بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. 'مهبولة' اشتوكة بركة المغرب الحلقة 52 كان قانون الموهبة اللامعة وحده هو سيد قدر الفنانة الرائدة الشعيبية بتعبير الباحثة الاجتماعية فاطمة المرنيسي. فلا الحظ العاثر في عدم تعلم الشعيبية القراءة والكتابة في مغرب ما قبل الاستقلال قد حال دون أن تحقق رهان العالمية بصبر، وأناة، وكبرياء، ومثابرة. هكذا خلخلت سيناريوهات أصحاب الادعاء المدرسي والأكاديمي، الذي يقصي الفنانين العصاميين من دائرة الإبداع، ويرفع شعارات المدارس والأكاديميات، والمعاهد المتخصصة، يصرح الحسين طلال أن والدته كانت دائما تردد على مسامعه:" أنا لم أقرأ، لكن أعمالي الفنية أصبحت موضوع كتابة وقراءة النقاد من سائر أقطار العالم، باختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم الثقافية". تأكدت هذه الحقيقة منذ سنة 1961 عندما انبهر الناقد الفرنسي الألمعي بيير كودبير أمام لوحاتها لتنطلق بعد ذلك حلقات معارضها الفردية والجماعية داخل المغرب وخارجه، إذ عرضت عام 1966 بمتحف الفن الحديث، وبرواق سولستيس بباريس، وكتب عنها في دليل المعرض كل من رائد حركة كوبرا كورناي، والناقدة سيريس فرونكو، ثم خص لها قاموس "لاروس" للفن في العالم حيزا كبيرا في نسخته السادسة عام 1971، كما ولجت معجم"بنيزيت" للفن عام 1977، وحظيت بتغطية إعلامية سمعية بصرية رصينة في حجم عطائها الإبداعي المنفرد( دائرة مينوي على القناة الفرنسية الثانية مع الإعلامي الكبير ميشيل فيلد عام 1992، وميتروبوليس على قناة آرتي عام 1999 على سبيل المثال لا الحصر). في الأوساط الأكاديمية الأمريكية، عرفت الشعيبية بصفتها فنانة حديثة، لا فطرية كما يزعم النقاد المغاربة، وكما تدعي بعض قاعات البيع بالمزاد العلني بالمغرب. اسم الشعيبية، يقول طلال، مصنف ضمن لائحة الفنانين الحداثيين بأمريكا في معجم بيليوغرافي، إذ خصت لها جامعة إنديانا للإعلام مقالا نقديا ضافيا ومفصلا في معرض الجزء الرابع لموسوعة الفن بأقصى شمال إفريقيا. كما كتبت عنها الباحثة وأستاذة التاريخ بجامعة بيشوبس وبمدرسة الدراسات السياسية التابعة لجامعة أوطاوا بكندا، أوزير كلاسيي، إذ نشرت بقاموس تراجم الأفارقة دراسة رصينة سبق لنا أن نشرنا بعض ما جاء فيها في معرض الحلقات السابقة. يرى الحسين طلال أن لجنة مكونة من متخصصات أمريكيات زارت رواق" ألف باء" لرؤية أعمال الشعيبية وتقديمها في إطار معرض للفن التقليدي، لكن المنتسبات إلى اللجنة تفاجأن منذ الوهلة الأولى وخاطبن طلال: لا يمكن عرض هذه الأعمال الإبداعية، فهي حديثة وليست تقليدية.