التأم أقطاب العزف الإبداعي في المشهد الموسيقي المغربي٬ الحاج يونس، وأمير علي، ورشيد زروال٬ مساء أول أمس الأربعاء٬ في أمسية استثنائية بالرباط٬ عنوانها حوار خلاق وتواطؤ نغمي بين الآلات الموسيقية. الحاج يونس وأمير علي ورشيد زروال قدم هذا الثلاثي المحنك٬ الذي انضم إليه عازفي الإيقاع طارق وحسن مكرم على الدف٬ وصلات موسيقية جالت بذائقة جمهور٬ بدا متعطشا إلى رحلة استكشافية فنية فريدة٬ عبر نصوص مغربية وعربية٬ وقطع تراثية وعصرية٬ وروائع عاطفية ووطنية. في هذه الأمسية التي احتضنتها قاعة (رونيسانس) ضمن فعاليات الدورة 12 لمهرجان "موازين .. إيقاعات العالم" بين فنانين يحوز كل منهم مسارا فنيا متألقا على الصعيد الوطني والعربي٬ تبلورت سريعا كيمياء التكامل والتفاعل الحدسي بين آلات وترية وهوائية وإيقاعية٬ في توزيع فني فسح المجال أمام كل من الأقطاب الثلاثة لإمتاع الجمهور بوصلات من العزف المنفرد٬ وسمها الارتجال المتمكن والاندماج في حماس اللحظة ونضج ممارسة فنية طويلة. كان عود الحاج يونس يهتز بكهرباء ذات فنية متوترة وقلقة٬ وكمان أمير علي يزهو في الاستعراض والتجريب وناي رشيد زروال يغمس أنفاسه في روحانيات صوفية عميقة وشجية. استهل الثلاثي الحفل بزيارة جديدة للتراث الأندلسي٬ من خلال أداء قطع ألفها رشيد زروال تضع "حدائق الأندلس" في قوالب حديثة على غرار البلوز. تجربة تكشف خلود هذه الذاكرة الفنية الحضارية وقابليتها للتجديد والانخراط في حواريات إبداعية مع أكثر الألوان الموسيقية حداثة. وقاد الحاج يونس الثلاثي في أداء قطع تنهل من الرصيد النفيس لأستاذه الروحي في العزف على العود٬ التركي جميل بك طمبوري، الذي رحل عام 1916، من خلال قطعة أخذت من فنان العود المغربي العالمي رحلة إلى الديار التركية للحصول على تسجيلها الأصلي والاشتغال عليها. أما أمير علي٬ فاستحضر بكمان استعراضي راقص قطعا من الزمن الجميل٬ على غرار "جانا الهوى" و"حبك نار" لعبد الحليم حافظ و"الحب كده" لأم كلثوم٬ بلمسات تجديدة ساحرة. وعرج الثلاثي على اختيارات كلاسيكية عربية أصيلة من بستان عميد الموسيقى العربية محمد عبد الوهاب٬ ورائد الأغنية المغربية العصرية الراحل أحمد البيضاوي ومنوعات أخرى ليتوج الثلاثي عبوره اللامع في موازين بأداء رائعة "رقصة الأطلس" للملحن الراحل عبد القادر الراشدي.