في محاولة لفهم التطور في عمل الخلايا الإرهابية، تقدم "المغربية" قراءة في تاريخ أبرز الخلايا وكيف حاولت تهييء موطئ قدم لتنظيم القاعدة داخل المغرب حتى يصبح قاعدة خلفية للتخطيط لعمليات دموية. شكلت شبكات تجنيد شباب مغاربة للقتال في بؤر التوتر، سواء في أفغانستان، أو العراق، أو سوريا، أو الصومال وغيرها تحديا كبيرا للأجهزة الأمنية. فطريقة تحرك المكلفين بالاستقطاب، وعملها على ربط الاتصال بالمقربين فقط، واعتماد أسلوب التمويل المباشر وإلغاء تحويل الأموال من الخارج، فرض على الأجهزة الأمنية تعزيز جهودها والبحث عن مصدر معلومات دقيق يميط اللثام عما تخطط له هذه الشبكات ومصادر تمويلها. فبعد أفغانستان، والعراق، وغيرهما، جاء الدور على سوريا، إذ بدأت مصالح الأمن حاليا تركز جهودها على تعقب أثر المكلفين بالاستقطاب ومصادر تمويلهم. وتبين من خلال المعطيات المتوفرة أن أغلب الذين تمكنوا من التسلل إلى الأراضي السورية سبق أن قضوا عقوبات حبسية في إطار قانون مكافحة الإرهاب. كما أن اللائحة ضمت معتقلين سابقين في غوانتنامو، الذين يقاتل بعضهم حاليا في صفوف الجيش الحر ضد قوات نظام بشار الأسد. وعمدت الأجهزة الأمنية إلى إعادة رسم خريطة المترشحين للتجنيد والأماكن التي يوجدون بها قصد الوصول إلى المكلفين بعمليات التجنيد. وكانت مصالح الفرقة الوطنية للشرطة القضائية٬ بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني٬ تمكنت من تفكيك خلية تنشط في مجال استقطاب وتجنيد شباب مغاربة متشبعين بفكر "القاعدة" قصد إرسالهم لما يسمى بالجهاد بمنطقة الساحل٬ والمتكونة من عناصر عديدة تنشط بكل من مدن الناظور، والدارالبيضاء، وجرسيف، والعيون، وقلعة السراغنة. وأظهرت التحريات، حسب ما جاء في بلاغ لوزارة الداخلية، أنه في إطار أنشطتهم المتطرفة٬ تمكن قياديو هذا التنظيم منذ أشهر٬ من إرسال أكثر من عشرين متطوعا مغربيا٬ جرى تحديد هوياتهم٬ للجهاد بشمال مالي ضمن صفوف كل من "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وحليفه "حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا"٬ حيث يخضعون لتداريب عسكرية من أجل إشراكهم في عمليات إرهابية بالمنطقة. ويتعلق الأمر بامحمد المرابط، الملقب ب "الصويري"، وسعيد دكداك، الملقب ب "أبي عبد الرحمان"، وفؤاد عمران، ومحمد بيا، ومحمد المخنتر الملقب ب "محند"، وعلي وإدريس مايشو، وعلي وموسى وإبراهيم القدوري، وعبد الله العزوزي، ويونس زازا، وحمدي المريضي الملقب ب "عبد الحميد"، ومحمد زازري، ومراد الرطاع، والمهدي الركراكي، ويوسف نور الدين، وعبد الرزاق جابري، وعبد الفتاح بوحفاص الملقب ب "أبو حفص"، وعلوات بابا، وسعيد محمد زكرياء، مغربي ذي جنسية إسبانية. كما أثبتت التحريات أن هذه الشبكة قامت٬ في بداية أنشطتها الإرهابية٬ بإرسال بعض عناصرها إلى ليبيا كمحطة أولى قبل التحاقهم بالتنظيمين الإرهابيين السالفي الذكر بشمال مالي٬ ومن تم شرعوا في تجنيد المتطوعين من داخل التراب المغربي وإرسالهم إلى منطقة الساحل٬ بطريقة سرية عبر الحدود المغربية الجزائرية٬ بتنسيق مع قياديي "تنظيم القاعدة" الذين يتولون تسهيل مرورهم إلى شمال مالي وتزويدهم بمبالغ مالية. وكانت هذه الشبكة الإرهابية بصدد الإعداد لإرسال مقاتلين جدد إلى شمال مالي عبر الحدود المغربية الموريتانية، بعد أن تمكنت من إرساء علاقات وطيدة مع عناصر متطرفة تنشط جنوب المملكة.