قال مصطفى فارس، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، رئيس محكمة النقض، إن "إفريقيا التي تتحول اليوم، هي في حاجة ماسة إلى سلطة قضائية مستقلة ناجعة فعالة شفافة ومتطورة. القضاء في إفريقيا اليوم يحتاج إلى إعطاء الفرصة لكل بناته وأبنائه بشكل منصف ومتساو من أجل ضمان نفاذ القانون وحماية الحقوق والحريات". وأضاف فارس خلال كلمته في افتتاح مؤتمر النساء القاضيات الإفريقيات، المنظم اليوم الخميس بفاس، والممتد إلى يوم السبت المقبل، حول "الضمانات الاجتماعية والمهنية للقاضيات الإفريقيات، أي مقاربة؟"، إن "القسم الذي نؤديه والبذلة التي نرتديها جميعا تختفي ورائها هوياتنا وتلزمنا بنفس الأخلاقيات وتطالبنا قاضيات وقضاة بالتجرد من جنسياتنا وجنسنا وانتماءاتنا الاجتماعية ومعتقداتنا الفكرية أو الدينية، وتوحدنا جميعا من أجل التطبيق العادل للقانون والإخلاص في العمل والعناية بحل المشاكل والنزاعات بكل كفاءة وفعالية من أجل مستقبل واعد لقارتنا". واعتبر فارس قائلا إن "قارتنا مطالبة اليوم باستثمار كافة مؤهلاتها خاصة رأسمالها اللامادي وتثمين كفاءاتها لا سيما نسائها ممن يمتلكن المؤهلات والكفاءات والمهارات العالية"، مستحضرا ما حققته النساء القاضيات الإفريقيات من النجاحات الكبيرة التي كانت نتاج ما أبانت عنه من تفوق واستحقاق وحضور قوي ومساهمة فاعلة في مختلف المحافل القضائية الوطنية والدولية خلال سنوات طوال لم تكن أبدا مفروشة بالورود". وأكد فارس قائلا إن "اللقاء يحمل رمزية الزمان وخصوصية المكان"، مضيفا بالقول "اليوم، 10 أكتوبر نخلد فيه كمغاربة الذكرى 16 لليوم الوطني للمرأة الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس نصره الله بخطابه السامي بمناسبة إقرار مدونة الأسرة المغربية الجديدة شهر أكتوبر من سنة 2003 كحدث مجتمعي كبير وتجربة عربية وافريقية رائدة ومحطة أساسية في مسار نضال المرأة من أجل حقوقها المشروعة". ومضى قائلا "أما المكان، فهو مدينة فاس التي تحتضن أقدم جامعة في العالم لا زالت عاملة إلى الآن بدون انقطاع، التي أسستها سنة 859م فاطمة الفهرية، امرأة من بنات هذا الوطن وهذه القارة التي آمنت بقدراتها وبقضيتها من خلال بناء عقول تشع بنور المعرفة وتحارب الجهل والصور النمطية والأفكار الدونية التي كانت تعاني منها المرأة آنذاك بمختلف قارات العالم". واستحضر فارس في كلمته المسار المتقدم الذي تعرفه قاضيات المغرب منذ تولي أول امرأة مغربية منصب القضاء سنة 1961 بعد خمس سنوات فقط من استقلال البلاد، واصفا إياه ب "المسار الذي لا يمكن فصله عن سياق التحولات الكبرى والأوراش الإصلاحية التي عاشها المغرب منذ اعتلاء الملك محمد السادس نصره الله العرش سنة 1999، حيث أصبح موضوع المرأة قضية وطن ومستقبل أمة". وعرج الرئيس المنتدب للسلطة القضائية على المبادرات الملكية التي أعطت للمرأة المغربية أهمية كبرى من أجل ترسيخ مكانتها العالية وضمان حقوقها المشروعة إلى جانب الرجل بدءا بمدونة الأسرة ودسترة المناصفة والمساواة بين الجنسين وإخراج قانون يحمي النساء المعنفات وتمكين المرأة السلالية من حقوقها العقارية والمالية وفتح الباب أمام النساء لولوج مهنة العدالة لأول مرة بعدما كانت حكرا على الرجال وإصلاح قانون الجنسية والمصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية المرتبطة بقضايا المرأة وغيرها من المحطات الكبرى التي ساهمت في إقرار حقوق النساء بالمغرب. وأبرز فارس أنه بفضل هذه المقاربات استطاعت المرأة المغربية اليوم أن تصل إلى أعلى مناصب المسؤولية في مختلف المجالات، قائلا "نساء خلقن ثورة ناعمة في مجالاتهن وأبدعن في رسم لوحات للتميز والجدية والعطاء وانتصرن بتفوق على كل المثبطات والعوائق ذات المصادر المختلفة"، خاتما بالقول إن "قارتنا تحتاج إلى مخططات استراتيجية ومشاريع جادة توحدها آليات تنسيقية عملية واضحة تدعم التعاون والشراكة بين مختلف مكوناتها، وهو ما نحن حريصون عليه كمجلس أعلى للسلطة القضائية بالمغرب وستكون أبوابنا دائما مفتوحة أمام مبادراتكم واقتراحاتكم".