نظمت وزارة التشغيل والتكوين المهني، يوم الثلاثاء الماضي، ندوة حول الاتفاقيات الجماعية بين أطراف الشغل استدعي لها ممثلون عن المنظمات المهنية والمركزيات النقابية وأعضاء مجلس المفاوضة الجماعية وممثلو بعض المقاولات وأساتذة باحثون ومهتمون بعالم الشغل. وتمحور جدول أعمال هذه الندوة حول تجربة المغرب في مجال المفاوضة الجماعية والاتفاقيات الجماعية في القطاعين الصناعي والفلاحي وكذا آفاق المفاوضة الجماعية. ويدخل هذا اليوم الدراسي، حسب المنظمين، في إطار الجهود المبذولة لتفعيل آليات الحوار والمفاوضة الجماعية وتحسيس الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين بأهمية تطوير العلاقات المهنية، وتشجيع إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية. كما يدخل في سياق البحث عن السبل الكفيلة بالنهوض بالقانون التعاقدي الذي تعتبر اتفاقيات الشغل الجماعية إحدى أبرز تجلياته. وتلتقي كل أطراف الحوار الاجتماعي، من مركزيات نقابية وممثلي الاتحاد العام لمقاولات المغرب وحكومة، في جل خطاباتها، على ضرورة تطوير ثقافة الاتفاقيات الجماعية. إلا أن ذلك لا يترجم على أرض الواقع سوى في حدود دنيا. وتعزى قلة إبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، حسب وزير التشغيل والتكوين المهني، جمال أغماني، إلى جملة من الأسباب لخصها في شيوع ثقافة بروتوكولات الاتفاق، ومحدودية المبادرة بين المكونات النقابية وأرباب العمل لفتح مفاوضات جماعية على الصعيد المحلي والجهوي والقطاعي، وكذا محدودية الوعي في بعض الأحيان بأهمية القانون التعاقدي كآلية لتدبير العلاقات المهنية وإرساء السلم الاجتماعي داخل الوحدات الإنتاجية. فالاتفاقيات الجماعية تكمن أهميتها، حسب الوزير، في كونها تعد حافزا للإنتاج ودافعا لانخراط الجميع في تعزيز تنافسية المقاولة، كما أنها تتسم بالمرونة في إعدادها وبالطابع الإرادي بين طرفيها ومشاركة الجميع في صياغتها. واعتبر أغماني في كلمته خلال اليوم الدراسي، أن اتفاقية الشغل الجماعية باعتبارها خلاصة اجتهاد مشترك بين طرفي الإنتاج تروم مسايرة التحولات التي يعرفها عالم الشغل لتحقيق التوازن المطلوب بين المصالح الاجتماعية والضرورات الاقتصادية، معتبرا أن هذه الاتفاقيات يجب ألا تقتصر على عنصر تحسين الدخل رغم أهميته، بل يتعين أن تشمل ظروف وشروط وعلاقات العمل، ووضع الضوابط الكفيلة بحماية بيئة العمل، وكذا توفير فرص الشغل والحفاظ على كل الفرص المتاحة ورفع كفاءة الإنتاجية من جهة، وتعامل الأجراء وممثليهم مع المقاولة بمنطق الشريك المعني مباشرة بتقوية تنافسيتها والرفع من مردوديتها من جهة ثانية. وأبرز أن المدخل الأساسي لتحقيق هذا التوجه هو تمتين العلاقات بين طرفي الإنتاج بإعمال آليات المفاوضة الجماعية على أساس المصالح المشتركة والدائمة التي تجمعهما. وانطلاقا من أهمية المفاوضة الجماعية كآلية للحوار ووقعها الإيجابي على تنظيم علاقات الشغل الجماعية، بادر المغرب إلى المصادقة على العديد من اتفاقيات الشغل الدولية ذات الصلة بالموضوع. ورغم أن المشرع المغربي سعى إلى إعطاء دفعة قوية لتطوير القانون التعاقدي عبر وضع ترسانة قانونية مواكبة وإطار مؤسساتي للمفاوضة الجماعية والإقرار بوجود تعددية نقابية وبدورها التأطيري والتشاركي، إلا أن الممارسة العملية أثبتت أن اللجوء إليها لا يتم إلا بمناسبة نشوب نزاعات الشغل الجماعية، كما لاحظ أغماني. يذكر أن عدد اتفاقيات الشغل الجماعية التي تم إبرامها حتى الآن لا يتجاوز 40 اتفاقية، تسعة منها أبرمت بعد صدور مدونة الشغل، وأربعة منها أبرمت ما بين سنتي 2010/2009. وفي هذا الصدد كشف أغماني أن الوزارة تواكب حاليا ممثلي الأجراء والمشغلين من الناحية الفنية لتوفير شروط إبرام ست اتفاقيات جماعية للشغل بمجموعة من المقاولات والقطاعات.