منذ إحداثها سنة 1999، دأبت مؤسسة محمد الخامس للتضامن على تنفيذ عدد من البرامج الرامية إلى التخفيف من مظاهر الإقصاء والهشاشة الاجتماعية ودعم الأشخاص في وضعية صعبة وضمان انخراطهم الفاعل في محيطهم السوسيو- اقتصادي وذلك من خلال مقاربة شمولية ومندمجة وجيدة الاستهداف تضع الشباب والنساء والأشخاص المسنين في صلب اهتماماتها٬ بالنظر للمكانة الخاصة التي تحظى بها هذه الفئات والصعوبات، التي تحول دون اندماجها وانخراطها الكامل في عجلة التنمية. وتتجلى المجهودات المبذولة من طرف المؤسسة في هذا المجال، من خلال عدد من المشاريع ذات الطابع الاجتماعي التي تروم٬ على الخصوص٬ تأهيل وتكوين النساء في وضعية صعبة٬ ودعم الأنشطة المدرة للدخل٬ وتوفير الحماية الاجتماعية للمرأة٬ وتنفيذ برامج لحماية الأطفال ودعم تمدرسهم٬ وتيسير اندماج الشباب عبر مراكز التكوين المهني ومختلف البنيات الاجتماعية والتربوية٬ إلى جانب التكفل بالأشخاص المسنين وتمكينهم من مختلف الخدمات الأساسية. هكذا تحظى النساء٬ لاسيما نساء القرى والمجالات الشبه حضرية٬ بالأولوية ضمن المشاريع الاجتماعية المنجزة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن٬ التي تعمل من خلال مراكز دعم القدرات النسوية المنجزة بمختلف جهات المملكة٬ على تكوين المستفيدات في مهن وأنشطة مختلفة إلى جانب تمكينهن من محاربة الأمية والاستفادة من التأطير القانوني والمواكبة النفسية٬ في إطار المقاربة المعتمدة من طرف المؤسسة٬ التي تقوم على تشجيع خيار التكوين والتأهيل، باعتبارهما آليتين للإدماج الاجتماعي والمهني. وتحقيقا للغايات نفسها المتمثلة أساسا في التخفيف من مظاهر الهشاشة الاجتماعية، والتصدي لمختلف أوجه العوز والحرمان، التي تعانيها النساء وتمكينهن من مداخيل قارة ومحترمة تتيح لهن الحصول على مستوى عيش أفضل٬ تولي المؤسسة اهتماما خاصا بالأنشطة المدرة للدخل المرصودة للنساء٬ والتي شهدت زخما غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة٬ كما يدل على ذلك إحداث العديد من البنيات الإنتاجية والمقاولات الصغرى والصغرى جدا٬ في الحواضر كما في القرى٬ لاسيما في قطاعات الفلاحة والتجارة والصناعة التقليدية. وفي مجال حماية الأطفال ودعم انخراطهم الفاعل في محيطهم الاجتماعي٬ عملت المؤسسة على تعزيز جهودها الرامية إلى دعم تمدرس هذه الشريحة الاجتماعية الحساسة ومساعدتها على الاندماج بشكل أفضل في الأوساط العائلية والمدرسية والاقتصادية٬ لاسيما من خلال إحداث مراكز لإيواء الأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع٬ على غرار المركزين المنجزين بكل من وجدة وفاس٬ وتنفيذ برنامج للمساعدة على التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي. ويشار في هذا الصدد٬ إلى أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن بذلت جهودا حثيثة في تنفيذ البرامج الوطنية الخاصة بدعم التمدرس والمشاريع المتعلقة بمساعدة أطفال المناطق ذات المناخ الشتوي القاسي (برنامج سنابل)٬ كما قامت بإعداد برنامج طموح لإنجاز مآو لفتيات وفتيان العالم القروي٬ على وجه الخصوص٬ والتي بلغ عددها 70 مأوى٬ وهي فضاءات للإيواء والتأطير ملائمة لتمدرس ناجح في