وقعت، أخيرا بآسفي، إدارة الشركة الفلاحية "سافيلاند" المتخصصة في إنتاج وتسويق المنتوجات الفلاحية بآسفي مع الغرفة الفلاحية ونقابة الاتحاد المغربي للشغل بآسفي اتفاقية الشغل الجماعية. بهذه المناسبة، ثمن عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، في مداخلة له، هذا العمل الذي جاء تتويجا لمسلسل المفاوضات المباشرة بين إدارة الشركة، والمكتب النقابي والاتحاد الجهوي للاتحاد المغربي للشغل، في إطار جو ساده التفاهم والتعاون البناء والثقة المتبادلة بما يخدم المصلحة المشتركة لكل من المقاولة والأجراء. وأوضح أن المفاوضة الجماعية، كأقدم أشكال الحوار الاجتماعي، ظهرت مع تطور العلاقات المهنية من علاقة فردية إلى علاقات جماعية نتيجة إقرار الحرية النقابية التمثيل المهني واعتماد الإطار القانوني لإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية ومأسسة نزعات الشغل الجماعية ووضع آليات المصالحة والوساطة والتحكيم بشأنها. وفي طار مواكبة الإرادة الاختيارية لأطراف الإنتاج في اللجوء إلى إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، أكد عبد السلام الصديقي أن وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية تسعى في إطار المهام المنوطة بها إلى تعزيز مجلات التعاون مع المنظمات المهنية للمشغلين والأجراء للنهوض وتقديم مختلف أوجه المساعدة التقنية والقانونية للأطراف أثناء المفاوضات، خاصة في ما يتعلق بالمفاوضات التي تقضي إبرام ما يسمى ب "اتفاقات المقاولات"، وكذلك في ما يخص المفاوضة التي تؤدي إلى إبرام اتفاقية شغل جماعية. وحول التحولات العميقة والمتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي قال الوزير "هذا الواقع يفرض على بلادنا الانخراط الإيجابي وبشكل جماعي في التصدي لتلك الانعكاسات عبر مقاربات سيوسيو-اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار الظروف الصعبة، التي تجتازها المقاولات المغربية والحفاظ على الحقوق المكتسبة للأجراء، ومن ثمة التشبث بإرساء دعائم ثقافة الحوار إما على مستوى المقاولة أو على المستوى القطاعي". وأضاف عبد السلام الصديقي قائلا "إن توقيعكم اليوم لهذه الاتفاقية الجماعية دليل واضح على رغبتكم في دعم الجهود الرامية إلى النهوض بالمفاوضة الجماعية لما له من انعكاسات إيجابية على ضمان وتكرس مفهومي العمل اللائق والمسؤولية الاجتماعية للمقاولة ودعم المقاولة المواطنة، وكذا النقابة المسؤولة والفاعلة وتعزيز الديمقراطية الاجتماعية، التي يتعايش فيها والواجب". وأكد أهمية إبرام اتفاقية الشغل الجماعية، إذ بواسطتها يتم الانتقال من علاقات الشغل الفردية إلى علاقات الشغل الجماعية، التي هي من إنتاج المشغلين ومنظماتهم المهنية والمنظمات النقابية، كما أن هذه الآلية تساهم في استقرار علاقات الشغل وضمان مناخ اجتماعي هادئ وسليم، والرفع من الإنتاجية وتنافسية المقاولة والترقية الاجتماعية للأجراء وتحفيزهم دورهم في الدورة الإنتاجية، كما أنها تسهل التواصل والتعاون والالتقائية بين أطراف العلاقة الشغلية داخل الوحدات الإنتاجية، وتشكل إطارا ملائما لبناء الشراكة والثقة المتبادلة. وأوضح الوزير أن هذه الاتفاقية ستشكل لبنة إضافية في مجال تعزيز الحقوق المكتسبة، سيما أن مجال تطبيقها