في الحلقة الماضية الحب ... " حاجة فطرية ... وضرورة تربوية " التربية بالحب ... لماذا ؟ فلنتعلم "التربية بالحب" .. من رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تُعَلِّم أبناءك " الحب " ؟ عَلِّم أبناءك .. الحُبَّ والآن ... كيف تربي أبنائك على الحب؟؟ ... تعال معي في رحلة عبر هذه الوسائل لتحقيق ذلك .... إنها "30 طريقة لتعليم أبناءك .. الحُبَّ .... والرومانسية" ... فلنبدأ .. 1. أَسْمِعْ أبنائك "كلمات الحب" .. دائماً ما عدد كلمات الحب التي تقولها لأبنائك؟ ... وما هي الكلمات الرومانسية التي تسمعهم إياها؟ .... تقول الدراسات الحديثة أن الطفل من أول وعيه إلى سن المراهقة يسمع مالا يقل عن ستة عشر ألف كلمة سلبية ... بينما لا يسمع إلاّ بضع مئات من الكلمات الإيجابية ... فكم منها من كلمات الحب؟ إن كلماتنا تعمل في نفوس الأبناء عمل ريشة الرسام ... ترسم شخصيته .. فتتقنها وتلونها وتحسنها ... أو تشوهها وتمسخها وتحط من قدرها ... إذا أردت أن تربي أبناءك بالحب .. وعلى الحب ... فانتق الكلمات التي يسمعونها منك ... وأكثر من كلمات الحب والعبارات الرومانسية لهم ... لا ينبغي أن يمر يوم حتى يسمع كل واحد من أبنائك – ولو مرة واحدة منك – أنك تحبه جداً، وربما أكثر من نفسك. 2. استمع لأبنائك بحب حين تتحدث إلى أحدهم وهو لا ينظر إليك ... وينشغل في شيء آخر ... ما هي مشاعرك؟ هذه هي عين مشاعر طفلك حين يتحدث إليك وأنت تتشاغل عنه بأي شيء ... إنك ترسل إليه رسائل سلبية عديدة من خلال هذا التصرف الخاطئ ... حين يتحدث إليك أبناؤك ... فرغ لهم بعض الوقت ... أعطهم كل تركيزك للحظات ... انظر في عينيه وهو يحدثك ... واعلم أن انتباهك الفوري الواضح لطفلك حين يحدثك إيداع جديد مضاف لرصيدك في "بنك الحب" لديه. 3. تحاور مع أبنائك حوار المحبين هل رأيت يوماً متحابين يتحاوران؟ ... هل لاحظت كلماتهما التي تفوح بالود مهما اختلفت آراءهما؟ ... هل لمحت نظرات الحب في عيونهما وهما ينظران لبعضهما؟ ... هل رأيت كيف يتنازل كل منهما بعض الشيء ليقترب من رأي حبيبه؟ ... هل تحاور أبناءك هكذا؟ ... أم تحاورهم حوار الحاكم للمحكوم .. أو حوار المعلم للتلميذ؟ .. أو حوار الشرطي للمذنب؟ ... أو حوار من يتلمس السقطات وينتقي العثرات ؟ ... هل يرتفع صوتكما أثناء الحوار ويحاول كل منكما قهر الآخر على رأيه؟ .. ليس هذا حوار المحبين. حاور أبناءك في مودة ورحمة ... استمع إليهم حتى النهاية .. لا تقاطع أبداً ... احترم آراءهم وأخبرهم بذلك ... تنازل قليلاً عن رأيك وتقبل آراءهم ... إن الذي يريد تربية أبنائه على الحب ... يعلمهم ذلك من خلال الحوار. 4. احرص على "نظرة الحب" .. ووزعها على الجميع كلما رأيت طفلك ... اجعل عينيك في عينيه ... وابتسم ابتسامة خفيفة ... وقل له (أحبك يا فلان) .. هذه النظرة المحبة الصادقة لها مفعول السحر في بناء شخصية طفلك على الحب، وتعليمه الرومانسية الحقيقية ... إن ذلك ينمي الحب بينك وبينه .... وهذه النظرة والمشاعر الحقيقية أيضا تحمي ابنك أو ابنتك من الوقوع في حبائل من ينصب فخ الحب الزائف ليصطاد به قلوباً لم تجرب الحب يوماً ... تُرى .. لم تنجرف البنت لشاب يسمعها كلمات الغزل ويمطرها بنظرات الإعجاب؟ ... لأنها لم تجرب يوماً أن تسمع من أمها أو أبيها مثل هذه الكلمات، أو ترى في أعينهم مثل هذه النظرات المحبة البريئة ... حصن أبناءك بنظرات الحب الصادقة. 5. تقبل عيوب أبنائك .. واصبر على تغييرها ابني عنيد ... ابنتي أنانية .. ابني يضرب أخوته .. ابنتي لا تصلي ... ابني بطئ الفهم .. ابنتي متعبة ... لا يكف الوالدان عن الشكوى الدائمة من عيوب في شخصيات أبناءهم أو تصرفاتهم ... والأخطر من ذلك أنهم يقولون هذا لأبنائهم على أنه حقيقة فيرسخون العيب في نفوس الأبناء ... أو قد يشكونهم للآخرين على مسمع منهم فيدفعون الطفل للعناد وتقمص العيب أكثر وأكثر ... ليست هذه طريقة من يربي أبناءه بالحب .. وعلى الحب ... إذا أردت أن تكون كذلك تقبل عيوب أبناءك .. ضع خطة لإصلاحها .. انصحهم بينك وبينهم .. اتفق معهم على خطوات للعلاج .. اصبر على العلاج الطويل الصعب ... قال تعالى: "وأمر أهلك بالصلاة .. واصطبر عليها" ... إن فعلت فإنك تعلم أبناءك الحب .. بطريقة عملية. 6. اجعل حبك مطلقاً .. وحقيقياً إن حبك لأبنائك يجب ألا يكون مشروطاً بأي شرط .... بل مطلق .. حقيقي .. لا تقل: "أنا أحبك لأنك متفوق" ... أبداً لا تقل: "لن أحبك إذا فعلت كذا" ... احذر أن تزعزع أمانهم النفسي الذي يستمدونه من خلال شعورهم بمحبتك لهم وتقديرك لذواتهم ... مهما كانت الظروف والنتائج ... إن حبك لأبنائك ليس هدية أو مكافأة على أعمالهم ... يجب أن تحبهم فقط "لأنهم أبناؤك" ... وعليك أن تشعرهم بذلك ... إن من يربي على الحب .. وبالحب ... لا يستعمل إلا نوعاً أصيلاً من الحب .. هو الحب الحقيقي ... والعطاء الدائم هو طريق الحب الحقيقي. تعال معي نقرأ ما كتبه تحت عنوان (التربية بالحب) الدكتور "ميسرة طاهر" وهو يحدثنا عن الحب الحقيقي فيقول: " الحب نوعان: الحب الحقيقي ... والحب النرجسي .. وحب الوالدين لأبنائهم هو من النوع الأول ... من الحب (الحب الحقيقي) ... الحب الذي لا تبغي الأم من ورائه مردود أو نتيجة ... إنما هو حبٌ مغروس في أصل خلقتها ... إنه حبٌ فطري جُبل عليه الأب .. وغرس في قلب الأم ... وإن كان هذا الحب قد يفسد بسبب التربية غير السليمة للأم أو الأب ... فيتحول إلى ما يمكن تسميته بالحب النرجسي ... وهو حبٌ أناني ... حبٌ للذات وليس للآخر .. حبٌ يعتمد على الأخذ فيحيل صاحبه إلى فردٍ ذو شخصية أنانية تبتلع ما يحيط بها ... إن من كانت شخصيته ذو حبٍ نرجسي فإنه يريد أن يبتلع كل ما حوله ليصب في ذاته .... شخصية من هذا القبيل تحب غيرها .. نعم ... ولكن طالما أن الغير يحقق لها ما تريد ويشبع حاجاتها ورغباتها ... فيعظمها ويبجلها ويعطيها ... وحين يتوقف الآخر عن العطاء- ولو كان توقفاً بسيطاً - أو يقصر ولو قليلاً ... يتوقف الحب مباشرةً . و كِلا النوعين من الحب النرجسي والحقيقي فيهما عطاء ... ولكن الحب الحقيقي عطاءٌ دائم ومستمر هدفه مصلحة المحبوب ... تماماً كما تفعل الأم مع طفلها .... وفي الثاني أيضاً عطاء ولكنه عطاٌء مشروط بجملة من الشروط ، حبٌ فيه يتوقف المحب عن العطاء بمجرد توقف المحبوب عن الرد. