يصل عدد المصابين بمرض "الهيموفيليا" في المغرب 950 مصابا، نسبة مهمة منهم من الذكور، 90 في المائة منهم يحملون النوع "أ" من المرض، و10 في المائة يحملون النوع "ب"، يعانون مشكلة عدم تختر الدم لافتقارهم للعوامل المساعدة على ذلكوهي العامل 8 أو العامل 9، يعانون في صمت مريب إشكالية ولوجهم إلى العلاج لتكلفته الباهظة، ولغياب مراكز تضمن علاجهم من الولادة إلى الكبر. ونتيجة ذلك، يصبح المريض بالهيموفيليا، عرضة للضياع وللموت بعد أي يصير مريضا بالغا، إذ يرفض أطباء أقسام أمراض الدم للبالغين علاجهم أو استشفاءهم، في ظل غياب استراتيجية وطنية واضحة تحدد سبل التكفل بالمصابين، وموازاة مع عدم تجاوز عدد الأطباء الأخصائيين في المرض، لعشرة أطباء. ويظل عدد المصابين بالهيموفيليا في المغرب قليلا وتقريبيا، بالنظر إلى افتقار المغرب إلى سجل وطني حول الداء، في مقابل وجود إحصاءات تجميعية لعدد المصابين، الذين يتابعون علاجتهم في كل من مستشفى الأطفال في مدينة الدارالبيضاء والرباط، بينما لم يتوصل الأطباء بعد إلى توافق لمنح العلاجات لمرضى الهيموفيليا الكبار في قسم أمراض الدم في مستشفى 20 غشت في العاصمة الاقتصادية. ويقدر الأطباء المعالجون لداء الهيموفيليا والمرضى المنخرطون في "جمعية مرضى الهيموفيليا"، عدد المصابين بالداء في المغرب ب 3 آلاف مصاب، وظهور 36 حالة إصابة جديدة سنويا، وذلك استنادا إلى وجود 360 ألف ولادة جديدة في المغرب 50 في المائة منها من الذكور. ويعيش مرضى الهيموفيليا في المغرب، دراما اجتماعية وصحية حقيقية في مواجهة المرض، بسبب ما يتهدد حياتهم بالتوقف، في كل دقيقة، بسبب عجزهم المادي الذي يحول دون ولوجهم إلى العلاج بواسطة المعاملات الموقفة لنزيف الدم، الذي يكلفهم ما بين ألفين و3 آلاف درهم للحصول على حقنة واحدة من المعامل الذي يفتقرون إليه لدى تعرضهم لأبسط الصدمات، كالاصطدام بحافة طاولة أو سرير أو مجرد لطمة بواسطة كرة يد. وقال البروفيسور محمد الخطاب، رئيس مصلحة طب الأطفال في مستشفى الأطفال بالرباط، ل"المغربية"، أن ما بين 10 إلى 15 في المائة من المصابين بالهيموفيليا في المغرب وهم من البالغين، عاجزون عن الخضوع لعملية الختان، بينما يشكل الأطفال غير المختنين ثلث الحاملين للمرض. وتعزى صعوبة خضوع مرضى الهيموفيليا لعملية الختان، إلى التكلفة المرتفعة لإجرائها في المغرب، حيث تكلف ما بين 40 و50 ألف درهم لتوفير مستحضرات العامل الناقص لدى المصاب، لمساعدته على تختر دمه وعدم تعرضه لمشاكل ومضاعفات صحية خطيرة أثناء العملية، علما أن عدد المستفيدين من التغطية الصحية في المغرب لا يزيد عن 10 في المائة. ويحتاج المريض بالهيموفيليا الراغب في إجراء عملية الختان، إلى أداء مبالغ مالية باهظة الثمن، استنادا إلى أن كلفة الحصول على حقنة واحدة من فئة 500 وحدة من العامل الذي يحتاج إليه المريض لتختر دمه، المستخرج من البلازما، يصل إلى 2200 درهم، بينما يرتفع سعر العوامل المستخرجة من البكتيريا الجينية 3200 درهم بالنسبة إلى الحقنة الواحدة من فئة 500 وحدة، علما أن الوحدات التي يحتاج إليها المصاب تختلف وتتباين حسب سنه ووزنه، وبالتالي كلما ارتفع وزنه كلما ارتفعت حاجياته للوحدات المذكورة. وتعود الكلفة العالية للعوامل المذكورة إلى النفقات الباهظة التي تفرضها عملية استخراج البلازما من دم