يهم القطاع الفلاحي، الذي توليه الحكومة عناية خاصة، في إطار برنامج المخطط الأخضر الذي جاء ليساهم في تحقيق التنمية الفلاحية في بعديها الاقتصادي والاجتماعي، ليؤكد بالفعل مستوى النضج لدى الأطراف المتفاوضة، الذي يعكسه غنى ومضامين المجالات التي تشملها من قبيل ممارسة الحرية النقابية، التمثيل المهني، تدبير نزاعات الشغل الفردية والجماعية،التصنيف المهني، شروط التشغيل، وفترة التجربة، والسر المهني، وتنظيم العمل، ومدة العمل، والغيابات والعطل ورخص التغيب، وحماية الأمومة، وتأهيل العنصر البشري، والأجور ومختلف التعويضات، والحماية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية. وقبل ذلك، أفاد عبد الله بندهيبة، والي جهة دكالة عبدة، أن قطاع الفلاحة يعتبر من أهم القطاعات المنتجة والمشغلة على الصعيد الوطني والجهوي والإقليمي، منوها بالمجهود الكبير الذي بذله الشركاء من مشغلين ونقابة وغرفة جهوية للفلاحة لإخراج هذه الاتفاقية إلى حيز الوجود والوصول إلى هذه النتيجة المهمة في ميدان التشغيل، التي تعتبر ثاني اتفاقية جماعية في القطاع الفلاحي والثانية والأربعين على المستوى الوطني. وأوضح بنذهيبة أن الاتفاقية تروم إلى تنظيم العلاقات بين مكونات الإنتاج، ما سيساهم في إقرار سلم اجتماعي، ما أحوج البلد إليه في هذه الظرفية الاقتصادية، وهي الاتفاقية التي من شأنها الرقي بوضعية الأجيرات والأجراء وتطوير القدرة التنافسية للمقاولات العاملة بالقطاع الفلاحي. وشدد على أن التوقيع على هذه الاتفاقية يوضح بجلاء الثقافة الجديدة التي أصبحت تسود مكونات نسيجنا الاقتصادي وتسعى إلى توفير مناخ اجتماعي سليم بعيد كل البعد على أي تشنج، ومن شأنه التحفيز على الاستثمار وخلق ثقافة جديدة هي ثقافة الحوار والتشاور بين نقابة مواطنة ومؤسسة مستثمرة. واعتبر ذلك أسلوبا راقيا لحل المشاكل، ومضيفا أن إنجاز اليوم مستلهم من التوجيهات الملكية السامية للملك محمد السادس، الذي مافتئ يؤكد على أهمية التشاور والتحاور المستمر بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين بهدف الوصول إلى شراكة حقيقية وسلم اجتماعي خدمة لاقتصاد البلاد. من جانبه، أكد الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أهمية السياسة التعاقدية بالمغرب، من خلال الاتفاقيات الجماعية، موضحا أن توقيع اتفاقية الشغل الجماعية بقطاع الفلاحة بمدينة آسفي يعتبر بحق لحظة تاريخية ومناسبة تستحق التنويه والاهتمام. وحول الأهداف المرجوة وراء هذه الاتفاقية قال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل هو التأسيس لبديه متينة من الحوار الهادف والبناء المبني على ثقافة جديدة إنها الشراكة الاجتماعية، وأضاف الميلودي المخارق أنه لم يكن ليكتب لهذه الاتقافية أن ترى النور لولا الإرادة الحقيقية التي تتحلى بها شركة "سافي لاند" والاتحاد المغربي للشغل بآسفي، اللتان أبانتا عن صدق في النوايا وشجاعة في اتخاذ القرار لإخراج هذه الاتفاقية إلى الوجود، قصد تدليل العقبات وفتح آفاق جديدة لخلق جو من الثقة والمساهمة في الإنتاج والجودة المطلوبين لخوض المنافسة في الأسواق العالمية. واعتبر فولخوسيو فاسكيس، المدير العام للشركة الفلاحية، "سافي لاند"عن ارتياحه لما تم اليوم من توقيع على الاتفاقية