بعد اشتغاله على موضوعات حقوق المرأة، وسنوات الجمر والرصاص، وهجرة اليهود المغاربة، في أشرطته السينمائية السابقة، ينتقل المخرج المغربي حسن بن جلون إلى الاشتغال على موضوع الهجرة غير الشرعية والمشاكل المترتبة عنها، من استغلال جنسي، وإحباط، وخوف من الفشلويحلل حسن بن جلون هذه المواضيع في شريطه السينمائي الطويل الجديد، الذي اختار له عنوان "المنسيون في التاريخ"، والذي انتهى من تصويره أخيرا، وسيشرع في المونطاج الخاص به في شهر غشت الجاري. فبعد تصويره للجزء الأول من الشريط في مدن: الدارالبيضاء، ونواحي سطات، وفاس، قبل أشهر، انتهى المخرج حسن بن جلون من تصوير الجزء الثاني من الشريط في مدينة بروكسيل البلجيكية، التي تتبع فيها مسار المهاجرين غير الشرعيين، الذين يسلط من خلالهم الضوء على قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة. وفي تصريح ل "المغربية" ذكر حسن بن جلون أن تصوير الشريط استغرق في مجمله ستة أسابيع، وأنه استفاد من دعم المركز السينمائي المغربي لسنة 2008، والمبلغ هو 4 ملايين و500 ألف درهم. وأضاف بن جلون أنه أنجز سيناريو شريط "المنسيون في التاريخ" بمساعدة توفيق أبو طه، ودافيد ألكاين، وأن المنظور النسوي فيه قامت بإعداده رشيدة السعدي. وأشار إلى أن الشريط يتحدث عن "الهجرة غير الشرعية من المغرب إلى البلدان الأوروبية، سواء قام بها مغاربة، أو أفارقة يتخذون من المغرب محطة عبور للضفة الأخرى من المتوسط، أو من أوروبا الشرقية. أتحدث في هذا الشريط عن الهجرة وإشكالاتها، وأسلط الضوء على بعض الأسباب، التي تدفع المهاجر إلى ركوب مغامرة المجهول، كما أكشف عن مصير العديد من هؤلاء المهاجرين، الذين يعيشون ظروفا صعبة للغاية". وأوضح بن جلون أن شريط "المنسيون في التاريخ" لا يركز على قضية بعينها، من مثل الدعارة، بل يتحدث عن مجموع المشاكل التي يصادفها المهاجر، الذي يخرج من بلده بحثا عن عمل في أحد البلدان الأوروبية، ومن بينها مشكل الاستغلال الجنسي، الذي يتعرض له المهاجرون، ذكورا وإناثا، كما أنه يتطرق لأوضاع المهاجرين بالدول الأجنبية، وتأثيرها على أوضاعهم النفسية والسوسيو ثقافية. ويقدم بن جلون في هذا الشريط نظرة سوداوية ومريرة لتداعيات الهجرة، ويسعى إلى تحسيس الباحثين عن الفردوس المفقود بالأخطار التي تتهددهم، ويتمنى أن يعدلوا عن ركوب الأوهام. ويعد "المنسيون في التاريخ" شريطا اجتماعيا بامتياز، تلتقي فيه أنماط حياة مختلفة، داخل أو خارج المغرب. وأشار بن جلون أنه لا يعتمد في شريطه، المبني على قصة حب، على أبطال معينين، بل يشتغل بمنطق العمل الجماعي، ويحاول أن يكشف عن العديد من المواهب والطاقات الجديدة، كما هو الشأن في أفلامه السابقة. وقال إن الجمهور المغربي سيكتشف في هذا الشريط ممثلين جدد، كما سيشاهد ممثلين معروفين في أدوار جديدة. ومن بين الممثلين المائة، الذين شاركوا في هذا الشريط نذكر: مريم أجدو، ليلى لعرج، أمال فكا، سناء باحاج، فدوى طالب، رجاء صدقي، عبد الرحيم المنياري، أسماء الخمليشي، أمين النتجي، عبد الله شكيري، جليل داوود، عبد المالك أخميس، إضافة إلى بعض الممثلين الأوروبيين والأفارقة. وحول الإضافة النوعية، التي يقدمها هذا الشريط، الذي يتناول إشكالية الهجرة السرية، ذكر المخرج حسن بن جلون، أنه يقدم ملاحظات عن واقع معاش، وأليم، وأنه يقدم من خلاله رؤيته لمشكل الهجرة غير الشرعية، وقال "أتمنى أن يعدل الناس عن الهجرة غير الشرعية بعد مشاهدتهم لهذا الشريط". وعن ظروف تصوير شريط "المنسيون في التاريخ" ذكر بن جلون أنها كانت جيدة، لأنه جرى التهييء للشريط بعد أشهر قبل الشروع في تصويره، وذلك من خلال عمل قبلي في المدن مع متخصصين في المجال السينمائي، ولهذا فحينما وصل المخرج للتصوير النهائي، لم يجد أي مشكل، كما قال. وعن الطاقم التقني، الذي استعان به المخرج في هذا الشريط، ذكر أنه ليس مغربيا بالكامل، لأن التقنيين المغاربة المعروفين يشتغلون باستمرار، ولا وقت لديهم بالمرة، ولهذا كما قال "لا يجب على التقنيين المغاربة أن يلوموا المخرجين المغاربة، الذين يستعينون بتقنيين أجانب، ما داموا مشغولين ويعملون باستمرار. كما أن السينما لا تعترف بالحدود، ولا بهذا مغربي، ولا هذا أجنبي". وأضاف بن جلون أن مدير تصوير شريط "المنسيون في التاريخ" فرنسي، وأن المكلف بالصوت هو فوزي ثابت من تونس، والكاميرا علي بن جلون، وأن الماكياج تكلفت به المغربية رشيدة ثابت بمساعدة تونسي وفرنسي، والمكننة تكلف بها مغاربة وأجانب، أما الديكور فكان مغربيا مائة في المائة، مثله مثل لاريجي والملابس، التي تكلفت بها أمل بن عياد. وبعد الانتهاء من مونطاج هذا الشريط، الذي سيشرع فيه المخرج حسن بن جلون، في شهر غشت الجاري، سيعرض هذا الشريط في القاعات السينمائية المغربية في نهاية السنة الجارية، أو بداية السنة المقبلة 2010. للإشارة فحسن بن جلون من المخرجين المغاربة المهووسين بالقضايا الاجتماعية والإنسانية في المغرب، تطرق لمواضيع متنوعة في أشرطته السينمائية من مثل: حقوق المرأة في شريطه "محاكمة امرأة" 2001، وسنوات الجمر والرصاص في شريطه "درب مولاي الشريف" 2004، وهجرة اليهود المغاربة في شريطه "فين ماشي يا موشي" 2007، حصل على العديد من الجوائز في مهرجانات سينمائية داخل المغرب وخارجه. ومن بين أشرطته الأخرى نذكر "عرس الآخرين" 1990، و"يا ريت" 1993، و"أصدقاء الأمس" 1997. بعد تخرجه وممارسته لمهنة الصيدلة بمسقط رأسه سطات، لم يستطع حسن بن جلون أن يتخلص من عشقه للسينما، فانخرط في الأندية السينمائية، قبل أن يعود أدراجه إلى باريس ليدرس الإخراج السينمائي، ويتخرج سنة 1983، ويخرج شريطه القصير الأول "في اتجاه واحد"، ويخلق مع أربعة مخرجين آخرين ما عرف ب "تجمع الدارالبيضاء"، الذي أعطى خمسة أشرطة طويلة، من بينها شريطه التخييلي الأول "عرس الآخرين".