الإنسان، والبعث بها إلى الخارج لمعالجتها، والتأكد من خلوها من الأمراض المعدية التي تنتقل عبر الدم. وأكد البروفيسور محمد الخطاب في تصريح ل"المغربية"، على هامش تنظيم لقاء عملي حول المشاكل التي تواجه مرضى الهيموفيليا، بأن هؤلاء في حاجة إلى مركز خاص بعلاج المصابين بالداء، يضم أطباء وممرضين متفرغين لتقديم الخدمات العلاجية والاستشفائية، نظرا لطبيعة مرضهم، التي تتطلب تدخلات طبية استعجالية. ويغير داء الهيموفيليا من جودة حياة المصابين، من خلال منعهم في مرحلة شبابهم من مواصلة تعليمهم، ومتابعة حياة سوسيو - مهنية عادية في مرحلة رشدهم، لذلك فإن الأطباء المعالجين ينادون بضرورة توفير استراتيجية وطنية للتكفل بالمصابين وبتوفير تربية علاجية للمريض المصاب، ولمحيطه لاكتساب المسؤولية، وبالتالي تفادي أي مضاعفات لهذا الداء، التي منها التهاب المفاصل. ويشدد الأطباء المعالجون للداء و"الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا"، بتسهيل الولوج إلى العلاجات، باعتبارها مكونا أساسيا لحل الإشكالية، وضمان حياة ممكنة وطبيعية للمصابين، موازاة مع ما شهدته العلاجات الحالية من تطورات، بخلاف وقت سابق، إذ كان علاج الهيموفيليا يرتكز على استعمال مواد البلازما، إلا أن خطر الإصابة وانتقال الفيروسات يبقى قائما رغم المجهودات المبذولة، علما أن إنتاج العامل 8 المصنع خول إنتاج جزيئة خالية من خطر العدوى أو انتقال الفيروسات. ومن أبرز مطالب المرضى، المنخرطين في "الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا"، توفير المعامل 8 والمعامل 9 الذي يحتاج إليه المرضى لضمان عيش طبيعي دون مشاكل، على اعتبار أن استخدام المعاملات المصنعة لوقف النزيف، هو خيار علاجي مجرد من أي خطر لانتقال العدوى أو الإصابة بالفيروسات، على خلاف العلاج الكلاسيكي، القائم على نقل البلازما الطرية المجمدة. ويقول البروفيسور محمد خطاب، رئيس مصلحة أمراض الدم وأنكولوجيا طب الأطفال بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، "ينبغي أن يستجيب التكفل بهذا الداء الوراثي للحاجيات الطبية والاجتماعية للمصابين، في مراكز العلاج المتخصصة، من خلال تكوين الأطباء في المجال لضمان حسن التشخيص والشروع في أخذ العلاج في الوقت المناسب، إلى جانب وضع استراتيجية وطنية للتكفل بالمصابين وحصر أعداد المصابين والمتوفين في سجل وطني يضبط المعطيات بشكل رسمي ودقيق". جدير بالذكر أن اللقاء العلمي، نشطه ثلة من الأخصائيين، منهم البروفيسور سعيد بنشقرون، رئيس مصلحة أمراض الدم بمستشفى 20 غشت بالدارالبيضاء، والدكتور عز الدين محسن علوي، عضو الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا واللجنة الجهوية بالدارالبيضاء، والبروفيسور محمد خطاب، رئيس مصلحة أمراض الدم وأنكولوجيا طب الأطفال بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، والبروفيسور خديجة معاني، من مستشفى طب الأطفال ابن رشد بالدارالبيضاء، والبروفيسور أمينة كيلي، أخصائية في أمراض الدم وأنكولوجيا طب الأطفال بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، والآنسة زينب بنبراهيم منسقة مركز علاج الهيموفيليا بالمركز الاستشفائي ابن سينا بالرباط، وجواد الشبيهي، رئيس "الجمعية المغربية لمرضى الهيموفيليا"، إلى جانب عدد من أعضاء الجمعية وعائلات المصابين.