في مرحلة معينة من العمر، حتى لو لم تكن متقدمة كثيرا، تجد المرأة نفسها وقد أصبحت جدة. شعور غريب ينتابها ويتأرجح بين الفرحة بأنه أصبح لديها أحفاد، وبين أن وظيفتها في الحياة ستتحول إلى جليسة لهؤلاء الأحفاد، أو تلك المربية التي يعول عليها الزوجان في رعاية أطفالهما دون قلق عليهم، على أساس أن الجدة لن تتوانى في إحاطة أحفادها بكل الحب والحنان والانتباه اللازم. لكن هل كل "الجدات" مستعدات لهذه الوظيفة الجديدة في الحياة؟ وهل كل الجدات يرغبن في ذلك؟ على اعتبار أن "ابن الابن أعز من الابن". وهل لهن الوقت الكافي، أو الاستعداد النفسي للقيام بذلك؟... تقول فاطمة، التي منيت بأول حفيد، وهي في سن الرابعة والخمسين من عمرها، "فرحة لا توصف حين استقبلت أسرتنا أول حفيدها، منذ البداية قررت أن أكون حاضنته ومربيته، عند استئناف ابنتي (الأم) عملها بعد انقضاء إجازة الولادة... وهكذا كان. لن أترك حفيدي لمربية غريبة، لأنني أعلم جيدا أنها لن تهتم به جيدا". فاطمة تشعر بسعادة بالغة وهي تهتم بحفيدها، وتعتبر أنه لا مشكل لديها طالما أنها لا تشتغل خارج البيت، بل إنه يعوضها غياب الأبناء الذين غادروا البيت إما لمتابعة دراستهم في مدن أخرى، أو للاستقلال بذواتهم. وتضيف "الأمر ليس متعبا، كما يعتقد البعض، بل على العكس إنه مسل، خاصة في الشهور الأولى، التي يقضيها الرضيع في النوم. وتحكي ثورية، التي اضطرت إلى الاستعانة هي الأخرى بوالدتها، من أجل رعاية رضيعها، رغم أن الحالة الصحية لهذه الجدة لا تسمح لها بالاعتناء بشكل مطلق بحفيدها، "الأمر جد صعب، ففي مدة سنة غيرت ثلاث مربيات، لأنه في كل مرة أصادف مشاكل من نوع مختلف.. لم أعد أثق بهن، لذا مضطرة أن ألجأ إلى والدتي التي وإن كانت غير قادرة على ذلك، رحبت بحفيدها، ووعدتني بإيلائه العناية اللازمة". قليلات هن الأمهات (التي جرى الاستماع إليهن في هذا الموضوع) منهن من عبرن عن امتعاضهن من هذا "الواجب" الذي ما زال يلاحقهن، فعائشة مثلا، ترى أن ابنتها تبالغ في ترك أطفالها عندها، حتى لو كان لأسباب تافهة وغير مهمة كالخروج إلى العمل، ورغم حبها لأحفادها، واعتزازها بأنها جدتهم، إلا أنها تعتبر أنا ابنتها لا تراعي مشاعرها، ولا تحترم بعض الأوقات التي ترغب فيها بالراحة، ما قد يتسبب في وضع سلبي يؤثر على العلاقة بين الاثنتين، "في الحقيقة، أنا لا أمانع من تقديم المساعدة لابنتي، ورعاية أطفالها الذين هم ليسوا إلا أحفادي وفلذات كبدي، لكن أعتقد أنه لا يجب المبالغة في ذلك، وألا تنسى ابنتي أن لي حياة خاصة، بشرط أن يكون هناك ما يستدعي ذلك من الناحية الواقعية، وأن تكون هناك، فعلا، وضع طارئ يستدعي تقديم هذه المساعدة". إنها مهمة تقع على عاتق العديد من الجدات، اللواتي يجد بعضهن في أن الأمر يملأ حياتهن بهجة وحيوية، مرة أخرى، وبعضهن يجدن فيه مواصلة لواجبهن تجاه الأبناء، وهم يخوضون غمار حياتهم الجديدة، وبعضهن يرين أنه استغلال لطيبة الأم وحنانها المتدفق.