شيع، أول أمس الأحد، من أحد مستشفيات دمشق جثمان الفنان السوري الكبير عبد الرحمن آل رشي، الذي وافته المنية ظهر السبت المنصرم، عن عمر ناهز 83 عاما اثر نوبة تنفسية مفاجئة ألمت به. وبرحيل الفنان عبد الرحمن آل رشي تكون الدراما السورية والوسط الفني العربي، خسرا واحدا من كبار الفنانين الرواد الذين قدموا للفن الشيء الكثير في الدراما والسينما والمسرح. قال زميله وابن جيله الفنان محمد شماط "إن الفنان الراحل واحد من المؤسسين للنقابة، وكان له الفضل الكبير على كثير من الفنانين الشباب، حيث لم يبخل يوما في تقديم خبرته الطويلة لهم في مجال التمثيل"، مضيفا أنه كان مثالا للرجولة والمحبة والإخلاص لوطنه ولن يأتي أحد يمكن أن يملأ مكانه. بدورها، قالت الفنانة إنطوانيت نجيب إن "رحيل الفنان آل رشي خسارة كبيرة للدراما السورية والعربية وهو ظاهرة لن تتكرر وأمثاله قلائل في الوسط الفني، لأنه شخص غير منمق ولا يخجل من قول الحقيقة .. صادق بمشاعره ويحترم نفسه كفنان". وتحدثت إيمان آل رشي ابنة الراحل عن علاقته بأبنائه، مشيرة إلى أنه كان أبا حنونا وطيبا لم يبخل على أبنائه بتقديم النصح والإرشاد فتعلموا منه قوة الشخصية والطيبة والتعامل مع الناس بأخلاق، فكان رجلا محبا ومحبوبا من قبل كل الناس، خصوصا زملائه وأصدقائه الفنانين. وعبد الرحمن آل رشي ممثل سوري من أصل كردي، يعتبره العديد من المهتمين بالشأن الفني من عمالقة الدراما السورية والسينما العربية، إذ قدم عشرات الأعمال التلفزيونية والسينمائية، وهو العضو المؤسس لنقابة الفنانين السوريين. واشتهر آل رشي بنبرة صوته الجهوري المميز، وبأدائه المتقن حتى في أعماله الأخيرة، وبرز الراحل كممثل بارع يمتلك الصوت القوي ولغة عربية سليمة، ساعدته على التألق في الأعمال التي تقدم بالفصحى، التي كان يعشقها ويجيدها خاصة وهو يقدم البرامج الدينية بصوته القوي. كما سجل بصوته معلقات الشعر الجاهلي، فضلا عن أدائه نحو 15 أغنية، رغم أنه لم يقدم نفسه كمطرب، بل أصر دائما أن يكون ممثلا دراميا محترفا متفرغا لتجسيد الأدوار الصعبة المركبة بحرفية عالية. واشتهر عبد الرحمن آل رشي بدور "الزعيم" في مسلسل "باب الحارة"، وفي ذروة صعود موجة دراما البيئة الشامية، كان آل رشي أحد أبرز نجومها، بل وزعيم حاراتها، ومنها "الزعيم أبو صالح" بالجزء الأول والثاني من "باب الحارة"، و"أبو جواد" في "الخوالي"، و"أبو بطرس الزكرتي" بمسلسل "رجال العز"، إضافة إلى أدواره في "الحوت" و"أهل الراية" وغيرها. واشتهر الفنان السوري في مسلسلات البيئة الشامية، وكانت آخر مشاركاته الفنية في الدراما السورية، ضمن المسلسل البيئي الشامي "قمر شام" خلال الموسم الماضي، وكان يستعد لخوض تجربة الزعيم في مسلسل "الغربال" للموسم الحالي. وقدّم الراحل أكثر من ثمانين عملاً بين السينما والتلفزيون وكان من أهمها في السينما "المخدوعون" الذي أخرجه الراحل توفيق صالح عن رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" سنة 1972، وهو أحد أهم مائة فيلم في تاريخ السينما العربية، وواحد من الأعمال التي تقترب من رؤية كنفاني للقضية الفلسطينية والعربية للحياة والفن، كما استقبل فيلم "المخدوعون" بشكل إيجابي من قبل النقاد وفاز بعدة جوائز عربية وأجنبية.