صوتت فرق الأغلبية على قانون المالية لسنة 2014 بمجموع 186 صوتا مقابل 59 صوتا للمعارضة، خلال القراءة الثانية للمشروع، بعد رفضه من طرف مجلس المستشارين. وبعد أن تمكنت فرق الأغلبية من تمرير قانون المالية، علمت "المغربية" أن فرق المعارضة بمجلس النواب وضعت، أمس الخميس، طعنا على قانون المالية لدى المجلس الدستوري، إذ تعتبر أن مقتضيات القانون غير دستورية، وأنها جاءت مخالفة لمبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، الذي يعتبر من أقوى المبادئ الدستورية في دستور 2011. وبذلك ينتقل صراع الأغلبية والمعارضة على مقتضيات قانون المالية إلى المجلس الدستوري، الذي طلبت منه المعارضة رأيه بخصوص مبادرة الحكومة المتعلقة بإبراء ذمة المغاربة المخالفين لقوانين مكتب الصرف والمؤسسات المالية المشابهة. من الجانب الحكومي، قال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، في تصريح ل"المغربية"، إن "الحكومة سعت إلى الانفتاح على البرلمان بمجلسيه، النواب والمستشارين، وتعاملت بإيجابية وبإنصات أثناء المناقشة"، مبرزا أن الحكومة أخذت بعين الاعتبار كل "التعديلات المهمة التي تقدم بها أعضاء مجلس النواب والمستشارين لإغناء القانون". في السياق ذاته، قال عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، إن قانون المالية جاء متكاملا، ويتضمن إجراءات عملية، تجيب عن الأسئلة المتعلقة بالاستثمار والقطاعات الاجتماعية، مبرزا أن الميزانية ستشهد ضخا لأموال مهمة عبر تصويت البرلمان على تعديل المساهمة الإبرائية للممتلكات والعقارات للمغاربة الموجودين بالخارج. بالمقابل، انتقدت ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في تصريح ل "المغربية"، قانون المالية، وقالت إن "الحكومة عادت، مستندة إلى أغلبيتها العددية، لتزكي الريع الاقتصادي، ولتتراجع عن إقرار الإذن البرلماني للحكومة في مادة الاقتراض"، مضيفة أن "الحكومة غير قادرة على إبداع الحلول للرقي باقتصادنا الوطني إلى ما هو أحسن، ولا تتوفر على أجوبة حقيقية للرفع من الدينامية الاقتصادية والاجتماعية، ولا على تدابير اقتصادية ومالية بديلة، قوامها البناء على أسس متينة وصلبة، لمواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، ومواجهة التحديات والرهانات الوطنية". واعتبرت حازب أن "الحكومة لم تتدارك إدخال بعض الاقتراحات والتعديلات التي لم تكن واعية بجدواها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية، خلال القراءة الأولى للمشروع، من أجل تجويد المشروع وتعزيزه بإجراءات وتدابير مالية أكثر نجاعة وفعالية"، مشيرة إلى أن المشروع يفتقد خطة طريق واضحة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ودون آفاق تنموية واعدة. ودعت الحكومة إلى مباشرة الإصلاحات الجوهرية، من قبيل انتظام الاستراتيجيات القطاعية، ضمن تصور استراتيجي متكامل، وتجاوز ضعف الإنتاجية العامة لعوامل الإنتاج بسبب الإكراهات المرتبطة بمناخ الأعمال، وتوجيه موارد العمل ورأس المال للمنتوجات القابلة للتداول، ومعالجة الخلل الموجود في الاقتصاد الوطني، خاصة في الجانب المتعلق بتقوية تنافسية المنتوجات الوطنية. وقالت إن "هاجس الحكومة أصبح هو البحث عن الموارد بجميع الوسائل وكل الطرق، بما في ذلك إعفاء الأشخاص الذاتيين والمعنويين، الذين ارتكبوا مخالفات في حق اقتصاد هذا البلد، وعدم ملاحقتهم قانونيا وإداريا، إذا امتثلوا لقرار المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات بالخارج". وأضافت أن "الحكومة، التي كنا ننتظر منها أن تفتح ورش الفساد والقضاء عليه، وجدناها تدعمه وتزكيه، بل والاستفادة من عائداته للتخفيف من عجز الميزانية، الذي لم تنجح المخططات الاقتصادية للحكومة في التقليص منه". ويعتبر التصويت على تعديل إبراء الذمة المالية بالنسبة للمخالفين لقوانين مكتب الصرف، والعمل بالنظام الإلكتروني لأداء الضرائب، وفرض الضريبة على الشركات الفلاحية، من أهم التعديلات التي أدخلت على قانون المالية في قراءته الثانية بمجلس النواب.