كانت ردود فعل المواطنين على قرار تثبيت التوقيت الصيفي عنيفة، فما إن تناهى إلى علم مواطني العالم الافتراضي أن الحكومة ستعقد مجلس استثنائي لاتخاذ إجراءات مصاحبة لمشروع المرسوم المتعلق بالساعة القانونية، حتى أطلق المواطنون العنان لألسنتهم و(أقلامهم) على صفحاتهم الفايسبوكية، كما أنهم أطلقوا تغريدات غاضبة عبر تويتر، بكل اللغات وعبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، وقبل أن يصدر البلاغ الحكومي كان الرفض مسيطرا، ولسان الناس يردد أغنية "لا وألف لا"، ووجهوا اللوم لما كانت الحكومة تعتزم اتخاذه من قرارات في المجلس المنعقد أمس. ردود الأفعال لها ما يبررها لأن الإعلان عن عقد المجلس لتثبيت التوقيت الصيفي جاء في وقت ارتفعت الأصوات المطالبة بالتخلي عن هذا التوقيت على غرار ما اتخذه الجيران في شمال المتوسط، إذ برر الاتحاد الأوروبي التخلي عنه بانعكاسات سلبية على الإنسان واضطراب ساعته البيولوجية. في المغرب جرى الحديث عن تكوين لجنة لدراسة الوضع فتقرر عقد المجلس الاستثنائي، لاتخاذ قرارات استثنائية بالنسبة إلى الكثيرين. وأغلب أن ما قرر بخصوص توحيد توقيت الشتاء والصيف جاء بناء على ما جرى التوصل إليه من خلال مشاورات أعضاء اللجنة وربما دراسات. بعد القرار انتشرت تصريحات توضيحية لتبديد بعض المخاوف، كتغيير مواقيت الدخول إلى العمل، والتعامل بمرونة مع مواقيت الدخول المدرسي و... صحيح أن ردود الأفعال لم تتوقف حتى بعد ذلك، لكن ما ينبغي الإشارة إليه أن الواقعة ليست الأولى في تاريخ المغرب فقد عشنا وضعا مماثلا في القرن المنصرم، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بضبط المغرب ساعته على توقيت 1984 1985، إذ تقرر آنذاك الاحتفاظ بالتوقيت الصيفي في الشتاء، وتخلى المذيعون في عصر توهج الراديو عن عبارة "حسب توقيت المغرب الذي يوافق توقيت غرينتش"، وظلوا يرددون حسب توقيت المغرب الذي يفوق توقيت غرينتش بساعة. كنا آنذاك وفي غياب كلي لما هو متاح الآن من هواتف محمولة وكمبيوترات ووسائل التواصل الاجتماعي نسخر من الواقع المعيش. كنا نقول "صرنا مثل الغرب نطلب العلم في جنح الظلام"، وكان العمال يشتكون خروجهم خصوصا في فصل الشتاء من بيوتهم قبل أذان الفجر، وكان الشباب ملزمين بالاستيقاظ مبكرين ولو لم يكن لهم التزام دراسي أو مهني، بل فقط للتهدئة من روع أخواتهم أو أمهاتهم ومرافقتهن إلى حين التأكد من امتطائهن الحافلة أو سيارة الأجرة دون تعرضهن لمكروه. كان هذا يحدث قبل 33 أو 34 عاما، ومن شدة الامتعاض من "الساعة الزايدة" تخلى عنها المغرب، ولم يعد إليها حتى صيف 2008، وبمبررات اقتصادية جديدة تتمثل في الاقتصاد في فاتورة الطاقة. ربما يخفف ما سيتخذ من قرارات مصاحبة "روتوشات" من مخاوف الأسر المغربية، لكن القرارات التي تتخذ في القطاع العام لن تكون ملزمة للقطاع الخاص، وهنا مربط الفرس.