تشهد العديد من الدول الأوروبية موجة من الإضرابات والاحتجاجات الرافضة لإلزامية التطعيم وعودة الحجر في بعض الدول ولجملة «الإجراءات الصحية المؤلمة». ففي النمسا، إثر إقرار الحجر الكامل -ليل أول أمس الاثنين- تظاهر نحو 40 ألف شخص في فيينا منددين «بالدكتاتورية»، تلبية لدعوة أطلقها حزب اليمين المتطرف، إضافة إلى مسيرة أخرى ضمت آلاف المتظاهرين في لينز شمالي البلاد. وفي هولندا، اندلعت احتجاجات عنيفة اعتقل فيها العشرات، الأسبوع الماضي، في روتردام ولاهاي، نتيجة لفرض الإغلاق الجزئي، ومنع غير الملقحين من دخول بعض الأماكن. وشهدت العاصمة البلجيكية بروكسل أيضا، الأسبوع الماضي، صدامات واحتجاجات شارك بها نحو 35 ألف متظاهر رافض للتدابير الجديدة. وأما فرنسا، فقد قررت -يوم الجمعة الماضي- تأجيل فرض التطعيم الإلزامي للطواقم الطبية في جزر الأنتيل إلى 31 دجنبر المقبل، بعدما تسبب ذلك في أزمة اجتماعية غير مسبوقة تخللتها أعمال عنف لأيام. وتعيش جزيرتا غوادلوب والمارتينيك الفرنسيتين -في البحر الكاريبي- احتجاجات عنيفة ضد فرض التطعيم الإلزامي على مقدمي الرعاية الطبية ورجال الإطفاء. يُرجع طبيب الأمراض القلبية في مستشفيات باريس الدكتور محمد غنّام أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بكورونا في أوروبا بعد انحسارها إلى عدة أسباب، منها أن 70% من الأوروبيين أخذوا التطعيم، ولكن 30% لم يلقحوا حتى الآن. ويضيف أن «فاعلية اللقاحات متفاوتة، ويلعب غير الملقحين دورا سلبيا في وصول الفيروس إلى الملقحين الذين لم يحصنهم اللقاح». ويقول غنام «إذا أضفنا إلى هذا كله أن مناعة اللقاحات تنقص مع مرور الزمن، ولا تكبح جماح انتشار الفيروس، نفهم هذه العودة القوية بالارتفاع في الإصابات، ونفهم أن المناعة غير كافية لتقليص انتشار الوباء والمتحورات الجديدة». كما يرجع غنام ارتفاع الإصابات إلى عودة الحياة لطبيعتها بقرارات حكومية، واختلاط واكتظاظ الناس، وتخليهم عن الكمامات، وإجراءات الوقاية الصحية. ويدعو الطبيب إلى التسريع بوتيرة التطعيم لكبح انتشار الفيروس سريعا، وكذلك إعطاء الجرعة الثالثة لمن يزيد عمره على 60 عاما، ثم توسيع التطعيم للفئات الأقل عمرا. وعن مدى خطورة الموجة الجديدة من الفيروس خاصة مع اكتشاف المتحور أوميكرون، يقول غنّام «أوروبا في بداية الموجة الخامسة الآن، وكلما انتشر الوباء ظهرت سلالات جديدة. وهناك سلالات كثيرة تظهر وتختفي ولا يُسمع بها الناس لأنها غير خطيرة، مقابل سلالات كالمتحور الجديد، نحتاج إلى مزيد من الوقت لمعرفة مدى خطورتها». ويعتقد غنام أن «السلالة الجديدة مقلقة لأن فيها الكثير من التحولات السريعة في وقت قصير عكس بقية المتحورات. وهذا يجعلها مُعدية أكثر وتنتقل بسرعة بين البشر وبين الدول، لذلك، فالتحولات السريعة للسلالة الجديدة قد تجعل اللقاحات غير فعالة أمامها، ومن هنا يأتي القلق والخطر». وفي وقت يُنسب فيه لعلماء جنوب إفريقيين قولهم إنهم عاجزون عن الجزم أن اللقاحات المتوافرة حاليا فعالة في محاربة المتحور «أوميكرون»، فما الحلول لمواجهته؟ وحسب الدكتور أحمد غنام فإن التلقيح الأول صنع لمواجهة السلالة الأولى من كورونا، ولكن بما أن الفيروس الأول والسلالات المستجدة لديها بعض الخصائص المشتركة، فاللقاحات المتوفرة تبقى فاعلة حتى مع المتحور الجديد أوميكرون، وإن كانت بنجاعة أقل. ولكن -حسب غنام- يبقى الخوف الأكبر من عدد التحولات السريعة للسلالة الجديدة التي قد تصل إلى 10 تحولات في فترة قصيرة، وهذا يجعلها تنتشر وتتعقد أكثر. لكنه قال إنه لابد من تحليلها وتدقيقها للحكم على خطورتها وحدّتها، «ويبقى الحل الأول والأخير في التلقيح وأخذ الاحتياطات اللازمة». تحدث الطبيب الروسي والخبير في علم الجراثيم، ألكسندر مياسنيكوف، عن طرق الوقاية من سلالة «أوميكرون» لفيروس «كورونا». جاء ذلك على لسانه في مقابلة مع الخدمة الاجتماعية الروسية للأنباء حيث قال إنه على قناعة بأن أي متحوّر تجديد لعدوى «كوفيد – 19» سيكون أكثر قدرة على التفشي، مقارنة بمتحوّرات سابقة، ما يعد أمرا طبيعيا بالنسبة إلى تطور الفيروس. وأضاف قائلا إن «التطعيم الشامل فقط يمكن أن يساعدنا في الانتصار على الفيروس التاجي». ومضى قائلا إن تعاطي جرعة ثالثة للقاح يعد في الوقت الراهن وسيلة وقائية وحيدة، إذ أن تعاطي الجرعتين يحمي 60 – 70% للمسنين من سلالة «دلتا». وربما لن يحمي تعاطي الجرعتين إلا 20 – 30% منها ضد سلالة «أوميكرون». لذلك لا بد من تعاطي الجرعة الثالثة المعززة ضد الفيروس التاجي. فيما لم يستبعد الطبيب أن يتحمل المرضى متغيرات جديدة من الفيروس التاجي أسهل، مقارنة بمتغير «دلتا». بينما لم يستبعد كذلك إدخال تعديلات في اللقاحات خصيصا لمكافحة متغير «أوميكرون». مع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية حذرت مَن قد أصيبوا بسلالات سابقة من فيروس «كورونا» من خطر الإصابة بمتغير «أوميكرون». فيما لم يستبعد الطبيب أن يتحمل المرضى متغيرات جديدة من الفيروس التاجي أسهل، مقارنة بمتغير «دلتا». بينما لم يستبعد كذلك إدخال تعديلات في اللقاحات خصيصا لمكافحة متغير «أوميكرون». مع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية حذرت مَن قد أصيبوا بسلالات سابقة من فيروس «كورونا» من خطر الإصابة بمتغير «أوميكرون».