لا يمر يوم دون أن يطلق النظام الجزائري وأتباعه المحرضون العنان للتهجم على المغرب ووحدته الترابية. وتعكس هذه الحملة التي لا هوادة فيها حالة غيظ مفرط إزاء الانتشار المثير للإعجاب للمملكة في الساحة الإفريقية، وخاصة الاعتراف الدولي بنموذج التنمية وحقوق الإنسان الذي طوره المغرب في الصحراء. آخر فعل يجسد هذا العداء المطلق يتمثل في التصريحات المعادية لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية الصادرة عن الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال أمام قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبرغ.
وذلك لسبب وجيه لأن الجزائر لم تتجاوز بعد تداعيات النكسة المريرة التي تعرضت لها يوم 28 أبريل الماضي بعد قرار مجلس الأمن الذي عزز موقف الرباط في التزامها الراسخ لصالح حقوق الإنسان في مجمل التراب المغربي. ولكن ما يزعج أكثر الجارة الجزائر في القرار 2218 هو الاعتراف الدولي الذي لا مثيل له "بجهود لا يمكن إنكارها بذلها المغرب في طريق النهوض بحقوق الإنسان"، بما في ذلك الصحراء من خلال اللجان الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ولم يتجاهل الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، وقبله الأمين العام للمنظمة، فقط المطالبة الجزائرية-الانفصالية لتوسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وإنما دعا أيضا بالخصوص إلى تسجيل وإحصاء الساكنة الصحراوية في تندوف.
وأبرز المتحدث باسم جمعية القبائل الصحراوية المغربية في أوروبا لحسن مهراوي أن هذه الدعوة تشكل تجليا للفشل الدبلوماسي للجزائر التي ظنت أنها تتحكم في ضبابية العدد التقديري المبالغ فيه لسكان المخيمات لأسباب أضحت معروفة اليوم لدى الجميع، أي تضخيم حجم المساعدات الإنسانية الموجهة لهذه الساكنة لإعادة بيعها في السوق السوداء للبلدان المجاورة.
وأكد أنه على العكس من ذلك، فإن الأقاليم الجنوبية تتمتع بمناخ تحسد عليه من الاستقرار والانفتاح على الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وهي الديناميكية التي جعلت المغرب يكسب ثقة الأممالمتحدة والقوى الكبرى.
وبالفعل، دفعت هذه الثقة مؤخرا الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق برنامج واسع للتعاون الثنائي من بين توجهاته تقديم دعم هام لعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الصحراء، بما يشمل فرعيه في العيون والداخلة.
وتتمحور خارطة الطريق في مجال حقوق الإنسان فعلا حول مسلسل إرادي ولا رجعة فيه للإصلاحات المؤسساتية، بدليل وضع حد لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وزيارات المقررين وأصحاب المساطر الخاصة التابعين للأمم المتحدة.
وبالفعل، تم توجيه الدعوة لأربعة مقررين أمميين خاصين تابعين للمنظمة الدولية لزيارة المملكة بين عامي 2014 و 2015، بالإضافة إلى دعوة موجهة للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب.
من جهة اخرى، لا يفوت الخبراء الدوليون والوفود الأممية المختلفة إبراز الانفتاح والمجهود الاستثنائي المبذول في تنمية الصحراء التي يتنقلون فيها بكل حرية، في حين لا تزال بلدان أخرى في المنطقة تغلق أبوابها أمام مثل هذه الآليات.
ويتجسد هذا الالتزام الإرادي أيضا في قرار الحكومة التفاعل بشكل إيجابي وسريع مع المقترحات الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وامتداداته الجهوية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
ويعتبر الأمين العام للمجلس محمد الصبار ان التفاعل المنتظم مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو "تتويج لمسلسل أشمل لتقوية آليات مراقبة حقوق الإنسان وتوسيع مجال الحريات".
وصرح صبار لوكالة المغرب العربي للأنباء بأن هذه المبادرة ستخول عبر الممارسة "التغلب على صعوبات التواصل" مع القطاعات الوزارية وجعل التحقيقات ومختلف سبل التقاضي ممكنة.
ويجسد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره رأس الحربة في النموذج المغربي للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، الانخراط القوي للمملكة في الوفاء بالتزاماتها الدولية رغم سياق إقليمي مضطرب تتهدده باستمرار مخاطر زعزعة الاستقرار.