أجمع المشاركون في مائدة مستديرة على أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنت من مشاركة المواطنين المهمشين، وإدماجهم في دورة اتخاذ القرار واختيار المشاريع وتنفيذها. (كرتوش) وأبرز المشاركون خلال اللقاء، الذي نظمته التنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التابعة لوزارة الداخلية، أمس الثلاثاء بالرباط، حول موضوع "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمشاركة المواطنة"، والذي يندرج في إطار استراتيجية التواصل المؤسساتي للتنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية، أن تنفيذ المبادرة تميز بإدخال مفهوم الحكامة، عبر انخراط مجموع الفاعلين والمؤسسات، التي لا تنتمي بالضرورة لمجال تدخل الدولة، مضيفين أن إدخال مفهوم الحكامة تجلى أيضا في ترجمة التداخل بين السلط والمؤسسات في عمل جماعي، فضلا عن إدماج شبكات الفاعلين المستقلين والجمعويين والتعاونيات، انطلاقا من أن التنمية هي أساس جماعي مشترك. وضم اللقاء فعاليات وشخصيات بارزة، وشكل فضاء للتبادل وتقاسم الأفكار والتجارب ومناقشة نتائج وخلاصات بعض التقارير المنجزة من طرف مؤسسات عمومية أو أبحاث ودراسات قام بها باحثون وأكاديميون حول وقع المبادرة الوطنية في تعزيز قيم المشاركة والمواطنة. واعتبر المشاركون أن المبادرة مكنت، من خلال مبادئها وقيمها ومقاربتها التشاركية التي تضع الإنسان في قلب اهتماماتها وأنشطتها، من خلق دينامية محلية، بتعزيز دور المجتمع المدني في تدبير الشأن المحلي إلى جانب المنتخبين. ويرى نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي، والاجتماعي والبيئي، أن المبادرة الوطنية، التي تقوم على منطق التشارك، ساهمت في تطوير المفاهيم وتحسين المناهج لمحاربة الفقر والإقصاء والهشاشة. وأوضح بركة أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي لم يقم بتقييم تقني لمشاريع المبادرة، بل قام بتحليل لتقارير التقييم المتوفرة حول المبادرة، خصوصا منها المنبثقة عن المرصد الوطني للتنمية البشرية، والمندوبية السامية للتخطيط، والبنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، والتنسيقية الوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأن مفهوم المبادرة الوطنية "مازال يحتفظ بأهميته في السياق السوسيو اقتصادي الحالي"، موضحا أن المبادرة "تمثل، عبر مقاربتها وواقعيتها في معالجة الإقصاء والهشاشة بطريقة منفصلة، تجربة أولى لمقاربة تصاعدية تشاركية وإدماجية، في ارتباط بمسعى لا ممركز في هذا المجال"، وانها خلقت حركية مهمة في المشاركة على المستوى الترابي، بفضل تجنيد عدد من الفعاليات، من جمعيات ومنتخبين وسكان، وسلطات محلية ومصالح خارجية، وممولين وقطاع خاص وجامعات، وبفضل تطور الهندسة الاجتماعية على المستوى الترابي وإضفاء دينامية على القطاع الجمعوي. من جهته، أبرز رشيد بنمختار، رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، أن الدراسات والأبحاث التي أنجزها المرصد حول الفقر والهشاشة والإقصاء، ومتابعة وتقييم تطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتأثيرها على مؤشرات التنمية البشرية، أعطت العديد من النتائج الإيجابية، وكذا بعض النقائص، مبرزا أن من بين النتائج الإيجابية لهذه العمليات، انخراط كبير للمجتمع المدني، بما ساهم في خلق دينامية محلية، كما أدى إلى استبعاد المنتخبين التقليديين. كما تشمل المؤشرات الإيجابية في المجال، كما ذكرها بنمختار، تغيير الدخل في المناطق المستهدفة بنسبة 20 في المائة، مقارنة مع المناطق غير المستهدفة، كما انعكست النتائج الإيجابية للمبادرة على مستوى الاستهلاك بنسبة 30 في المائة. وهمت هذه المؤشرات الإيجابية، حسب بنمختار، كل مؤشرات الفقر بكل أبعادها. وعن المؤشرات السلبية، قال إنها تتجلى في أن المبادرة الوطنية للتنمية لم تمس الفئات الأكثر فقرا، مع عدم تحديد الأحياء المستهدفة بشكل دقيق. وأبرز أن المرصد أنجز بحثا استهدف 61 جماعة محلية، اعتمد من خلاله تقنية الاقتصاد التجريبي، وهي تقنية تعتمد لأول مرة في المغرب، وقال"وجدنا في الجماعات المستهدفة تحسنا جيدا على مستوى المساهمة في الخدمات العمومية، كما لاحظنا عدم رغبة الناس في المخاطرة"، مفيدا أن المرصد أطلق دراسة أخرى ستنتهي سنة 2015، لمعرفة تأثير المبادرة على مختلف الفاعلين والأشخاص، من أجل التأكد من العراقيل التي تصادفها.