تدخل الاحتجاجات التي تشهدها مخيمات الصحراويين في تندوف، جنوب غرب الجزائر، اليوم الجمعة أسبوعها الثاني (خاص) وكانت حركة احتجاج ضد قيادة البوليساريو، انطلقت بسبب تعرض أحد أبناء المخيمات للضرب من قبل عنصر مسلح تابع للميليشيا التي تسيطر على المخيمات، وكان الشاب الصحراوي، قبل الاعتداء عليه بالضرب، علق لافتة تندد بالقمع في المخيمات وإقصاء الشباب الصحراوي، وحصر الامتيازات في دائرة المقربين من محمد عبد العزيز. وتأتي الأحداث في المخيمات في توقيت دقيق، يتزامن مع جولة المبعوث الأممي المكلف بملف الصحراء كريستوفر روس، الذي يسعى لعقد لقاء جديد بين المغرب والبوليساريو، في ظل استثناء جديد، يبعد فيه الأطراف غير المباشرة من مائدة التفاوض، خاصة الجزائر، التي بدأت الأممالمتحدة تعتبرها طرفا يحرض البوليساريو لعرقلة أي تسوية سياسية لمشكل الصحراء. وحسب مصادر "المغربية"، فإن الشاب يتحدر من قبيلة الرقيبات، وآزرته مجموعة أخرى من الشباب الغاضب، نظموا اعتصاما أمام مقر قيادة الجبهة في الرابوني، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع عناصر ميليشيا البوليساريو، أعقبتها صدامات في عدد من المخيمات. وفي تصريح ل "المغربية"، قال عبد العزيز لفقيه، رئيس "منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف"، المعروف اختصارا ب"فورساتين"، إن "العنف، الذي استخدمته البوليساريو خلال الأيام الماضية ضد المتظاهرين الصحراويين، نابع من خوفها من تكرار سيناريو انتفاضة 1988"، مؤكدا أنه بلغ إلى علم محمد عبد العزيز وقياديين آخرين في الجبهة أن حركة الشباب المنتفض تقف وراءها عناصر قيادية أخرى في البوليساريو، لم تعد تطيق التنفيذ الأعمى للقرارات التي تتلقاها الجبهة من السلطات الجزائرية. وأضاف لفقيه أن الاحتجاجات يقودها الشباب الصحراوي ضد القمع والتهميش والتمييز، وتضم نسبة كبيرة من أبناء قبيلة الرقيبات، التي لها امتدادات واسعة داخل المخيمات وداخل جبهة البوليساريو نفسها، ما يذكر بالثورة التي فجرها الصحراويون عام 1988، بقيادة عناصر في الجبهة، كان أبرزها عمر الحضرمي، الذي أعلن انشقاقه عن البوليساريو والتحق بالمغرب. من جهتها، سعت "فورساتين"، في لقاء أول أمس الأربعاء بالرباط، إلى وضع برنامج عمل لملتقيين وطني ودولي حول انتفاضة 1988 بأبعادها السياسية وتداعياتها على قضية الصحراء، ينظمان في الأسابيع المقبلة. ويرتقب أن تحتضن مدينة بركان، في فبراير المقبل، يوما خاصا بأحداث هذه الانتفاضة، التي كشفت حقيقة البوليساريو، كما ستحتضن العاصمة البلجيكية بروكسيل ملتقى مماثلا في مارس المقبل، لتوثيق معاناة سكان المخيمات، والتأريخ لثوراتهم ضد قادة البوليساريو، الذين تحركهم الجزائر، على حد تعبير رئيس منظمة "فورساتين". ويرى مراقبون أن لغة التصعيد التي تنهجها البوليساريو، سواء ضد المغرب أو ضد الصحراويين المنتفضين داخل المخيمات، نابعة من الضغط المتزايد عليها من طرف النظام الجزائري، خاصة بعدما توصل، خلال الشهرين الأخيرين، برسائل تنبيه من طرف الأممالمتحدة، تمثلت في إقرار مجلس الأمن مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب كأرضية ذات مصداقية وجدية لحل سياسي، وهو القرار الذي أيدته توصيات اللجنة الرابعة في أبريل الماضي، وساندته الجمعية العامة للأمم المتحدة في تصويتها الشهر الماضي، ليأتي قرار البيت الأبيض بتخصيص ميزانية لدعم مشاريع استثمارية في الأقاليم الجنوبية في مالية الولاياتالمتحدة لعام 2014، كضربة للنظام الجزائري وصفعة للبوليساريو، وهو تحول يعتبره المحللون بداية لتوجه جديد للمنتظم الدولي في التعامل مع قضية الصحراء، ضمن رؤية شمولية جديدة لمنطقة شمال غرب إفريقيا.