سيظل يوم 26 أكتوبر من سنة 1974 يوما مشهودا في تاريخ الفن المغربي عموما، وتاريخ المجموعات الغنائية في المغرب خصوصا، حيث كان يوم رحيل أحد مؤسسي مجموعة ناس الغيوان الفنان بوجميع صاحب الدعدوع، والصوت الشجي، والكلمات الخالدة، التي ستظل موشومة بالذاكرة الغيوانية.يقول الشادلي "نزل الخبر علينا في مجموعة لمشاهب ثقيلا كالصاعقة، ليس علينا فحسب بل على كل عشاق ناس الغيوان، وكل عشاق المجموعات، كم كان حزننا شديدا، فقد كان بوجميع فنانا متواضعا، يجمع بين عمق الكلمة وعمق الشخصية، الابتسامة لا تفارق وجهه السموح، كان ودودا محبا للفن". ولد بوجميع واسمه الكامل حكور بوجمعة، بكريان الخليفة بالحي المحمدي بالدارالبيضاء سنة 1944 من أسرة كادحة تتحدر من الجنوب، تابع دراسته الابتدائية والإعدادية حتى حدود السنة الرابعة إعدادي، حيث غادرها مكرها لظروف عائلية سنة 1964، بعد ذلك احترف مهنا متعددة لمساعدة والده على تحمل مشاق الحياة فاشتغل بمعامل النسيج، والتصبير والحديد. كان شديد الولع بالأهازيج الشعبية منذ طفولته، كما كان متأثرا جدا بجلسات الزاوية وحلقات الذكر الصوفية، التي كان يحضرها إلى جانب والده. بدأ حياته الفنية سنة 1966 بتأسيس فرقة "رواد الخشبة" للمسرح، التي تعرف من خلالها على الرحل العربي باطما وعمر السيد، وعلال يعلى. سنة 1967 سافر مع الطيب الصديقي إلى فرنسا لتقديم بعض العروض المسرحية فمكث هناك رغم عودة الصديقي، حيث كان يفكر جديا رفقة العربي باطما في إنشاء مجموعة غنائية جديدة. بعد عودته اتصل بمولاي عبد العزيز الطاهري، الذي كان له دور كبير وحاسم في إخراج التجربة لحيز الوجود سنة 1971. في جو من التكافل والحب الذي كان يسود الحقل الفني، في تلك الفترة، التي عرفت بالعصر الذهبي للأغنية المغربية بجميع تلاوينها، نظمت ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب في الذكرى الأربعينية لوفاة بوجميع، سهرة فنية بالمسرح البلدي بالدارالبيضاء، خصص ريعها لعائلته. ساهمت مجموعة لمشاهب في ذلك الحفل التأبيني بمرثية كتب كلماتها مبارك الشادلي بعنوان "هاذ الشي مكتوب" التي تقول كلماتها: هاذ الشي مكتوب والآجال وفات ملك الله عظيم بالواجب يحكم رفيق الشبان مات على صفحات خلانا ومشى والقلب يخمم... بعد فترة الحداد على بوجميع، عادت المجموعة إلى نشاطها الفني، وكان العمل الثاني ألبوما شمل أغاني "وعدي يا وعدي" لمحمد السوسدي، و"غارو منا" لمبارك جديد الشادلي، و"فلسطين" للراحل محمد باطمة، وهكذا صارت المجموعة توظب على إخراج ألبوم جديد كل 6 أشهر، لتصل إلى الرقم الأول على مستوى الإنتاج الوطني.