تجسد رأسمال الثقة والمصداقية، الذي تم إظهاره للمملكة ومؤسساتها، من قبل أعلى هيئة بالأممالمتحدة، خلال التصويت على قرار جديد حول الصحراء المغربية. فبعد 16 سنة من اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين، مكنت دينامية الإصلاحات السياسية والمؤسساتية الرباط من ثقة المجتمع الدولي، مما خلف استياء أولئك الجيران، الذين ينفثون في جمر الإرهاب والانفصال. ويتمثل الأمر اللافت، في الانفتاح والاستقرار الذي يشير إليه كل خبير في حديثه عن الوضع في الأقاليم الصحراوية على غرار أي جهة أخرى في المغرب، في الوقت الذي تعيش فيه مناطق بكاملها توترات دامية في بعض بلدان الجوار. ويؤكد الأكاديمي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، لحسن مهراوي، على أن المغرب كان بلدا سباقا في المنطقة للتفاعل دون قيود مع المساطر الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، الذي كان من بين أعضائه المؤسسين. وفي هذا السياق، تتعاون السلطات بشكل فاعل مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وباقي المنظمات، لفائدة برامج التوعية وحماية حقوق الإنسان. وهو الحال على سبيل المثال بالنسبة للأقاليم الجنوبية حيث يقدم الاتحاد الأوروبي دعما هاما لعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ويشير مهراوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن خارطة طريق العمل الحكومي في هذا المجال تنبع من مسلسل للإصلاح التطوعي والذي لا رجعة فيه. كما يشهد على ذلك إنهاء متابعة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وكذا الزيارات التي قام بها للمغرب مسؤولون لدى هذه المساطر الخاصة للأمم المتحدة.
وتمت، في هذا الصدد، دعوة أربعة مقررين خاصين لزيارة المملكة في أقل من سنتين (2014-2015)، فضلا عن دعوة خاصة تم توجيهها للمقرر الخاص حول التعذيب، في وقت تظل فيه بلدان أخرى بالمنطقة منغلقة بإصرار أمام هذه الآليات. كما أن قرار الحكومة التفاعل بشكل إيجابي وسريع مع مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعد تجسيدا آخر للانخراط المطلق على أعلى مستوى بالدولة، لفائدة الحقوق والحريات. وأتى الانخراط الراسخ ومثابرة المملكة أكله، إذ لم يكتف القرار 2218 لمجلس الأمن بتجاهل مطالب الجزائر و"البوليساريو" لتوسيع مهمة بعثة (المينورسو) في الإشراف على حقوق الإنسان، بل دعا على الخصوص إلى تسجيل وإحصاء ساكنة تندوف. فالقيام دون تأخير بتحديد هوية الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف أضحى على رأس مطالب مجلس الأمن في قراراته حول قضية الصحراء المغربية. إذ أظهرت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة شكوكا حول سجل حقوق الإنسان ب"البوليساريو" والجزائر، البلد الذي يتنصل من الالتزامات الدولية المتخذة في إطار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين. وأكثر من ذلك فقد أشاد أعضاء المجلس بشكل لا لبس فيه، "بجهود لا يمكن إنكارها بذلها المغرب في طريق النهوض بحقوق الإنسان" على مستوى التراب الوطني ككل، بما في ذلك الأقاليم الصحراوية، وذلك من خلال اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. إن التقدم الذي حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان يعد واقعا لا يمكن لأحد تجاهله، بقدر انخراط المملكة، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتدعيم قطار التنمية الذي تم إطلاقه في كافة جهات المغرب دون استثناء، من طنجة إلى الكويرة. هي إذن منجزات لم تنتظر قدوم "الربيع العربي" لتتجسد على أرض الميدان، كما يشهد على ذلك العمل غير المسبوق للمصالحة والذاكرة، الذي مكن المغرب من طي صفحة الماضي. دون إغفال الحديث عن دستور 2011 وإسهامه القيم في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والاعتراف بمختلف روافد الهوية المغربية.