عند الانطلاق من حي مولاي رشيد جوار كلية العلوم، نحو بوركون قرب مسجد الحسن الثاني، حسب خريطة خط "الميترو الهوائي"، المزمع إنجازه، كان بالإمكان الاطلاع على الكثافة السكانية التي تعكسها المباني العديدة لأحياء تتفرع منها شوارع ومفترقات طرق سيعبر منها "الميترو الهوائي" حيث إن لهذه الوسيلة الجديدة في النقل مرمى موضوعي يكمن في تسهيل ولوج المواطنين إلى مختلف مناطق الدارالبيضاء في ظروف يسيرة بمنأى عن الاكتظاظ والازدحام. بالوصول إلى منطقة "مولاي رشيد"، التي سينطلق منها الميترو الهوائي للدارالبيضاء، يمكن ملاحظة العدد الهائل للسكان المتجلي في بيوت عديدة ومتواضعة تعكس "شعبية" المنطقة، وضغط الاكتظاظ على حياة قاطنيها، فعلى طول طريق إدريس الحارثي بدءا من كلية العلوم إلى نقطة التقاطع مع شارع محمد السادس هناك حركية واضحة تتمثل في تدفق السيارات والحافلات والدراجات النارية والعربات المجرورة بالأحصنة، أما الراجلون فيمضون في الشوارع والأزقة على نحو يوحي برواج هذه المنطقة، التي تتضمن أسواقا ومرافق اجتماعية، فشارع الحارثي يفصل بين أحياء عديدة مثل حي مولاي رشيد وحي للامريم وحي السلامة 3، وحي سباتة، وبهذا سيتيح لسكان هذه الأحياء الاستعاضة عن الحافلات وسيارات الأجرة ب"الميترو الهوائي"، والتنقل نحو الوجهات في أجواء ملائمة. بالمضي في شارع محمد السادس يتبين أنه يسع لعدد مهم من وسائل المواصلات، وبعبور "الميترو الهوائي" مستقبلا في هذا الشارع، ستتعدد فرص التنقل عبر المواصلات بمنأى عن التزاحم والتدافع على سيارات الأجرة والحافلات. يتوافد عادة على شارع محمد السادس الممتد لمسافة طويلة تنتهي بساحة النصر، عدد هائل من مستعملي المواصلات والسائقين والشاحنات، وهو شارع لا تنقطع فيه الحركية والرواج، خاصة أن مقطعا منه يفصل بين محلات تجارية كبرى بدرب السلطان ودرب الفداء. شوارع مزدحمة عند النقطة التي يتقاطع فيها شارع محمد السادس مع شارع المقاومة، سيكون خط "الميترو الهوائي" موجها نحو اليسار في اتجاه شارع محمد الزرقطوني وصولا إلى منطقة بوركون، وأمام الضغط الحاصل على هذا الشارع سيصبح بالإمكان استعمال "الميترو" في ظروف يترفع فيها المواطنون عن الشعور بالضجر من فرط الاكتظاظ، اعتبارا إلى أن عبور "الميترو" في هذا الشارع، في تقاطع مع "الطرامواي" سيغني الكثيرين عن استعمال سياراتهم، مادامت الوسيلتان تقودان إلى مركز المدينة في مختلف الاتجاهات. وفي هذا الصدد، ذكر مسؤول من مجلس المدينة، تحفظ عن ذكر اسمه، ل"المغربية"، أن مشروع "الميترو الهوائي" المزمع بدء الأشغال فيه قريبا، سيقل عددا كبيرا من المواطنين بشكل يومي، ففي الوقت الذي حقق مشروع "الطرامواي" 100 ألف رحلة يوميا، فإن "الميترو الهوائي" سيتيح كل يوم حوالي 400 ألف رحلة. وجاء التفكير في مشروع "الميترو الهوائي" بعد إجراء عدة دراسات وتحريات أسفرت عن أهمية الاستعانة بهذه الوسيلة بدل "الطرامواي"، نظرا إلى أن هذا الأخير لن يكون مجديا في الأحياء المذكورة، إلى جانب أن الحافلات وحدها لا تكفي لسد الازدياد المضطرد لعدد الركاب، ومن ثمة فإن مشروع "الميتر الهوائي" سيلغي العديد من الإكراهات والعراقيل التي تعيشها شوارع الدارالبيضاء باستمرار بسبب الاستعمال المتزايد للسيارات الخاصة، دون أن يمنع هذا ارتفاع الطلب على الحافلات وسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة. الخيار الأنسب في خضم الدراسات العميقة التي تناولت مشروع "الميترو الهوائي" بكل الأبعاد والتجليات والأهداف، تبين للقائمين على المشروع أن حل معضلة المواصلات التي تعاني منها الدارالبيضاء، كمدينة كبرى مستقطبة للاستقرار، يكمن في إنجاز وسيلة "الميترو الهوائي"، بعدما ثبت أن مشروع "ميترو تحت أرضي" ليس ممكنا، لارتفاع تكلفة المشروع ولطول مدة إنجازه، لهذا ظل الخيار الأنسب هو "الميترو الهوائي" الذي سيكلف حوالي 9 ملايير درهم، وسيمتد طول خطه إلى 15 كيلومترا، ومن المرتقب أن يرى المشروع النور نهاية سنة 2018. بمقارنة "الميترو الهوائي" مع "الطرامواي"، فإن هذا الأخير استطاع نقل حوالي 22 مليون مواطن منذ انطلاقه، بعدما كان في البدايات يقل 80 ألف رحلة، ارتفعت إلى 100 ألف رحلة لاحقا. أما "الميترو الهوائي" فسيعبر شوارع رئيسية بالدارالبيضاء تشهد ارتفاعا مهولا للسكان، يزداد فيها الطلب على وسائل المواصلات، حيث يقدر عدد سكان الأحياء التي سيعبر منها "الميترو"، مثل بوركون، والمعاريف، ودرب السلطان، وشارع الفداء، وسيدي عثمان، ومولاي رشيد، حوالي مليوني نسمة، إلى جانب أماكن بوسط المدينة يتقاطع فيها خطا "الميترو" و"الطرامواي". وبهذا يراهن القائمون على مشروع "الميترو الهوائي" بأن يحل مشكلة الاحتقان الذي تعيشه عدة أحياء في الدارالبيضاء، التي يضطر سكانها إلى تحمل عناء التنقل في ظل الازدحام والتدافع، وأحيانا التأخير عن المواعيد المقررة لديهم.