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كانت امرأتان معهما ابناهما ، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما ، فقالت صاحبتها إنما ذهب بابنكِ .. وقالت الأخرى إنما ذهب بابنكِ أنتِ ... فتحاكمتا إلى داوود عليه السلام فقضى به للكبرى ... فخرجتا على سليمان بن داوود عليهما السلام فاخبرتاه ... فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما ... فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله .. هو ابنها ... فقضى به للصغرى" (رواه البخاري) لقد رضيت الأم الحقيقية وهي الصغرى أن يؤخذ ابنها منها طالما أنه سيبقى حيّاً سليماً .. وذلك من شدة حبها لها وخوفها عليه ولو أدى ذلك الإبعاد إلى حزنها الشديد ... لقد ضحت هذه الأم بوجود ابنها معها في سبيل مصلحته وبقائه على قيد الحياة ، وهذا بالطبع ما تريده كل أم ." اجعل حبك لأبنائك .. "حباً حقيقياً" .. بالعطاء الدائم .. دون شروط ... 7. شاركهم الطعام ... وتبادل معهم "لقمة الحب" اجمع أسرتك على الطعام ... واحذر أن تضع التلفاز في مكان الطعام ... استثمر وقت الطعام لتنمية الحب والتفاهم بينك وبين أبنائك ... احرص أن يحدث بين أفراد الأسرة نوع من التفاعل وتبادل وجهات النظر أثناء الطعام ... احك لهم بعض ما مر بك خلال اليوم، واسمع لبعض تجاربهم اليومية ... احك لهم بعض الحكايات من التاريخ والسيرة ... وتجنب الوعظ المباشر ... استمع لمشاعرهم وانفعالاتهم تجاه الأحداث ... علمهم أن يستمعوا بقلوبهم. ضع لقمة أو أكثر في فم أبنائك الصغار ... إنك ترسل إليهم رسائل حب بهذا العمل ... لاحظ أن الأطفال الكبار والمراهقين قد يعتبروا أن هذا الأمر غير مقبول ... فإذا أبى الابن أن تضع اللقمة في فمه فلتضعها في ملعقته أو في صحنه أمامه ... أعطه من الطعام ما تعلم أنه يحبه ويفضله ...انظر إليه نظرة حب مع ابتسامة وكلمة جميلة ... إنه تدريب عملي على الرومانسية والحب. 8. افصل بين ابنك .. وسلوكه الذي تكرهه أخطأ الطفل ... ولعب بالسكين .. فجرح يده وسال الدم وأحس بالألم ... فصرخ .. أقبلت الأم مذعورة .. وما أن رأت المنظر حتى تجهمت وصرخت في وجهه غاضبة .. وربما ضربته .. ليس هذا تصرف من يربي بالحب ... وعلى الحب ... لا تخلط أبداً بين تصرف ابنك الخاطئ .. وبين ذاته ... حين يخطئ ابنك ويشعر بخطئه فاستثمر الموقف في تعليمه الحب .. خذه في حضنك في حنان، وهدئ من روعه، وأشعره بالأمان ... فهو ابنك الحبيب رغم خطئه ... ولا ملاذ له سواك لاسيما حين يقع في ورطة ... يمكنك أن تنصح وتوجه .. بل وقد تعاتب وتعاقب ... لكن بعد أن يلف الموقف حب وحنان وأمان. 9. أكثر من اللمسات السحرية ... "لمسة الحب" كم لمسة حانية تتعمد أن يحصل عليها ابنك يومياً ؟ ... كم مرة تمسح على رأس ابنتك بحنان؟ .. كم مرة تأخذ بيد طفلك في حب وأنت تسير في الشارع؟ لقد أثبتت الدراسات النفسية الحديثة أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات ... إنها لمسة الحب والحنان والعطف. لا تحدث ابنك أو ابنتك عن بعد ... أجلسهم بجانبك .. انظر في عيونهم .. أمسك يدهم في حنان وعطف .. امسح على شعورهم في أبوة .. ضع رأس ابنك على كتفك ليحس بالقرب والأمن والرحمة .. اربت على كتف ابنتك .. ضع ذراعها في ذراعك وأنتم تتنزهون ... إنك تقول لهم بهذه اللمسات الحانية أنك معهم .. تحبهم وتحب قربهم .. وهم في أمان ... إنها لمسات من يربي بالحب ... وعلى الحب. 10. تفهم آراء أبنائك .. وقدرهم .. واحترم خصوصيتهم لماذا لا نتفهم آراء أبنائنا؟ ... لماذا نحاول فرض آرائنا عليهم؟ ... لماذا لا نسهل على أنفسنا عناء الصراع ... ونقدر ونحترم آراءهم ... ونتفهم وجهات نظرهم ؟ لماذا لا نكف عن محاولة صياغة أبنائنا كما نريد ونجعلهم نسخاً منا ؟ ... لم لا نحترم خصوصية ذواتهم؟ إن كلماتك التي تشعر أبنك باحترامه، وتُعلي من قيمته ... فيتقبل كل ما تنصحه به في سعادة وبهجة، وينفذ كثيراً مما تريد في رضاً وسرور ... إنه التأثير الساحر للاحترام والتقدير. ابدأ بذكر المحاسن والمآثر أولاً ... امدح الأفعال الإيجابية ثم قدم النصح بعد ذلك .... فأسلوب المدح يفتح الأبواب في ثقة نحو التوجيه العملي ... وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عمر في قوله: " نعم الرجل عبد الله بن عمر ... لو كان يصلي من الليل" (متفق عليه عن ابن عمر). إن الذي يربي أبناءه على الحب .. وبالحب .. يحترمهم، ويقدرهم، ويتفهم آراءهم في حب. 11. اجعل وقت النوم .. مسرحاً لمشاعر الحب كل يوم ... قبل أن يخلد ابنك إلى النوم .. فيندس في سريره .. اجلس بجانبه ... قبله في حب ... شد عليه غطاءه .. لقنه دعاء النوم ... قل له أنك تحبه وستشتاق إليه حتى تراه في الصباح ... اعتذر له عن أي إساءة أو حدث سيء ... وجدد وعودك الصادقة له بكل خير. ماذا ستكون النتيجة إن فعلت ذلك؟ ... ثمار لا حصر لها من الحب والعاطفة والرومانسية ... ودرس عملي في الحياة بحب .. و سيترسخ هذا المشهد في عقله وعندما يصحو من الغد سيتذكر أن أباه أتاه بالأمس وفعل وفعل ... إنك تقرب المسافة بينك وبينه. حين نود أن نربي أبناءنا على الحب .. وبالحب .. يجب أن نكون قريبين منهم طوال الوقت – لاسيما قبل نومهم - بأجسادنا وقلوبنا. 12. تحاسب مع أبنائك حساب المحبين .. لا انتقامًا أو انتصارًا لأنفسنا من يربي ... لابد له أن يحاسب .. ويناقش .. ويكافئ أو يعاقب. لكن من يربي على الحب .. وبالحب .. يحاسب حساب المحبين .. في ود وشفقة ونصح حقيقي ... ويكافئ في فرح .. ولكنه يعاقب مضطراً في شفقة واضحة .. لا انتقاماً وانتصاراً للنفس. هل قرأت يوماً حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يروي كيف تخلف في غزوة تبوك؟ .. انظر إلى عتاب رسول الله صلى عليه وسلم لصاحبه الذي يحبه .. ويربيه بالحب وعلى الحب ... قال: "فلما أقبلت عليه تَبَسَّمَ تَبَسُمَ المغضب ثم قال:"ما الذي خلفك؟" ... فلما انتهى كعب من كلامه ... قال صلى عليه وسلم: "أما هذا فقد صدق ... قم حتى يقضي الله في أمرك" ... ثم أمر الناس أن يقاطعوه ... قال كعب: "فكنت أصلي بالمسجد فإذا نظرت إليه صرف بصره ... فإذا قمت للصلاة نظر إلي". (رواه البخاري) هل رأيتم القلب العظيم المحب لصاحبه الذي أخطأ وتخلف عن الجهاد .. كيف حاسبه، وعاتبه، وعاقبه .. لكن في حب ظاهر ... إن الذي يربي على الحب .. وبالحب .. يحاسب حين يحاسب حساب المحبين .. ليعلم الحب بالحب. 13. ضمَّ أبنائك يومياً ... "ضمة حب" قالت عائشة رضي الله عنها : "أقبل زيد بن حارثة من سرية ... فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً .. يجر ثوبه .. فالتزمه وقبله" (رواه الترمذي) .... إنها ضمة الحب من المربي لمن يربيه ... إنه يرسل له رسالة حب ... ويعلمه فن الحب في وقت واحد. كشفت أحدث الدراسات العلمية أن احتضان الطفل (4) مرات يومياً يساعد على تكوين شخصيته كطفل سوي ... أما احتضانه (8) مرات يومياً فيعني تطويره لطفل مبدع ... وإذا زاد العدد فهذا يعني أنه سيكون طفلا قويا مقاوما للصدمات .... وأضافت دراسة أعدها ( مركز دراسات الطفولة ) بجامعة عين شمس وأشرف عليها العميد السابق الدكتور (قدري حقي) أن الجفاف العاطفي في الأسرة وانقطاع لغة الحوار يؤثر سلبيا على الطفل. لا تبخلوا على أولادكم بهذه الضمة ... فحاجتهم إليها كالحاجة إلى الطعام والشراب .. بل كالحاجة إلى الهواء والحياة ... مهما أخذتَ منه فستظلُ محتاجاً له. في كل يوم ... ضم أبناءك وقبّلهم وقل لهم أنك تحبهم ... فمهما أكثرت من ذلك ... فإنهم يحتاجونه ويرحبون به ... صغارا كانوا أو كباراً ... أطفالاً أو بالغين .. أو حتى وهم متزوجون ولهم أبناء وأحفاد. 14. اقض بعض الوقت مع أبنائك لا يحدث شيء في الحياة دون وقت ... إذا كنا نسلم بهذه القاعدة في حياتنا كلها فنعطي لكل أمر هام وقتاً ... نعطي للدراسة والعمل والطعام والمرح والعبادة ... فلماذا لا نعطي لأبنائنا وتربيتهم ما يحتاجونه من الوقت ؟ احرص أن تقضي مع أبنائك ساعة على الأقل يومياً ... ويوماً على الأقل أسبوعياً .. وعطلة أجازة الأسبوع واحدة على الأقل شهرياً ... وأسبوع كامل على الأقل سنوياً ... هل هذا كثير ؟ ... إن الأهداف السامية التي تسعى إليها مع أبنائك – لا شك – تحتاج أكثر من ذلك. اجلس في وسط أبنائك ... أشعرهم بحنانك .. فرغ مشاعرك لهم .. تبادل الحديث معهم .. تنزهوا سوياً ... اقضوا أياماً في مصيف أو رحلة ... استمتعوا بالحب .. لتعلمهم الحب. 15. شارك أبناءك مشاعرهم .. دائماً هل يشعر أبناؤك أنك تهتم بهم ... وتتابع أحداث حياتهم وتشاركهم أحاسيسهم ؟ إن كانت إجابتك أي شيء غير (طبعاً بكل تأكيد) .... فاحذر فإنك على خطر كبير ... احرص على أن تشعر أبناءك باهتمامك بهم وبأحداث حياتهم ، وإحساسهم بأنك معهم تشاركهم تفاصيل أوقاتهم وأسرار حياتهم ، فيندمجون معك في كل حين ، مما يزيد رصيدك في بنك الحب لديهم . إن الطريق إلى هذا الهدف السامي يمر عبر الحديث الودي المنفرد ، وممارسة بعض التمرينات الرياضية معًا ، والاحتفاء بكل إنجاز يتحقق على أيديهم ، والمشاركة الشعورية في الظروف المختلفة ، وعدم الانشغال عنهم وهم يتحدثون ، والتحدث على موائد الطعام بالمناسب والممتع من الكلام ، والافتخار بمواقفهم مهما كانت متواضعة ، وتبادل كلمات الحب وإعلامهم بمقدار حبك لهم ، بدون شروط أو مقابل ، والتغذية الدائمة لهذا الحب بالرسائل والهاتف والهدايا وكل مبتكر، لتقوية مشاعر الحب بينكم. لا يهمل المربي الحاذق أبداً المناسبات التي يمر بها أبناؤه .. سواء كانت مناسبات مرحة سعيدة، أو حزينة عصيبة ... بل يستثمر المربي هذه المناسبات كلها ليشارك أبناءه مشاعرهم من الفرح والحزن ... فينمي في قلوبهم شجرة الحب .. افرح بصدق عندما يفرح أبناؤك ... واحزن معهم عند حزنهم ... بل يمكن أن تبكي عند بكائهم ... إنك يذلك تعلمهم كيف يكون المحب قريباً دوماً ممن يحبه ... إن الذي يربي بالحب .. وعلى الحب ... يشارك أبناءه مشاعرهم ويهتم بها .. دائماً. 16. اطبع على وجنات أبنائك يومياً .. "قبلة حب" قبّل الرسول صلى الله عليه وسلم أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال: "أتقبلون صبيانكم ؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم" !! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك" (رواه البخاري ومسلم). إن القبلة تطبع على وجنة ابنك أو ناصية ابنتك تقول الكثير ... وتوصل من المعاني ما يعجز اللسان عن التعبير عنه ... وتعلم الأبناء دروساً في الحب بلا حدود .... إنها واحد من تعابير الرحمة. هل نشعر أحيانا أنه من العيب أن نقبل أبناءنا ... خاصة أمام الناس ... ولاسيما إن كبروا ؟ .. العجيب أن البعض ما يزال يخجل .. والأولى بنا أن نفعل ولا نتركهم فريسة لعواطف المصالح أو مشاعر المنافع. قبِّل أبناءك في الصباح ... وعندما تودعهم لمدارسهم أو جامعاتهم أو عملهم ... وحين تلقاهم بعد يوم طويل .. وحين يخلدوا إلى النوم ... قبِّل أبناءك عند نجاحهم ... وضمهم وقبلهم في اللحظات العصيبة من حياتهم ... وقبلهم عند سفرهم وبعد عودتهم .. وقبلهم عندما تشعر أنك تحبهم وتتمنى أن تطبع قبلة على جبينهم. إن المربي الذي يود أن تكون تربيته بالحب ... وعلى الحب .. لا يغفل عن مثل هذا المؤثر السحري .. "القبلة". 17. سيطر على مشاعرك عند الغضب لماذا نصرخ في وجوه أبنائنا؟ ... لماذا ننفعل دائماً .. ونترجم انفعالنا إلى موجة عارمة من الغضب؟ .. إننا حين نفعل ذلك نعلم أبناءنا أن الصراخ والغضب هو الطريقة المثلى للتعبير عن الأفكار ... !! هل فكرت يوماً في تأثير صرختك في وجه طفلك على نفسيته؟ هل سألت نفسك كيف يشعر ابنك وهو يراك تتلمظ غضباً ويسمع صراخك المرتفع؟ ... وهل جاء الغضب يوماً بالنتيجة التي تحب؟ إن المربي الذي يربي بالحب .. وعلى الحب .. يملك نفسه عند الغضب ... فيكون تصرفه عقلانياً ... حين تشعر بالغضب ... قم بما يلي: · اسكت ... ولا تتكلم أبداً وأنت غضبان ... فكل ما ستقوله لن يكون مفيداً. · تذكر آفات الغضب .. وفضيلة كظم الغيظ. · اجلس .. أو اتكئ .. أو اضطجع ... لا تقف أبداً في وجه ابنك وأنت غضبان. · استغفر الله .. واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ... في نفسك دون أن يسمعك أحد. · انصرف في هدوء ... توضأ وربما تصلي ركعتين .. اجلس في هدوء مع نفسك وتفكر. · لا تتصرف أو تناقش وأنت غضبان ... اصرف ابنك .. واستدعه للنقاش بعد أن تهدأ عاصفة غضبك. 18. احرص على "بسمة الحب" .. طوال الوقت في العالم العربي ... دلت الدراسات الحديثة أن الصورة المرسومة للأبوين في عقول أبنائهم هي في معظمها (80%) صورة عابسة متجهمة صارمة ... وتزداد قتامة هذه الصورة في الأب (91.2%) أكثر من الأم (73%) ... ثم نتساءل: هل نحن نعلم أبناءنا الحب؟ إن وجهاً متجهماً عابساً طوال الوقت .. يستحيل أن يربي بالحب .. وعلى الحب. ماذا ستخسر لو تبسمت؟ ... ماذا سينقص منك إن رسمت على وجهك دائماً ابتسامة رقيقة؟ هل لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة ؟ إن أصحابه صلى الله عليه وسلم يصفونه فيقولون: "كان أكثر الناس تبسماً" ... "ما رأيته إلا متبسماً" ... "ما نظر إلي إلا تبسم". إن المربي الذي يربي على الحب .. وبالحب .. يحافظ على ابتسامة دائمة على وجهه .. فإذا رأى ابنه الحبيب تنفرج أسارير وجهه عن ابتسامة عريضة .. فيلاطفه ويمازحه .. ويكون هذا دأبه دائماً. 19. احتفل بإنجازات أبنائك .. في فرح هل تريد أن تعلم أبناءك الحب والرقة والتعبير عن المشاعر؟ .. شاركهم فرحهم بإنجازاتهم ونجاحاتهم. أقم اليوم مأدبة غداء خاصة لأن ابنك تفوق في الامتحان ... ادع الأسرة كلها إلى عشاء مميز لأن ابنتك بدر منها سلوك قويم من الأمانة أو البر أو الصدق أو غيرها ... نظم حفلة للمعارف والأصدقاء حين يتم ابنك حفظ قدر كبير من القرآن ... فأنت حين تفعل ذلك تقول لهم أنك مهتم بهم .. وتحبهم. تأكد من التأثير الكبير لفرحك الحقيقي – غير المصطنع – حين ينجح ابنك أو يتفوق أو ينجز ... إن لهذه المشاعر تأثير السحر في نفوس أبناءك ... ترجمها لأفعال ظاهرة ... ولا تفعل ذلك مع واحد فقط ، حتى لو كان الآخر لا يمر بأحداث خاصة ، ابحث في حياته - وبالتأكيد سوف تجد - أشياء تستحق التقدير ، واحتفي به أيضاً حتى لا تثير الغيرة بين أبنائك، وتثير بينهم العداوة بدلا من أن يتحابوا. 20. العب مع أبنائك ... واندمج معهم فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسنُ والحسينُ رضي الله عنهما يلعبان بين يديه .. أو في حِجْره .. فقلت: يا رسول الله .. أتحبهما؟ .. فقال: "وكيف لا أحبهما وهما رَيْحَانَتَىَّ من الدُّنْيَا أشمهما؟!" (أخرجه الطبراني). وعن جابر رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهو يقول: "نعم الجَمَل جملُكما وَنِعْمَ الْعِدْلانِ أنتما" (أخرجه الطبراني وابن حبان). وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما على عاتِقَيِ النبي صلى الله عليه وسلم .. فقلت: "نِعمَ الفَرَسُ تحتكما!" .. فقال صلى الله عليه وسلم: "ونعم الفارسان هما!" (أخرجه البزار). وعن البَرَاء بن عَازِب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء الحسن والحسين، أو أحدهما رضي الله عنهما فركب على ظهره، فكان إذا رفع رأسه قال بيده، فأمسكه، أو أمسكهما، وقال: "نعم الْمَطِيَّةُ مَطِيَّتُكُمَا!" .