دعت المشاركات في المؤتمر الدولي الثامن للمستثمرات العرب، المنعقد بالصخيرات، بين 28 و30 أكتوبر المنصرم، في الجلسة الختامية لهذا الملتقى، الذي جمع أزيد من 250 مستثمرة عربية، البلدان العربية إلى اعتماد استراتيجيات وطنية للتنمية البشرية، على شاكلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2005. كما تقدمت المشاركات، في إطار التوصيات الصادرة عن المؤتمر، بملتمس لجلالة الملك بهدف عقد منتدى سنوي للمستثمرات العرب في المغرب. وأوصت المؤتمرات باعتماد الكلمة التي ألقتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، خلال الجلسة الافتتاحية، كوثيقة وأرضية لأشغال هذا المؤتمر، ومساهمة لوضع مخطط العمل المستقبلي لاتحاد المستثمرات العرب. ودعت حكومات البلدان العربية والجامعة العربية والمؤسسات المالية لإنشاء صندوق لدعم المقاولات والمشاريع الصغرى والمتوسطة للنساء العربيات، وتشجيع إحداث شبكات للاستثمار المادي، وغير المادي لتقاسم الخبرات، وتأسيس قاعدة معطيات لخدمة الاستثمار النسائي. كما اقترحت إحداث جائزة لأفضل مشروع استثماري نسائي، وتنظيم دورات تدريبية للمستثمرات بشراكة مع الجامعات ومعاهد التعليم العالي، إضافة إلى تشجيع تمدرس الفتيات. وشددت المستثمرات العرب على أن التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية تشكلان خيارا استراتيجيا للتنمية، وشرطا ضروريا للحفاظ على الموارد المشتركة للأجيال المقبلة. وتوخى هذا المؤتمر، الذي نظمه اتحاد المستثمرات العرب، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس حول موضوع "أي استراتيجية لتنمية الاستثمار النسائي"، على الخصوص، إيجاد حلول بديلة وإعداد مخططات لتعزيز الاستثمار النسائي. وتمحورت هذه التظاهرة، التي ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء جلستها الافتتاحية، حول ثلاثة مواضيع رئيسية همت "الاستثمار في ظل المناخ الاقتصادي العالمي"، و"الفرص الجديدة للاستثمار"، و"محددات الاستثمار النسائي". وكانت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، أكدت في مداخلتها، في جلسات يوم الجمعة الماضي، أن النماء الحقيقي لأي بلد يتطلب دون شك مشاركة للنساء كفاعلات على المستوى الاقتصادي وكرافعة للإنتاج. وأبرزت أنه لجعل المساواة بين الرجل والمرأة واقعا ملموسا وحقيقيا، يعتبر الاستثمار شرطا أساسيا للنهضة والنماء والتطور، وأيضا شرطا للتقليص من الفقر، مضيفة أن تشجيع ودعم المقاولة النسائية من شانه أن يساعد المنطقة العربية على رفع التحديات، على اعتبار أن النهوض بالمرأة والنماء الاقتصادي، أمران، لا ينفصلان عن بعضهما البعض. وقالت الوزيرة "لقد بدأت النساء المغربيات، شأنهن شأن باقي نساء دول العالم الأخرى، يعرفن وجودا مضطردا في الحياة الاقتصادية لبلدنا. وفي الحقيقة فإن وجودهن كان دائما حاضرا بقوة من خلال مساهمتهن في الدعم الاقتصادي لأسرهن، واليوم تستثمر النساء بشكل متزايد وبكثرة في سوق الشغل أو في مجال الأنشطة الاقتصادية المبرمجة". وأبرزت الصقلي، أن هذا المؤتمر ينعقد في ظرفية تتميز بتضافر أحداث مهمة على المستوى الدولي والوطني، ومرتبطة بتقييم إعمال وتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالمساواة. ويتعلق الأمر هنا، تضيف المسؤولة الحكومية، بتخليد الذكرى الثلاثين للمصادقة على الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة التي جرت المصادقة عليها في 18 دجنبر 1978، وهذه الاتفاقية تعتبر من طرف المجتمع الدولي اتفاقية لحقوق النساء، وتقييم إعمال وتنفيذ مخطط عمل بيجين بعد 15 سنة من اعتماده. وأعلنت الوزيرة أن المغرب سيستقبل، خلال أسبوعين، لقاء كبيرا على المستوى الأورومتوسطي أيام 11 و12 نونبر الجاري بمدينة مراكش. ويتعلق الأمر بالمؤتمر الوزاري الأورومتوسطي، الذي يأتي ضمن سيرورة المؤتمر الأول، المنعقد بإسطنبول أيام 14 و15 نونبر 2006، والذي اعتمد فيه كل المشاركين إطارا للعمل المشترك المعروف بخلاصات إسطنبول. ويشكل هذا حسب الوزيرة فرصة للوقوف عند حصيلة إعمال وتنفيذ التزامات المغرب في مجال المساواة وإدماج بعد النوع الاجتماعي في السياسات العمومية على المستوى الوطني والجهوي والدولي. كما ذكرت بتخليد اليوم الوطني للمرأة المغربية في نسخته ال 12، تحت شعار "المساواة في صلب السياسات والأجندة الحكومية"، مشيرة إلى أن هذا اليوم يعتبر رمزا لالتزام المغرب وانخراطه على درب المساواة، وكذلك تخليدا لخطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أعلن فيه عن إصلاح مدونة الأسرة، في شهر