محمود الإدريسي صاحب الصوت الشجي، الذي أعطى نكهة خاصة للموشحات، والأغنية المغربية العصرية، واستطاع أن يؤسس تجربة فنية مغربية صرفة باختيار كتاب كلمات أغانيه وألحانه، وأن يأسر بصوته القوي الممزوج بنبرة دافئة معجبيه، من المغاربة والعرب، يفتح قلبه ل"المغربية"، ليتحدث عن ساعات سعيدة من حياته. الحلقة الرابعة الفنان المغربي محمود الإدريسي في جلسة سمر تواصلت تجربة محمود الإدريسي مع المجموعة الصوتية للإذاعة الوطنية ل11 عاما، ما بين 1965 و1976، غنى فيها إلى جانب أشهر المطربين، أمثال محمد فويتح، وأحمد البيضاوي. عن هذه التجربة المهمة في مساره الفني يقول الإدريسي، "كان شرف الانضمام إلى المجموعة الصوتية في ذلك، مبتغى كل فنان يطمح إلى دخول عالم الفن من بابه الواسع، خصوصا أن المجموعة كانت تضم في ذالك الوقت نخبة من كبار الفنانين أمثال محمد علي، والراحل المعطي بنقاسم، والراحلة لطيفة أمال، ومحمد بلبشير، ومحمد بن الطاهر، وعبد العالي الزروالي، ومحمد عفيفي، وشمس الضحى، والراحل محمد الحياني، كما كان ينضم إليها بين الفينة والأخرى، الراحل أحمد الغرباوي". يضيف الإدريسي، "المجموعة الصوتية كانت بمثابة معهد للتكوين، إذ تعلمت الانضباط، والانسجام، وتشبعت بروح العمل الجماعي، كما تمكنت، من خلال عملي إلى جانب مطربين كبار من صقل موهبتي وتمرين صوتي على مختلف المقامات الموسيقية الصوتية كانت بمثابة مدرسة فنية بامتياز". وتخللت هذه التجربة ظهور محمود كمطرب منفرد، منذ سنة 1969 بفضل أغنية "يا ملكي يا بلادي"، التي قدمها له الراحل عبد النبي الجيراري، تلتها بعض الأغاني الدينية، التي قدمها له الفنان عازف القانون الشهير الراحل صالح الشرقي، والملحن عبد القادر وهبي. وفي سنة 1970 غنى محمود أولى أغانيه بالدارجة المغربية بعنوان "نبدا باسم الفتاح" كلمات أحمد الطيب لعلج وألحان عبد القادر الراشدي. وخلال تلك الفترة، تعامل محمود مع كل الملحنين المغاربة المعروفين، إلا اثنين هما الراحل عبد الرحيم السقاط، وحسن القدميري. وفي هذا الصدد يؤكد الإدريسي "غنيت من ألحان جميع الملحنين المغاربة باستثناء الراحل عبد الرحيم السقاط، وحسن القدميري، ورغم أنني كنت أتمنى أن أغني من ألحانهما، خصوصا السقاط، الذي كان من كبار الملحنين آنذاك، إلا أن الظروف حالت دون ذلك. ومن جملة الملحنين الذين تعاملت معهم هناك عبد القادر وهبي، وحميد بن براهيم، وعبد السلام عامر، الذي لحن لي العديد من الأغاني، كما مرن معي أغنية "راحلة"، ووعدني بتسجيلها بصوتي، لكنه تراجع وأسندها للراحل محمد الحياني، بعد اكتمالها، ومع ذلك سجلتها بصوتي لصالح أسطوانات "أطليسيفون" التي كان يملكها آنذاك الراحل عبد الرحمان العلمي". وعن علاقته بعامر يقول الإدريسي "كانت علاقة جيدة جدا في البداية، إذ لحن لي حوالي 8 أغان وطنية، ومرن معي أنجح أغانيه، ورغم أن العلاقة أصابها بعض الفتور بسبب "راحلة" إلا أن المياه سرعان ما عادت إلى مجاريها، لقد كان الراحل عبد السلام عامر فنانا مبدعا ومثقفا كبيرا".