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ونعم الرَّاكِبان هما، وأبوهما خير منهما" (أخرجه الطبراني). هل نعجب بعد هذا أن لف الحب جوانب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيوتات بناته وآله ؟ ... هل نستغرب بعد هذا أن ملأ الحب قلوب آل محمد حتى شع على من حولهم؟ أي متعة ستملأ قلبك وأنت تمازح أبناءك وتلعب معهم، فترى في عيونهم الفرح، وتحس في قلوبهم السعادة، وتملأ أسماعك بضحكاتهم البريئة المرحة .. أي متعة ستلف قلبك؟ .. وأي أثر سيترك في نفوسهم وقلوبهم ... إنك تعلمهم الحب بطريقة عملية. قد تبدو ألعابهم تافهة بالنسبة إليك ... لكنها ليست كذلك في نظرهم .. إنها ممتعة وشيقة .. وتزداد متعتها حين تشاركهم فيها ... لا تخف من نظرات من حولك .. فالعيب فيهم وليس في فعلك ... استمر في اللعب مع أبنائك في طفولة حقيقية وبراءة ظاهرة حتى عندما يراك الآخرون ... إن المربي الذي يربي للحب .. وبالحب ... يتصاغر لأبنائه ويشاركهم ألعابهم كأنه واحد منهم. 21. اعرف عن أبناءك .. الكثير ماذا تعرف عن ابنك؟ .. ماذا تعرفين عن ابنتك؟ .. كل شيء .. أم بعض الأشياء ... أم لا شيء تقريباً؟ ... في أحايين كثيرة لا يعرف الأبوان عن أبنائهم إلا القليل مما يظهر لهم .. ويبقى الولد أو البنت – لاسيما في مرحلة المراهقة – كأنه كنز مقفل يستعصي على الاكتشاف ... فأين الخلل؟ لا يكمن الخلل في الأبناء يقيناً ... فابنك الذي يضن عليك بالسر يتبادله بكل بساطة مع أقرانه وأصدقائه ... وابنتك التي تغلق صدرها على أسرارها ولا تبوح بها لأمها، لا تفعل ذلك مع زميلاتها وصديقاتها ... الخلل إذاً فينا ... في طبيعة علاقتنا بأبنائنا ... ونظرتهم لنا. أول خطوات العلاج أن نفتح قلوبنا لأبنائنا ... اقض وقتاً طويلاً معهم ... حدثهم كثيراً عن نفسك ... بح لهم ببعض أسرارك ... ليبادلوك بالمثل. ثم أظهر اهتمامك بهم ... بأحداث حياتهم وما يمرون به ... أشعرهم أنهم جزء هام من حياتك ... اعرف جدول أبنائك الدراسي ومدرسيهم وأصدقاءهم .. لا تسألهم عندما يعودون " ماذا فعلتم اليوم" ولكن اسأل " ماذا فعلت مع زميلك فلان ؟ وماذا أخذتم اليوم في حصة الرياضيات؟ " ... فيشعر أنك متفاعل مع تفاصيل حياته وأنك مهتم به .... إنك بذلك تكسب أصدقاء يحبونك وتحبهم. 22. اهتم بإبداعات أبنائك .. وأبرزها لا زلت أذكر فرحة أبي الغامرة، وحديثه بفخر عني حين فزت في أول مسابقة لي في "القصة القصيرة" ... لازالت كلماته الفخورة المملوءة بالسعادة والاعتزاز تتردد في أذني حتى اليوم ... ومن يومها وأنا أحب "القصة القصيرة" وأتفوق فيها. اهتم بإبدعات أبنائك ... عندما يرسم أطفالك رسومات صغيرة بريئة مثلهم ، علقها في مكان خاص في البيت ... وأشعرهم أنك تفتخر بها ... إن هذا السلوك البسيط منك يشعرهم بالحب والتقدير ... ويعلمهم الحب بطريقة عملية ... إنك بهذا تربيهم بالحب .. وعلى الحب.