بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. وافانا الحسين طلال بمقال اعتباري نشرته جريدة "ماري فرونس" عدد 217 المؤرخ في ماي 1974، يحمل عنوان "حياة النساء: المرأة المغربية اليوم"، وتضمن هذا المقال لدونيس ديفورن عدة معطيات إخبارية ترصد مسار الفنانة التشكيلية الشعيبية داخل المغرب وخارجه، حيث اعتبرت المرأة النموذجية بلا منازع في الإبداع المغربي. في ما يلي مقتطف تنفرد "المغربية" بنشر ترجمته من اللغة الفرنسية "من بين الشخصيات المتنوعة والنافذة الشعيبية التي تمثل الفن: فن ساخن وحديث وغرائزي، عندما ننظر إلى أعمالها للوهلة الأولى تفتننا أشكالها وتفيض علينا ألوانها. فهي ذات حضور قوي خارج المغرب، إذ يرجع الفضل في التعريف بتجربتها الإبداعية إلى الناقد الفرنسي بيير كوديبير، إذ عرضت بباريس تحديدا برواق سولستيس وبصالون الفنانين المستقلين جدا. نكتشف من دون حيرة رسمها السريع أو تصويرها التمهيدي لفنان شهير زارها بالمغرب أثناء إقامته العابرة. فالمبدع موزيس منحها أحد رسوماته، واقتنى الفنانان لورد كاسترو، وكاماتشو بعض لوحاتها، ويعرض أعمالها هانا بيكر فون راث بشكل دائم في رواقه الشهير بفرنكفورت، كما أن المتخصصة في الفن داخل المدينة فلونتين فوغير زارت محترفها بالدارالبيضاء. كتبت عنها سيريس فرونكو أشياء فاتنة، وأهدى لها الفنان العالمي كورناي وشاحا حريريا طبعت عليه إحدى لوحاته التعبيرية. الناس هم الذين يأتون عندها. إنها عصامية، لكنها فنانة فطرية. فبعيدا عن التصوير الواقعي للأشياء بإخلاص دقيق، كما عهدنا ذلك عند الفنانين نجدها تبدع مشاهد الحياة اليومية، وتختزلها، وتعبر من خلالها من التجريد إلى التعبيرية مع الرغبة الجارفة في أن تكون سيدة زمانها. إن أعمالها القوية والتلوينية ليس لها ما يخلخل العلاقة الأليفة مع الاتجاهات الفنية الأخيرة. إنها تشتغل بلا كلل، إذ نظمت ثلاثة معارض في لحظة واحدة. وأسرت للمتتبعين: "لقد توقفت عن هذا الحضور المكثف، إذ شفيت غليلي. قمت بذلك لأبرهن عن قدرات النساء المغربيات". كانت الشعيبية، يضيف الحسين طلال، مقتنعة تماما بموهبة المرأة المغربية وبعبقريتها وإرادتها التي تفل الحديد من أجل تجاوز كل الصعاب والعقبات. المرأة من منظورها رمز للتحدي ومثال للشخصية القوية التي لا تثبط عزيمتها ولا تقهر، رغم كل الإكراهات الذاتية والموضوعية. ناضلت الشعيبية من خلال مقتربها الفني ومنجزها الصباغي ودبلوماسيتها الثقافية من أجل حرية المرأة واستقلاليتها، وكرامتها ومساواتها، معتبرة نجاح المرأة معادلا لنجاح المجتمع وتقدمه.