يعرف مرض الهيموفيليا، بأنه اعتلال وراثي في تجلط الدم، ينتج بشكل كبير لدى الزوجين اللذين ينتميان إلى العائلة الواحدة، ينتقل من الأم إلى أطفالها لأسباب جينية، ولذلك ينصح الأطباء، بالابتعاد عن زواج الأقارب لخفض احتمالات إنجاب أطفال يحملون هذا المرض.ويعاني المريض، خلاله، صعوبة التئام جروحه، أو الحد من حدوث كدمات بعد التعرض لصدمات أو رضوض، إذ تكتشف حقيقة الإصابة بالداء لدى الفئات العمرية المتراوحة أعمارها ما بين 6 أشهر و6 سنوات، إما بمناسبة التعرض لحادث معين أو عند عملية الختان. ويتعرض المريض لنزيف دموي خلال عملية الختان أو خلع الأسنان أو عند التعرض لصدمات معينة في حياة الإنسان، إذ يعد نزيف المفاصل هو أهم السمات البارزة في مرض الهيموفيليا، الذي يمثل خطورة كبيرة، لأنه بمضي الوقت قد يتسبب في التهاب المفصل، ومن حدوث عاهة وتعطيل لحركة المفصل. ويستعد مرضى الهيموفيليا في العالم، وبينهم المغاربة، لإحياء اليوم العالمي للهيموفيليا، الذي يصادف 17 أبريل من كل سنة، لتذكير المجتمع الدولي بمشاكلهم الصحية، ورفع مطالبهم إلى المسؤولين للعمل على تمكينهم من مختلف الإمكانات المالية واللوجستيكية، التي تضمن لهم حياة أفضل. ومن أبرز مطالب المصابين بالداء في المغرب، التأكيد على حاجتهم إلى مركز خاص بعلاج المصابين بالداء، يضم أطباء وممرضين متفرغين لتقديم الخدمات العلاجية والاستشفائية، نظرا لطبيعة مرضهم التي تتطلب تدخلات طبية استعجالية. ويأتي هذا المطلب في ظل وجود ألف مصاب بالهيموفيليا في المغرب، نسبة مهمة منهم من الذكور، 90 في المائة منهم يحملون النوع "أ" من المرض، و10 في المائة يحملون النوع "ب"، يعانون مشكلة عدم تختر الدم لافتقارهم للعوامل المساعدة على ذلك. وتبدأ أعراض المرض في الظهور بحدوث نزيف بعد الختان في 85 في المائة من الحالات، ويستمر النزيف لبضع ساعات أو أيام، وعند تعرض الطفل بكدمات زرقاء متكررة، قد يترتب عنها نزيف في المفاصل خاصة الركبتين مما يجعل المصاب يعاني تليفا وتيبسا وضعفا في العضلات. ويصبح بعد سنوات قليلة طفلا معاقا حركيا ولايستطيع الأعتماد على نفسه فيحتاج إلى من يحمله، وعند سن البلوغ يحتاج الشخص إلى عملية لتغيير المفاصل إذا لم يتلق العلاج المناسب منذ الصغر. ومن النصائح الأولية للتعامل مع المصابين، استخدام الثلج الموضعي عند حدوث أي نزيف، خاصة بالمفاصل مع أخذ مسكنات للآلام في انتظار نقل الطفل إلى الطبيب لمنحه بروتين التجلط المناسب عن طريق الوريد كل 12 ساعة لمدة يومين أو ثلاثة ليساعد الدم على التجلط. وهناك العديد من مشتقات البلازما التي يمكن استخدامها في هذه الحالات، وإن كانت بروتينات التجلط التي تصنع باستخدام الهندسة الوراثية، تعتبر أفضل من البلازما التي قد ينتج عنها انتقال بعض الأمراض مثل التهاب الكبد "س" أو "ب" أو السيدا. ويظل عدد المصابين بالهيموفيليا في المغرب قليلا وتقريبيا، بالنظر إلى افتقار المغرب إلى سجل وطني حول الداء، في مقابل وجود إحصاءات تجميعية لعدد المصابين الذين يتابعون علاجاتهم في كل من مستشفى الأطفال في مدينة الدارالبيضاء والرباط، وقسم أمراض الدم في مستشفى 20 غشت في العاصمة الاقتصادية. وبناء على ذلك، تقدر "جمعية مرضى الهيموفيليا"، عدد المصابين بالداء في المغرب ب 3 آلاف مصاب، وظهور 36 حالة إصابة جديدة سنويا، استنادا إلى وجود 360 ألف ولادة جديدة في المغرب، 50 في المائة منها من الذكور. وتحدث بعض مرضى الهيموفيليا ل"المغربية"، أن 20 في المائة من المصابين بالهيموفيليا في المغرب هم من البالغين، عاجزون عن الخضوع لعملية الختان، بينما يشكل الأطفال غير المختنين ثلث الحاملين للمرض. ويعزي المرضى صعوبة خضوع عدد من المصابين بالهيموفيليا لعملية الختان، إلى التكلفة المرتفعة لإجرائها في المغرب، حيث تكلف ما بين 40 و50 ألف درهم لتوفير مستحضرات العامل الناقص لدى المصاب، لمساعدته على تختر دمه وعدم تعرضه لمشاكل ومضاعفات صحية خطيرة أثناء العملية، علما أن عدد المستفيدين من التغطية الصحية في المغرب لا يزيد عن 10 في المائة. ويفيد المرضى أن كلفة الحصول على حقنة واحدة من فئة 500 وحدة من العامل، الذي يحتاج إليه المريض لتختر دمه، المستخرج من البلازما، يصل إلى 2200 درهم، بينما يرتفع سعر العوامل المستخرجة من البكتيريا الجينية 3200 درهم بالنسبة إلى الحقنة الواحدة من فئة 500 وحدة، علما أن الوحدات التي يحتاج إليها المصاب تختلف وتتباين حسب سنه ووزنه، وبالتالي كلما ارتفع وزنه كلما ارتفعت حاجياته للوحدات المذكورة. وتعود الكلفة العالية للعوامل المذكورة إلى النفقات الباهظة، التي تفرضها عملية استخراج البلازما من دم الإنسان، والبعث بها إلى الخارج لمعالجتها، والتأكد من خلوها من الأمراض المعدية، التي تنتقل عبر الدم.