وصف وزير الثقافة والشباب في إقليم كوردستان العراق، محمود شاكر كاوه، العلاقات الإنسانية بين المغرب وإقليم كورديستان بالجيدة، موضحا أنها لم تنظم لحد الآن. وقال الوزير "نحن بحاجة إلى تنظيم أسبوع ثقافي سنوي، يكون مشتركا بين المغرب والإقليم، في أربيل أو سليمانية، التي تعد عاصمة الثقافة بالإقليم"، موضحا، في حوار مع "المغربية"، أن كوردستان العراق يعرف تنمية كبيرة في جميع الميادين، وهناك إقبال من المواطنين اللبنانيين، الذين يشتغلون في وظائف مختلفة، و"للمغاربة مجال أيضا للعمل هنا، إذ يمكن الاستفادة من خبراتهم في بعض المهن، مثل فن الزخرفة، الذي يتميز به المغرب بمواصفات عالية الجودة". كما أوضح أن كوردستان العراق يشهد تنمية عمرانية هائلة، ستتيح فرصا للحرفيين والمهنيين المغاربة في هذا المجال. هل الملتقى الإعلامي الكوردي العربي، الذي نظم في سياق تتويج أربيل "عاصمة السياحة العربية لسنة 2014"، هو الأول من نوعه في إقليم كوردستان العرق؟ - يمكن القول إن هذا النوع من الملتقيات هو من البدايات الجيدة، التي يخطوها إقليم كوردستان العراق للتعريف بخصوصياته ومكوناته، وهذا الملتقى تميز بحضور عدد مهم من الإعلاميين، يمثلون منابر إعلامية مرموقة من مختلف الدول العربية، وسيساعد على كشف مؤهلات الإقليم في جميع القطاعات، في وقت كانت هناك تظاهرات وملتقيات وندوات تهم الحوار بين الشعوب والحضارات تخص المثقفين والفنانين. إن المراحل المهمة، التي اجتازها الإقليم، أصبحت تحتم عقد ملتقيات إعلامية بمشاركة إخواننا من الدول العربية، ونحن نحرص على تنظيم أجندة خاصة بمثل هذه الفعاليات الإعلامية، حتى تكون مثمرة بشكل مستمر غير مرتبط بموسم معين. من جهة أخرى، نحن بحاجة في إقليم كوردستان العراق إلى هذه الملتقيات الإعلامية مع باقي الدول، لتبادل الخبرات ووجهات النظر وتحقيق مشتركات بيننا، التي إن لم تكن تحققت اليوم، ستتاح غدا بفضل التواصل الدائم. فالإقليم يسعى إلى توطيد العلاقات والصداقات، وعيا بأن الامتداد العربي بالنسبة للكورد هو امتداد طبيعي لنا، ولدينا اهتمام بكيفية تطوير هذا الامتداد، في خضم أنظمة ديمقراطية مدنية، تمكن العيش بأمن وسلام. هل سطرتم برامج شبيهة بهذا الملتقى في الآجال القريبة، لتوسيع دائرة الانفتاح الإعلامي على باقي الدول ؟ - نحن نسعى إلى برمجة عدد من الملتقيات والتظاهرات الإعلامية، وعلينا أن ننتقد ذاتنا، بأننا لم نعبر بعد طريقا طويلة في هذا المجال، لكن بدأنا نهتم أكثر من أي وقت مضى بالانفتاح إعلاميا، بالقدر الذي يخولنا التواصل الشامل مع العديد من الدول. كيف ترى العلاقات الإنسانية بين المغرب وكوردستان؟ - زار العديد من المواطنين المغاربة الإقليم، في إطار الصحافة الدولية والمجال السياحي ومجال الرياضة والشباب، كما أن مواطني كوردستان شاركوا في فعاليات ثقافية مختلفة بالمغرب، لكن هذه العلاقات لم تنظم لحد الآن، لهذا، نحن على الأقل بحاجة إلى تنظيم أسبوع ثقافي سنوي، يكون مشتركا بين المغرب والإقليم، كتنظيمه في أربيل أو سليمانية، التي تعد عاصمة الثقافة بالإقليم. فنحن نتطلع إلى أن نستفيد من خبرة المغاربة في فن المسرح، كما ندرك بأن للمغرب جذورا ومميزات تاريخية لا يمكن التغاضي عنها، في الوقت الذي لدينا نحن حضارة بميزات متنوعة أيضا، ومن ثمة سيكون من المفيد جدا إدماج هاتين الحضارتين، لما فيه مستقبل واعد لشعوبنا والمنطقة. وأرى أن المزيد من التواصل بين الإقليم والمغرب سيفسح مجالا آخر، هو الاستفادة من السياحة، فسكان كوردستان العراق يدركون المكانة الجيدة للمغرب، التي جعلته بلدا سياحيا بامتياز، والإقليم بدوره نقطة جذب للسياح، ولهذا، من الممكن تبادل الزيارات والتعارف في هذا السياق. فكوردستان العراق يعيش تنمية كبيرة في جميع الميادين، وهناك إقبال من المواطنين اللبنانيين الذين يشتغلون في وظائف مختلفة، وللمغاربة مجال، أيضا، للعمل هنا، إذ يمكن الاستفادة من خبراتهم في بعض المهن، مثل فن الزخرفة، الذي يتميز به المغرب بمواصفات عالية الجودة، علما أن كوردستان العراق يشهد تنمية عمرانية هائلة، ستتيح لا محالة فرصا للحرفيين والمهنيين المغاربة في هذا المجال. لاحظت "المغربية" أثناء الوجود بأربيل أن الجيل الجديد لكوردستان لا يتكلم كثيرا اللغة العربية، ما السبب؟ ألا يطرح هذا عائقا أمام انفتاحهم على الدول العربية؟ - صحيح أن لدينا مدارس تعتمد في برنامجها الدراسي على اللغة العربية، ونحن نحترم هذه اللغة التي هي لغة القرآن الكريم، ولغة شعوب كثيرة في المنطقة التي نتعايش معها، لكن نفتقر قليلا لآليات التواصل قصد تعزيز هذه اللغة، ما يجعل شباب كوردستان يقتصرون على اللغة الكوردية المتداولة بيننا كلغة خاصة بالكورد، فليس هناك تعصب للغة، فقط هناك نقص في كيفية التواصل مع الآخرين. كما هو معروف، التراث الثقافي والفني لكوردستان العراق غني ومتنوع، كيف له أن يكون جسر تواصل مع المغرب؟ - لدينا ثقافة متنوعة، وهي الخاصية نفسها التي تتمتع بها ثقافة المغرب، أي أن بين إقليم كوردستان العراق والمغرب قاسما مشتركا، يتجلى في التنوع. وإذا تحدثنا عن ثقافة الإقليم، فنحن نقصد ثقافة الكورد والآشوريين والسريان والأرمن والتركمان والعرب القاطنين هنا، ومن الجانب الديني، هناك الحضارة الإسلامية والمسيحية والإيزيدية وغيرها، وأمام هذا التشكيل الثقافي والتنوع الديني، استطاع الإقليم التعامل معه بتسامح واحترام، ما ساعد على إغناء الحضارة بالإقليم، فالتسامح حاضر بالمجتمع الكوردي، وهي الخصلة ذاتها الموجودة بالمجتمع المغربي. ألا يشكل غياب سفارة مغربية بالعراق حائلا أمام تطلعات الإقليم إلى الانفتاح على المغرب؟ إن سفارة المغرب موجودة بعمان في الأردن، وأكيد، لو كانت بالعراق ستساعد على تطوير العلاقات بشكل أسهل، لكن بإمكان الجانب المغربي فتح قنصلية بأربيل، إذ هناك قنصليات مختلفة مثل قنصلية مصر وفلسطين ولدينا معها مذكرات مشتركة، ونحن مستعدون أن تكون لدينا مذكرة ثقافية مشتركة مع المغرب عبر الأطر الحكومية. يردد الكثيرون أن الشعب الكوردي ظلمه التاريخ وجرحته الأحداث، هل استطاع التخلص من هذا الإحساس في ظل النهضة التي يعيشها الإقليم؟ -أولا، إن الشعب الكوردي من الناحية التاريخية شعب مظلوم ومجروح، وهذا الجرح والظلم التاريخي لم يحولاه إلى عيش حالة من المازوشية، أي أن يتغنى بجرحه وظلمه، بل كان عاملا للمزيد من التقدم والتنمية والتعايش مع الآخرين، وليس الانتقام منهم، كما هو عامل لفهمهم على أساس التكافؤ والمواساة، وليس التهميش. إن الشعب الكوردي يحب السلام والفرح، ويتطلع إلى المستقبل، ولا يبكي على ماضيه، بل ينطلق نحو البحث عن السلام والأمان، لأن ما لحق بالشعب الكوردي لم يكن بسبب الشعب العربي بالعراق، بل بسبب الأنظمة الديكتاتورية السابقة فيه. نحن نمد يد التعاون والإخاء والسلام لكافة شعوب المنطقة، وهذه الأبعاد الإنسانية ستضمن للجميع حل مشاكل التوتر بالمنطقة. كيف يمكن تحديد المرحلة التي أفرزت الوضع الجديد المتقدم لكوردستان العراق؟ - بلوغ إقليم كوردستان العراق مرحلة متقدمة في المجال الاقتصادي والسياحي والعمراني ليس وليد لحظة، بل هو عبارة عن تراكمات، فمثلا، عند الحديث عن عشر سنوات الأخيرة، فهذه الفترة ليست منفصلة عن سنوات ماضية أخرى، لأن الشعب الكوردي كان دائم التفكير في خلق نوع من النهضة والتقدم، بعيدا عن الإكراهات والخلافات، لكن هذا لا يعني هذا أنه ليست هناك نواقص وثغرات، لهذا، فنحن نتعامل بتواضع مع التجربة الكوردستانية ونعتبرها فتية، كما نتقبل انتقادات الآخرين. في خضم التنمية التي تتوسع على نطاق يضمن تطور المجتمع الكوردي وانفتاحه على باقي الدول، ما الذي يجذب المستثمرين إلى هذا الإقليم؟ - إن أول دافع يقود المستثمرين إلى اختيار الإقليم كأرض للاستثمار في قطاعات عدة، هو قانون الاستثمارات، الذي وإن كانت عليه بعض الملاحظات إن قارناه بقانون المنطقة، فهو منفتح ويمنح العديد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب، كما أن الإقليم يتمتع بخاصيتي الأمن والاستقرار، إلى جانب عنصر ثالث، هو أن الشعب الكوردي لا يتعامل مع الآخر كغريب، بل يشعره بأنه جزء من نسيجه الاجتماعي، ويتعامل مع الآخر مثلما هو، وليس كما المواطن الكوردي يريده أن يكون، أي أن الشعب الكوردي يتعامل مع المقابل مثلما هو موجود، ثم هناك عنصر الثروات الطبيعية الموجودة في كوردستان ووفرة فرص العمل، وهذا يشجع على اختيار الإقليم مقرا للعيش.