وفضاء للعروض الموسيقية والمهرجانات، بفضل مبادرة من أهل الحي، الذين أبوا إلا أن يزيلوا عنه كل الأزبال ويتخذوا منه فضاء لشباب المدينة، بعدما فرضوا على المجلس البلدي للمدينة مساعدتهم، لكن الأمطار التي تهاطلت السنة الماضية، جعلت جدران البرج آيلة للسقوط، ما دفع السلطات إلى توقيف أي نشاط فيه، في انتظار ترميمه. ما بين قصبة المهدية وبرج اللقلاق، كان هناك تمرير للعديد من الرسائل، وصرخة من شباب المنطقتين، من أجل فسح مجالات أرحب أمامهم للخلق والإبداع. الشريط الثالث "حبة رمل، حكاية ماء"، يتناول موضوع الخطارات في جهة تافيلالت، التي وضعها أهل المنطقة القدامى، من أجل استخراج المياه الجوفية، والاستفادة منها في الزراعة والشرب، وما إلى ذلك. الشريط سلط الضوء على أهمية الماء في الحياة، وعلى معاناة أهل المنطقة، من أجل جلب الماء، في الوقت، الذي تستفيد الحواضر من الماء، دون عناء. واعتمادا على تحليلات مهندس متخصص في المجال، وتصريحات أهل المنطقة الأمازيغيين العفوية، والمعبرة بشكل قوي، استطاع الشريط ملامسة الموضوع بشكل كبير، كما وجه رسالة إلى المعنيين، للاهتمام بالمنطقة وأهاليها، لأنهم لحد الساعة لا يجدون الاهتمام إلا من قبل بعض الجهات الأجنبية، التي تساعدهم على مقاومة زحف الرمال، على الواحات، لأن ضياع الخطارة، ليس هو فقط ضياع لهذا التراث، بل هو لمصدر الحياة في المنطقة. وفي هذا الإطار، قال رشيد أوطاهر، أحد المشتغلين على هذا الشريط الوثائقي الأخير، " أتمنى أن تفكروا في معاناة أهل تلك المنطقة حينما تتذوقون تمورها". بعد الرباط، ستعرض تلك الأشرطة الوثائقية في المناطق التي صورت فيها: الراشيدية، والقنيطرة، والعرائش، والدارالبيضاء، كما ستعرض على هامش اللقاء الذي سيجمع شباب ونساء المغرب العربي بمراكش، المنظم من طرف المنتدى الاجتماعي المغربي، أيام 26 و27 و28 دجنبر الجاري، إضافة إلى عروض ومناقشة لهذه الأشرطة في باريس وإشبيلية في الأسبوع الأول من شهر يناير 2010.