العديد من الموريتانيين والمغاربة الصحراويين ماتوا تحت التعذيب أثناء اعتقالهم من طرف البوليساريو في مخيمات خصصت للمحتجزين أشبه بمعسكرات إرهابية مغلقة، في تندوف، فوق التراب الجزائري. مدن الزويرات، وانواذيبو، والمناطق الشمالية لموريتانيا، كلها تعرض سكانها للاختطاف من طرف ميلشيات البوليساريو من أجل تكوين شعب لقيط حين خروجه من سجون البوليساريو، شكل الداهي أكاي، رفقة بعض رفاقه الصحراويين الذين ذاقوا مرارة الاعتقال، جمعية تعنى بالبحث عن الصحراويين المفقودين في سجون البوليساريو، وبعث رسائل تنبيه إلى سفارات فرنسا، والولاياتالمتحدة، وإسبانيا، والبرتغال، وموريتانيا، وبلجيكا، أخبرها فيها بأن هناك مواطنين لدولها رهن الاعتقال بسجون البوليساريو، وحثها على متابعة تفاصيل البحث عن رعاياها المفقودين. ولم يتعبه البحث عن المفقودين في سجون البوليساريو رغم تقدمه في السن، ولم يدع أي فرصة تمر دون أن يبعث بسؤاله المباشر إلى قيادة البوليساريو يسألها عن مصير 800 مفقود من أبناء الصحراء في سجونها، وبينهم مواطنون من بلجيكا، وفرنسا، والولاياتالمتحدة، وإسبانيا، والبرتغال، وموريتانيا. وقال الداهي في لقاء مع "المغربية"، إن "جمعية المفقودين في سجون البوليساريو راسلت في الآونة الأخيرة الدول التي لها سجناء لدى البوليساريو، وهي بلجيكا، وفرنسا، وأمريكا، وإسبانيا، والبرتغال، وبعث فرنسا لنا برد رسمي توصلنا به من طرف الوزير الأول ووزير الخارجية في حكومتها، وكذلك إسبانيا. أما بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة، فقد استقبلتنا وزارة الخارجية السابقة في واشنطن، وبلغناها خبر المواطن الأمريكي المفقود، كما زرنا بلجيكا، واستقبلنا هناك من طرف وزارة الخارجية وأكدنا لها أن مواطنا يحمل الجنسية البلجيكية وعليها البحث عن مصيره في سجون البوليساريو". وفي سرده لتاريخ جرائم البوليساريو على أبناء الصحراء، أعلن تقرير الجمعية، الذي رفع إلى الأممالمتحدة، أن قيادة البوليساريو ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على سكان الصحراء، منها التعذيب والاغتيال والإرهاب النفسي، إذ بلغت بها ساديتها إلى جدع أنف أحد الصحراويين، اسمه زيني ولد سيدي ولد الفاضل، تحت ذريعة أنه متهم بالجاسوسية لإسبانيا. كما يكشف التقرير أن ميلشيات البوليساريو اعتقلت، سنة 1974، ما مجموعه 170 صحراويا بتهمة أنهم جواسيس وعملاء لإسبانيا. وبعد أن خرجت إسبانيا من الصحراء المغربية، اتهمت الجبهة المجموعة نفسها بالتجسس والعمالة لصالح المغرب وهي داخل سجونها، وكثيرا من أولائك الشباب الصحراوي قضوا نحبهم في سجون البوليساريو، نتيجة عدم تحملهم هول ما مورس عليهم من إرهاب وتعذيب. وفي سنة 1976، يقول الداهي، كانت بداية المرحلة الثانية، إذ "ألقت البوليساريو القبض على 70 شخصا، اتهموا بالعمالة لصالح جهاز المخابرات المغربية والفرنسية، وهذه المرحلة تميزت باستشهاد المهدي ولد السويح داخل مقر الاستخبارات العسكرية للبوليساريو". وبعدها انطلقت "المرحلة الثالثة، التي بدأت في سنة 1977، وألقت الجبهة فيها القبض على 70 شخصا آخرين، اتهموا بالعمالة للمغرب، وأطلقت عليهم لقب "شبكة تكنة"، واتسمت هذه المرحلة باستشهاد سالم باكر، الذي تعرض رفقة آخرين للتعذيب والعنف، وتركه جلادو البوليساريو في العراء تحت حر الشمس حتى وفاته". أما في "المرحلة ما قبل الأخيرة، في سنة 1978، فألقت البوليساريو القبض من جديد على 150 صحراويا أطلق عليهم اسم "شبكة كريبات الفولة"، بينهم بعض الإسبان، وهذه المجموعة كانت متهمة بالتجسس والعمالة للمغرب، وسجن أفرادها وعذبوا، وكثيرا منهم في عداد المفقودين لحد الآن". وفي سنة 1982، بدأت "المرحلة الخامسة والأخيرة، وضحاياها أطلق عليهم اسم "الشبكة "الفرانكفونية الموريتانية"، وهذه المجموعة تتألف من 150 شخصا، اتهموا كذلك بالتجسس لصالح فرنسا وموريتانيا وتعرضوا كباقي المخطوفين للتعذيب والإرهاب". ويكشف الداهي أن هذه المرحلة عرفت بروز "بعض الأبطال الوطنيين، الذين اتسموا بالشجاعة الاستشهادية، أمثال الموريتاني ولد هيدالة، من قبيلة العروسيين، والمغربي بونا ولد العالم، من قبيلة أولاد دليم، الذي قطعت يده، واستعملها أحد الجلادين لتهديد المخطوفين الآخرين". ويضيف أن "أعداد المفقودين وصل إلى 610 أشخاص، ونؤكد أنه ألقي القبض على 190 شخصا آخرين، أخيرا، ليصل العدد إلى 800 مفقود"، قال أكاي إن الجمعية لن تدخر جهدا من أجل الكشف عن مصيرهم، وتسليم المعطيات إلى منظمة العفو الدولية.