تعيش أسرتان مغربيتان بعاصمة العربية السعودية،الرياض، قصة درامية، بطلاها طفلاهما، اللذان فقدتاهما عقب تلقيهما علاجا بمستشفى خاص بالرياض، منذ ثلاث سنوات، وعقدة البارزة "اختفاء" الطفلين من ثلاجة الموتى بالمستشفى المذكور، وقت حرصت الأسرتان على فتح تحقيق في سبب وفاتهما.زياد وحبيبة وتوصلت الأسرتان، حسب إفاداتهما ل "المغربية"، بتقرير مفصل حول نتائجه، ومعاقبة المسؤولين على ذلك، سيما أنهما يفسران الوفاة المفاجئة لطفليهما بتعرضهما لخطأ طبي "إثر حقنهما بجرعة زائدة من "البريمبران ميتوكلوبراميد"، على يدي طبيب أطفال، مصري الجنسية". ووصفت واقعة عدم عثورهما على جثتي زياد السجيني (سنة ونصف)، وحبيبة معتصم (ثلاث سنوات)، في ثلاجة الموتى، ب"اختفائهما في مكان غير معلوم لديهما"، واعتبراها طعنة أخرى توجه إليهما. وقال محمد الصغير معتصم، عم الطفلة حبيبة، ل "المغربية"، إن "والدي الطفلين أصيبا بصدمة نفسية أشبه بحالة الجنون، عقب اكتشافهما واقعة اختفاء جثتي الطفلين من داخل ثلاجة الموتى، إذ كانا يزورانهما ويقبلان وجنتيهما الباردة، ويقرآن عليهما آيات قرآنية بشكل منتظم، مرة إلى مرتين في الأسبوع، في انتظار التوصل بنتائج تحقيق اللجنة الثلاثية، التي طالبت بتشكيلها من أطباء شرعيين محايدين، يتولون تشريح الجثتين، والوقوف على السبب الحقيقي وراء وفاتهما". ووصف عم حبيبة "اختفاء" الجثتين، ب "الجريمة الأبشع من الجريمة الأولى، التي أودت بحياة الطفلين، وبالتالي حرمان أسرتيهما أحياء وأمواتا، ومن إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهما، وغسلهما والصلاة عليهما ودفنهما، وحضور جنازتهما"، مبينا أن حق التصرف في الجثة بعد الوفاة، يكون بأيدي أهل الميت وحدهم، إذ لا يجوز شرعا المساس بجثة الميت دون إذن منهم". وذكر عم الضحية أن عائلات الطفلين، "عاجزة عن التوصل إلى أي معلومات بخصوص مصيرهما، عدا ما أخبرها به المشرف عن ثلاجة الموتى، بأن "عناصر من السلطات الأمنية بالرياض حضرت إلى ثلاجة الموتى وأخذت جثتي الطفلين". واعتبر عبد الوهاب معتصم، والد الطفلة حبيبة ل"المغربية"، نقل الجثتين إلى مكان مجهول، "محاولة لإبعاد الشبهات عن المسؤولين، والحيلولة دون الكشف عن الحقيقة"، مؤكدا "تخلف إدارة المستشفى، المدعى عليها أمام القضاء السعودي، عن الحضور للجلسات، ما صعب على لجنة التحقيق التوصل إلى نتيجة التحقيق النهائي". من جهة أخرى، تحدث يوسف السجيني، والد الطفل زياد السجيني، عما أسماه ب "التخلص من العنصر الرئيسي في القضية، وهو الطبيب المتهم في القضية، بعد أن تمكن من مغادرة المملكة العربية السعودية، رغم صدور قرار من السلطات الأمنية بمنعه من السفر إلى غاية انتهاء إجراءات التحقيق، إضافة إلى مسارعة إنهاء خدمة الممرضات اللواتي أشرفن على عملية حقن الطفلين، وتسفيرهن إلى بلدانهن، حتى بعد صدور قرار منعهن من السفر، بالإضافة إلى "اختفاء كافة المستندات الخطية والتقارير، وملفي الطفلين، وأداة الجريمة التي تعتبر ثالث أهم عنصر من عناصر الإثبات التي تستند إليها لجنة التحقيق في إثبات موجب المسؤولية". ورجح يوسف السجيني أن يكون السبب وراء مغادرة الطبيب أراضي السعودية إلى "الخوف من التبعات القانونية والمالية لتوظيف مثل هؤلاء بالقطاع الصحي، وبصورة غير نظامية، حسب القوانين المعمول بها بالمملكة العربية السعودية". من جهة أخرى، سعت "المغربية"، إلى الحصول على مزيد من المعطيات حول هذه القضية، فراسلت سفارة المملكة المغربية بالرياض، للاستفسار عن عدد من الجوانب المحيطة بها. وأوضح السفير عبد الكريم السمار، ل"المغربية"، أن عائلتي الطفلين الفقيدين، أبلغتا السفارة بوفاة الطفلين في أحد المستشفيات المركزية بالرياض، وأبديتا خلاله تحفظهما حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه الوفاة. وتبعا لذلك، راسلت السفارة المغربية الخارجية السعودية طالبة تدخلها لدى الجهات السعودية، المختصة ووافتها بالبيانات الكاملة حول الهالكين للتأكد من هويتيهما، والأسباب التي أودت بحياة الطفلين. وورد في رد السفير عبد الكريم السمار، أنه "جوابا عن استفسار السفارة المغربية حول ما أثارته هذه الوفاة من شكوك لدى الأهل، طلبت الخارجية السعودية إيفاد مندوب عن السفارة المغربية لأخذ المعطيات والبيانات المتوفرة حول هذه القضية من المستشفى، الذي وقعت فيه الوفاة، وطالبت بتسلم جثتي الطفلين، نظرا لأن بقاءهما فترة طويلة بثلاجات المستشفيات المركزية يعرضهما للتعفن والتحلل". وذكر عبد الكريم أنه "بعد الاتصال بأهل الفقيدين، تبين أنه ما زالت لديهم شكوك حول الأسباب الحقيقية التي أودت بحياة الطفلين، ورفضوا، بناء على ذلك، تسلم الجثمانين ما لم يجر تشريحهما والوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة". وأفاد سفير المغرب بالرياض أن "الخارجية السعودية كاتبت السفارة المغربية غير ما مرة، تطلب تسلم الجثمانين اللذين ظلا مدة طويلة في ثلاجات الموتى، وأكدت أنه في حال التأخر بالاستلام، فإن الجهة المختصة سوف تلجأ للدفن بمعرفتها طبقا للقوانين والإجراءات المرعية في مثل هذه الحالات". وخلص السفير إلى أنه "تبين للسفارة المغربية بأن البيانات، التي قدمها المستشفى الذي وقعت فيه الوفاة غير مقنعة بالنسبة إلى الأهل، الذين رفضوا استلام الجثمانين، وأصروا على حقهم في استجلاء حقيقة الأمر، لذا فقد قرروا بعد مكاتبة جهات نافذة في البلاد، رفع القضية إلى القضاء، ليقول كلمة الفصل فيها، وهو ما لم يجر لحد الساعة، حسب المعلومات المتوفرة لدى السفارة المغربية بالرياض".