أكتوبر من سنة 2008، على أساس المساواة والإنصاف والمسؤولية المشتركة. وأوضحت أن هذا اليوم شكل فرصة سانحة مكنت من تقييم التقدم الحاصل في المغرب في مجال المساواة، بالإضافة إلى الإعلام والتشاور والحوار. وأكدت نزهة الصقلي، أن دعم وتشجيع المقاولة النسائية في المغرب يندرج ضمن السياسة العمومية، من خلال القضاء على كل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة. وأشارت إلى أن هذا هو التوجه الذي يجري العمل في سياقه من خلال أجندة الحكومة 2010- 2012، الذي يشكل دعم المقاولة النسائية أحد محاورها الرئيسية. وأضافت أن هذا التشجيع بدأ يعطي نتائجه، وقالت "ففيما كانت المقاولة النسائية ترتكز في الماضي على خلق وتدبير مقاولات صغيرة الحجم في مجال الأنشطة الاقتصادية التقليدية والخدمات والتجارة بالتقسيط، ها نحن اليوم نشهد نساء مغربيات يهتممن بمجالات متعددة من قبيل العقار، والنقل الجوي، والطاقة وغيرها". وذكرت الصقلي، أن التنمية المستدامة والمنصفة تتطلب بالضرورة إدماج النساء والرجال على حد سواء، والاعتراف الكامل بأدوار المواطنين والمواطنات وتثمينها. وأفادت الوزيرة أنه، رغم أن معدل نشاط المرأة عرف تزايدا ملحوظا وقويا، ورغم تزايد وتنامي الجمعيات النسائية والتقدم الذي حققته المرأة على معدة مستويات "مدونة الأسرة الجديدة، التعليم، ..."، فما زالت العديد من العراقيل مطروحة مرتبطة بالنوع الاجتماعي في كل الميادين، خصوصا في مجال الشغل. وأبرزت الوزيرة، أن النساء رئيسات المقاولات يشكلن 12 في المائة من مجموع رؤساء الشركات بالمغرب، كما أن 4.4 في المائة من الضيعات الزراعية بالمغرب يجري تدبيرها من طرف النساء، ولا تشكل هذه الاستغلاليات سوى 2.5 في المائة من الأراضي للزراعة، في حين تشير الدراسات الدولية إلى أن الإنتاجية الفلاحية يمكن أن ترتفع ب 20 في المائة، إذا استفادت النساء من الامتيازات نفسها مثل الرجال وشروط الولوج إلى الموارد. وأوضحت الصقلي أن هذا اللقاء يمثل أهمية قصوى باعتباره فرصة لتعميق النقاش حول الحلول الممكنة لمواجهة العراقيل التي تحد من الاستثمار النسائي على مستويين اثنين أساسيين، وهما، المستوى العملي المرتبط بالأدوات اللازمة والضرورية للمرأة حتى تتمكن من تطوير أنشطة اقتصادية، وتهم هذه الأدوات التكوين والمعلومات بشكل خاص، أما المستوى الاستراتيجي فأكدت الوزيرة أنه يخص الإمكانات التي من شأنها أن تمكن النساء من تحسين وضعهن الاجتماعي لتمكينهن من ضمان نجاعة أنشطتهن الاقتصادية والسيطرة على الموارد والأرباح. كما يتعين، حسب الصقلي، اتخاذ العديد من التدابير المصاحبة لتشجيع مشاركة المرأة في مسلسل اتخاذ القرار، سواء على المستوى العائلي أو الاجتماعي، وكذا تطوير قدراتهن الاقتصادية والسياسية، من خلال شبكات الجمعيات والنهوض باهتماماتهن الأولية والمرافعة لدى الجهات المسؤولة للاعتراف بمؤهلاتهن، والأخذ بعين الاعتبار لحاجياتهن. وقبل ذلك، أوضح محمد شفيقي، مدير الدراسات والتوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية، أن اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في وضع الميزانية العامة، يتوخى بناء مجتمع حداثي منصف لكل مكوناته، مبني على المساواة وتكافؤ الفرص. وأشار إلى أن هذه المقاربة تعد وسيلة لإنجاح المشروع المجتمعي المتقدم، الذي يأخذ بعين الاعتبار مقتضيات التطور والتنمية المستدامة، وتقليص الفوارق التي تؤسس للتخلف وتعرقل دينامية المجتمع. واعتبر أن اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في وضع الميزانية، تعني بالأساس الاستعمال الجيد للاعتمادات، انطلاقا من تحليل الحاجيات لتحسين نوعية حياة مختلف شرائح ومكونات المجتمع رجالا، ونساء، وشبابا وأطفالا. من جانبهم أكد ممثلو مجموعة البنك الشعبي، أن العنصر النسوي يشكل 39.62 في المائة من مجموع مستخدمي المجموعة، مشيرين إلى أن مجلس المراقبة للبنك يضم ست نساء، كما أن 68 امرأة يتولين مسؤولية إدارة وكالات البنك. واعتبروا أن النساء المستثمرات زبونات المجموعة، يتوفرن على مستوى عال من حيث التكوين، وتتراوح أعمارهن بين30 و45 سنة، كما أن 50 في المائة يتوفرن على تجربة مهنية. وقدم ممثل البنك الإسلامي للتنمية، أبو السيف الزروق، من جهته، استراتيجية البنك في إدماج المرأة في التنمية المستدامة، التي تتوخى النهوض بالنساء في مسلسل التنمية في البلدان الأعضاء. وأضاف أنه جرى إحداث هيئة استشارية نسائية داخل البنك، أسندت إليها مهمة اتخاذ المبادرات وتقديم الاقتراحات، التي من شأنها المساهمة في تنفيذ الاستراتيجية.