المستوى الثانوي أو حتى الجامعي (دور الطالب والطالبة). من جهة أخرى٬ واعتبارا لوضعية الهشاشة والعوز التي يعيشها الكثير من الأشخاص المسنين٬ لاسيما أولئك المتخلى عنهم٬ عملت المؤسسة على إحداث عدد من البنيات الخاصة برعاية هذه الفئة٬ على غرار المراكز المنجزة بكل من تازة وكرسيف والرباط٬ والتي تتيح إيواء وإطعام وتوفير الحماية الصحية والسهر على راحة الأشخاص المسنين بدون موارد مالية ولا سند عائلي٬ إلى جانب مواكبتهم عند القيام بإجراءات المساعدة والتوجيه والإدماج الاجتماعي والاقتصادي. وسعيا إلى تأهيل الشباب للاندماج بشكل أفضل في النسيج السوسيو- مهني٬ تعرف البنيات الرامية إلى تكوين وتأهيل وتطوير قدرات الشباب٬ التي تشرف على إنجازها مؤسسة محمد الخامس للتضامن٬ وتيرة إنجاز غير مسبوقة بمختلف جهات المملكة٬ كما تشهد على ذلك المراكز العديدة التي رأت النور خلال السنوات الأخيرة٬ والتي تسعى إلى إفساح المجال أمام الشباب لتطوير مهاراتهم وصقل مواهبهم في شتى المجالات. وفي الواقع٬ يستطيع الشباب من خلال هذه البنيات المنجزة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن بشراكة مع عدد من المؤسسات٬ أهمها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل٬ الحصول على تكوينات مهنية متنوعة٬ تهم على الخصوص٬ الصناعة الميكانيكية ونجارة الألمنيوم والحدادة الفنية ونجارة الخشب وكهرباء البناء والترصيص وإصلاح التجهيزات الكهربائية المنزلية والصباغة على الزجاج وإصلاح الأحذية٬ إلى جانب الحصول على حصص للدعم في الإعلاميات والمكتبيات والرسم الموجه بالحاسوب والأنفوغرافيا التطبيقية واللغات الحية٬ بما يعكس تنوع الشعب المتاحة وارتباطها المباشر بسوق الشغل. هكذا٬ فإن الشباب يتمكنون من خلال هذه البنيات التي أضحت تحتل صدارة مرافق القرب الموجودة قيد الإنجاز أو المبرمجة على المستوى الوطني٬ الحصول على تكوينات مهنية متنوعة تمكنهم من الحصول على شهادات تؤهلهم لولوج سوق الشغل أو إحداث مقاولات خاصة صغرى ومتوسطة٬ عادة ما تحظى بدعم مؤسسة محمد الخامس للتضامن٬ من خلال إعانتهم على تخطي مراحل إرساء الوحدات الإنتاجية وتوفير أدوات التدبير والتسويق٬ إلى جانب منح الدعم التقني والمالي بمساعدة المهنيين. الأكيد أن برامج المؤسسة ذات الصبغة الاجتماعية٬ تنسجم مع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي نجحت بعد مضي زهاء ثماني سنوات على إطلاقها٬ من تحقيق نتائج ملموسة تتجلى٬ على الخصوص٬ في التخفيف من مظاهر الهشاشة الاجتماعية وتحسين مستوى عيش السكان وإحداث دينامية تنموية غير مسبوقة شملت مختلف فئات المجتمع٬ لاسيما النساء والشباب٬ الذين أضحى بوسعهم الانخراط بفعالية في عجلة التنمية عبر العديد من البرامج والمشاريع المنتجة. هكذا٬ فإن مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي ما فتئت تعطي المثال الحي على الانخراط الفاعل والمتفاعل مع الدينامية الاجتماعية التي تشهدها المملكة٬ تجسد الإطار المؤسساتي الأمثل لتدبير مختلف الأوراش الاجتماعية التي أضحى المغرب يجني أولى ثمارها٬ التي تتمثل في تحسن مستوى عيش المواطن المغربي والتخفيف الملموس من مظاهر الإقصاء والهشاشة الاجتماعية.