الجماعية، التي تبرز حسب المتحدث العمل الجاد لشركته في المغرب، والتي تعمل في إطار احترام تام للقوانين الجاري بها العمل في ميدان الشغل، وهي الشركة التي تأسست بإقليم آسفي، منذ سنة 2006، وهي شركة متخصصة في إنتاج وتصدير المواد والمنتوجات الفلاحية بطاقة تشغيل تصل إلى 1300 عاملة وعامل تمثل منهم النساء نسبة 70 في المائة، إضافة إلى أن 60 في المائة من الأطر العاملة بالشركة هن نساء كذلك. وفي ما يخص منتوجات الشركة الفلاحية، التي تنتج بتقنية عالية جدا فهي تعتبر، يوضح مديرها العام، ذات جودة عالية يكثر عليها الإقبال في مختلف دول أوروبا كألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وبالعديد من الدول، مضيفا أن المسؤولين بشركة سافي لاند واعون بمشاكل القطاع سواء في ما يتعلق بالأحوال الجوية أو تحولات سوق الأجور أو الظروف الاقتصادية العالمية. وأكد أن العاملين بالشركة يشتغلون، في إطار فريق متكامل ومنسجم يقوم فيه كل فرد بواجبه للمساهمة في التنمية الاقتصادية لآسفي والجهة. وأوضح أن جو الاستقرار السياسي للمملكة، وكذا فعالية الإدارة المغربية يغري العديد من المستثمرين الإسبان، خاصة من منطقة الأندلس للاستثمار في المغرب، ومضيفا أنه في كل مناسبة تجمعه بنظرائه بالأندلس، خلال الملتقيات الاقتصادية يغتنم الفرصة لحثهم على الاستثمار بالمغرب لما يوفره البلد من ظروف جيدة للاستثمار. من جانبه قال الحاج العماري، الكاتب الإقليمي للاتحاد المغربي للشغل، إن إطاره النقابي يراهن على أهمية الاتفاقية الجماعية لما تضمنه من مزايا سوسيو اقتصادية ونفسية للمساهمة في مواكبة رهانات الدولة القاضية بتأهيل المقاولة الوطنية بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام، التي تنبني أساسا على الاهتمام بالعنصر البشري، في إطار تثمين العلاقات المهنية و تطويرها، تمشيا مع الطموحات العمالية من أجل الرقي بالمؤسسة في أبعادها التنافسية والإنتاجية. وأشار إلى المساهمة، التي لعبها الاتحاد منذ فجر الاستقلال في إطراء الفكر التعاقدي بالمغرب، من خلال ارتباطها بعدة اتفاقيات جماعية بمختلف القطاعات الإنتاجية بالمغرب، إيمانا منها بالرفع من المستوى في ازدهار الاقتصاد الوطني بروح من المسؤولية و المواطنة الصادقة والشراكة الحقيقية بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين لضمان السلم الاجتماعي المنشود. وهذه القناعة يقول العماري "مكنت بالفعل كافة القطاعات التي انخرطت في بلورة هده الآلية من تطوير أسلوبها الإنتاجي والتكنولوجي والمستوى المعيشي لإجرائها الدين يعتبرون جزءا لا يتجزأ من ميكانيزماتها المنتجة الفاعلة. وللتذكير، فالاتفاقية الجماعية تحمل مجموعة من الأبواب والبنود لعلاقات عمل واضحة وشفافة بين هذه الشركة والعاملين بها، وتضمن حقوق العمال المبنية على الاحترام المتبادل، كما تضم الاتفاقية مجموعة من الالتزامات من جانب رب العمل ترتبط بحقوق العمال النقابية لتحقيق مجموعة من المطالب كتحديد أوقات العمل وورقة الأجرة والعطل السنوية والمرتبطة بالأعياد والمناسبات الدينية والوطنية، فيما تحدد الاتفاقية دور النقابة في التدخل لحل النزاعات وفضها بالطرق الحبية، التي تحافظ من جهة على حقوق العاملات والعمال، ومن جهة ثانية على واجباتهم اتجاه المقاولة.